549
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3

إن نَسيتَ فَلا تَنسَ أنَّ عَلِيّا بايَعَهُ الَّذينَ بايَعوا أبا بَكرٍ وعُمَرَ وعُثمانَ ، ولَيسَ فيهِ خَصلَةٌ تُباعِدُهُ مِنَ الخِلافَةِ ، ولَيسَ في مُعاوِيَةَ خَصلَةٌ تُقَرِّبُهُ مِنَ الخِلافَةِ ۱ .

۲۶۱۱.شرح نهج البلاغة :لَمّا أجمَعَ أهلُ العِراقِ عَلى طَلَبِ أبي موسى ، وأحضَروهُ لِلتَّحكيمِ عَلى كُرهٍ مِن عَلِيٍّ عليه السلام ، أتاهُ عَبدُ اللّهِ بنُ العَبّاسِ ، وعِندَهُ وُجوهُ النّاسِ وأشرافُهُم ، فَقالَ لَهُ :
يا أبا موسى ! إنَّ النّاسَ لَم يَرضَوا بِكَ ، ولَم يَجتَمِعوا عَلَيكَ لِفَضلٍ لا تُشارَكُ فيهِ ، وما أكثَرَ أشباهَكَ مِنَ المُهاجِرينَ وَالأَنصارِ واَلمُتَقَدِّمينَ قَبلَكَ ، ولكِنَّ أهلَ العِراقِ أبَوا إلّا أن يَكونَ الحَكَمُ يَمانِيّا ، ورَأَوا أنَّ مُعظَمَ أهلِ الشّامِ يَمانٍ ، وَايمُ اللّهِ إنّي لَأَظُنُّ ذلِكَ شَرّا لَكَ ولَنا ؛ فَإِنَّهُ قَد ضُمَّ إلَيكَ داهِيَةُ العَرَبِ ، ولَيسَ في مُعاوِيَةَ خَلَّةٌ يَستَحِقُّ بِهَا الخِلافَةَ ، فَإِن تَقذِف بِحَقِّكَ عَلى باطِلِهِ تُدرِك حاجَتَكَ مِنهُ ، وإن يَطمَع باطِلُهُ في حَقِّكَ يُدرِك حاجَتَهُ مِنكَ .
وَاعلَم يا أبا موسى أنَّ مُعاوِيَةَ طَليقُ الإِسلامِ ، وأنَّ أباهُ رَأسُ الأَحزابِ ، وأنَّهُ يَدَّعِي الخِلافَةَ مِن غَيرِ مَشوَرَةٍ ولا بَيعَةٍ ؛ فَإِن زَعَمَ لَكَ أنَّ عُمَرَ وعُثمانَ استَعمَلاهُ فَلَقَد صَدَقَ ؛ استَعمَلَهُ عُمَرُ ؛ وهُوَ الوالي عَلَيهِ بِمَنزِلَةِ الطَّبيبِ يَحميهِ ما يَشتَهي ، ويُوجِرُهُ ما يَكرَهُ ، ثُمَّ استَعمَلَهُ عُثمانُ بِرَأيِ عُمَرَ ، وما أكثَرَ مَنِ استَعمَلا مِمَّن لَم يَدَّعِ الخِلافَةَ .
وَاعلَم أنَّ لِعَمرٍو مَعَ كُلِّ شَيءٍ يَسُرُّكَ خَبيئا يَسوؤُكَ ومَهما نَسيتَ فَلا تَنسَ أنَّ عَلِيّا بايَعَهُ القَومُ الَّذينَ بايَعوا أبا بَكرٍ وعُمَرَ وعُثمانَ ، وأنَّها بَيعَةُ هُدىً وأنَّهُ لَم يُقاتِل إلَا العاصينَ وَالنّاكِثينَ ۲ .

1.مروج الذهب : ج۲ ص۴۰۶ .

2.شرح نهج البلاغة : ج۲ ص۲۴۶ ، ينابيع المودّة : ج۲ ص۲۲ ؛ بحار الأنوار : ج۳۳ ص۲۹۸ ح۵۵۳ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
548

فَقالَ : يا مُغيرَةُ ما تَرى ؟ قالَ : يا مُعاوِيَةُ لَو وَسِعَني أن أنصُرَكَ لَنَصَرتُكَ ، ولكِن عَلَيَّ أن آتِيَكَ بِأَمرِ الرَّجُلَينِ ، فَرَكِبَ حَتّى أتى دومَةَ الجَندَلِ ، فَدَخَلَ عَلى أبي موسى كَأَنَّهُ زائِرٌ لَهُ فَقالَ : يا أبا موسى ، ما تَقولُ فيمَنِ اعتَزَلَ هذَا الأَمرَ وكَرِهَ الدِّماءَ ؟ قالَ : اُولئِكَ خِيارُ النّاسِ ، خَفَّت ظُهورُهُم مِن دِمائِهِم ، وخَمَصَت بُطونُهُم مِن أموالِهِم ، ثُمَّ أتى عَمرا فَقالَ : يا أبا عَبدِ اللّهِ ، ما تَقولُ فيمَنِ اعتَزَلَ هذَا الأَمرَ ، وكَرِهَ هذِهِ الدِّماءَ ؟ قالَ : اُولئِكَ شِرارُ النّاسِ ؛ لَم يَعرِفوا حَقّا ، ولَم يُنكِروا باطِلاً ، فَرَجَعَ المُغيرَةُ إلى مُعاوِيَةَ فَقالَ لَهُ : قَد ذُقتُ ۱ الرَّجُلَينِ ؛ أمّا عَبدُ اللّهِ بنُ قَيسٍ فَخالِعٌ صاحِبَهُ وجاعِلُها لِرَجُلٍ لَم يَشهَد هذَا الأَمرَ ، وهَواهُ في عَبدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ ، وأمّا عَمرٌو فَهُوَ صاحِبُ الَّذي تَعرِفُ ، وقَد ظَنَّ النّاسُ أنَّهُ يَرومُها لِنَفسِهِ ، وأنَّهُ لا يَرى أنَّكَ أحَقُّ بِهذَا الأَمرِ مِنهُ ۲ .

14 / 2

وَصِيَّةُ ابنِ عَبّاسٍ لِأَبي موسى

۲۶۱۰.مروج الذهب :وفي سَنَةِ ثَمانٍ وثَلاثينَ كانَ التِقاءُ الحَكَمَينِ بِدومَةِ الجَندَلِ وقيلَ بِغَيرِها ، عَلى ما قَدَّمنا مِن وَصفِ التَّنازُعِ في ذلِكَ ، وبَعَثَ عَلِيٌّ بِعَبدِ اللّهِ بنِ العَبّاسِ ، وشُرَيحِ ابنِ هانئٍ الهَمدانِيِّ في أربَعِمِئَةِ رَجُلٍ فيهِم أبو موسَى الأَشعَرِيُّ ، وبَعَثَ مُعاوِيَةُ بِعَمرِو ابنِ العاصِ ومَعَهُ شُرَحبيلُ بنُ السِّمطِ في أربَعِمِئَةٍ ، فَلَمّا تَدانَى القَومُ مِنَ المَوضِعِ الَّذي كانَ فيهِ الاِجتِماعُ قالَ ابنُ عَبّاسٍ لِأَبي موسى :
إنَّ عَِليّا لَم يَرضَ بِكَ حَكَما لِفَضلٍ عِندَكَ ، وَالمُتَقَدِّمونَ عَلَيكَ كَثيرٌ ، وإنَّ النّاسَ أبَوا غَيرَكَ ، وإنّي لَأَظُنَّ ذلِكَ لِشَرٍّ يُرادُ بِهِم ، وقَد ضُمَّ داهِيَةُ العَرَبِ مَعَكَ .

1.ذُقْتُ ما عنده : أي خَبَرْته (لسان العرب : ج۱۰ ص۱۱۱) .

2.وقعة صفّين : ص۵۳۹ ؛ شرح نهج البلاغة : ج۲ ص۲۵۱ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 100972
صفحه از 670
پرینت  ارسال به