543
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3

فَلَمّا أبَيتُم إلَا الكِتابَ ، اشتَرَطتُ عَلَى الحَكَمَينِ أن يُحيِيا ما أحياهُ القُرآنُ ، وأن يُميتا ما أماتَ القُرآنُ ؛ فَإِن حَكَما بِحُكمِ القُرآنِ فَلَيسَ لَنا أن نُخالِفُ حُكمَ مَن حَكَمَ بِما فِي الكِتابِ ، وإن أبَيا فَنَحنُ مِن حُكمِهِما بُرَآءُ .
فَقالَ لَهُ بَعضُ الخَوارِجِ : فَخَبِّرنا أ تَراهُ عَدلاً تَحكيمَ الرِّجالِ فِي الدِّماءِ ؟
فَقالَ : إنّا لَم نُحَكِّمِ الرِّجالَ ، إنَّما حَكَّمنَا القُرآنَ ، وهذَا القُرآنُ إنَّما هُوَ خَطٌّ مَسطورٌ بَينَ دَفَّتَينِ لا يَنطِقُ ، وإنَّما يَتَكَلَّمُ بِهِ الرِّجالُ .
قالوا لَهُ : فَخَبِّرنا عَنِ الأَجَلِ ؛ لِمَ جَعَلتَهُ فيما بَينَكَ وبَينَهُم .
قالَ : لِيَتَعَلَّمَ الجاهِلُ ، ويَتَثَبَّتَ العالِمُ ، ولَعَلَّ اللّهَ أن يُصلِحَ في هذِهِ الهُدنَةِ هذِهِ الاُمَّةَ . اُدخُلوا مِصرَكُم رَحِمَكُمُ اللّهُ .
ودَخَلوا مِن عِندِ آخِرِهِم ۱ .

۲۶۰۶.الإمام عليّ عليه السلامـ لَمّا قالَ لَهُ رَجُلٌ مِن أصحابِهِ : نَهَيتَنا عَنِ الحُكومَةِ ، ثُمَّ أمَرتَنا بِها ، فَلَم نَدرِ أيُّ الأَمرَينِ أرشَدُ ؟ ـ: هذا جَزاءُ مَن تَرَكَ العُقدَةَ ! أما وَاللّهِ لَو أنّي حينَ أمَرتُكُم بِهِ حَمَلتُكُم عَلَى المَكروهِ الَّذي يَجعَلُ اللّهِ فيهِ خَيرا ، فَإِنِ استَقَمتُم هَدَيتُكُم ، وإنِ اعوَجَجتُم قَوَّمتُكُم ، وإن أبَيتُم تَدارَكتُكُم ـ لَكانَتِ الوُثقى .
ولكِن بِمَن ، وإلى من ؟ اُريدُ أن اُداوِيَ بِكُم وأنتُم دائي ؛ كَناقِشِ الشَّوكَةِ بِالشَّوكَةِ وهُوَ يَعلَمُ أنَّ ضَلعَها ۲ مَعها ! اللّهُمَّ قَد مَلَّت أطِبّاءُ هذَا الدَّاءِ الدَّوِيِّ ، وكَلَّتِ النَّزَعَةُ بِأشطانِ الرَّكِيِّ !

1.الإرشاد : ج۱ ص۲۷۰ ؛ تاريخ الطبري : ج۵ ص۶۵ عن عمارة بن ربيعة ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۹۴ كلاهما نحوه .

2.ضَلْعها : أي ميلها (النهاية : ج۳ ص۹۶) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
542

كانَ مَضى بِمَن أطاعَهُ إذ عَصاهُ مَن عَصاهُ فَقاتَلَ حَتّى يَظفَرَ أو يَهلِكَ ، إذا كانَ ذلِكَ الحَزمَ ؛ فَوَاللّهِ ، ما غَبِيَ عَن رَأيي ذلِكَ ، وإن كُنتُ لَسَخِيّا بِنَفسي عَنِ الدُّنيا ، طَيِّبَ النَّفسِ بِالمَوتِ ، ولَقَد هَمَمتُ بِالإِقدامِ عَلَى القَومِ ، فَنَظَرتُ إلى هذَينِ قَد ابتَدَراني ـ يَعنِي الحَسنَ وَالحُسينَ ـ ونَظَرتُ إلى هذَينِ قَد استَقدَماني ـ يَعني عَبدَ اللّهِ بنَ جَعفَرٍ ومُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ ـ فَعَلِمتُ أنَّ هذَينِ إن هَلَكَا انقَطَعَ نَسلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله مِن هذِهِ الاُمَّةِ ، فَكَرِهتُ ذلِكَ ، وأشفَقتُ عَلى هذَينِ أن يَهلِكا ، وقَد عَلِمتُ أن لَولا مَكاني لَم يَستَقدِما ـ يَعني مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ وعَبدَ اللّهِ بنَ جَعفَرٍ ـ وَايمُ اللّهِ ، لَئِن لَقيتُهُم بَعدَ يَومي هذا لَأَلقَيَنَّهُم ولَيسوا مَعي في عَسكَرٍ ولا دارٍ ۱ .

۲۶۰۵.الإرشاد عن الإمام عليّ عليه السلامـ في جَوابِ الخَوارِجِ المُعتَرِضينَ عَلَى التَّحكيمِ قَبلَ دُخولِ الكوفَةِ ـ: اللّهُمَّ هذا مَقامٌ مَن فَلَجَ ۲ فيهِ كانَ أولى بِالفَلجِ يَومَ القِيامَةِ ، ومَن نَطِفَ ۳ فيهِ أو غَلَّ فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أعمى وأضَلُّ سَبيلاً .
نَشَدتُكُم بِاللّهِ ! أ تَعلَمونَ أنَّهُم حينَ رَفَعُوا المَصاحِفَ ، فَقُلتُم : نُجيبُهُم إلى كِتابِ اللّهِ ، قُلتُ لَكُم : إنّي أعلَمُ بِالقَومِ مِنكُم ، إنَّهُم لَيسوا بِأَصحابِ دينٍ ولا قُرآنٍ ، إنّي صَحِبتُهُم وعَرَفتُهُم أطفالاً ورِجالاً ؛ فَكانوا شَرَّ أطفالٍ ، وشَرَّ رِجالٍ ، امضوا عَلى حَقِّكُم وصِدقِكُم ، إنَّما رَفَعَ القَومُ لَكُم هذِهِ المَصاحِفَ خَديعَةً ووَهنا ومَكيدَةً . فَرَدَدتُم عَلَيَّ رَأيي ، وقُلتُم : لا ، بَل نَقبَلُ مِنهُم . فَقُلتُ لَكُم : اُذكُروا قَولي لَكُم ومَعصِيَتَكُم إيّايَ ؟

1.تاريخ الطبري : ج۵ ص۶۰ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۹۰ ؛ وقعة صفّين : ص۵۲۹ عن عبد الرحمن بن جندب .

2.الفَلْج : الظَّفَر والفَوْز (لسان العرب : ج۲ ص۳۴۷) .

3.نَطِف الرجل : اتُّهم بريبة ، والنطف : التلطّخ بالعيب (الصحاح : ج۴ ص۱۴۳۴) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 101121
صفحه از 670
پرینت  ارسال به