قُرَيشٍ ، وإنَّ مُعاوِيَةَ لَم يَبعَثكَ إلّا ثِقَةً بِكَ ، وإنَّكَ لَن تُؤتى مِن عَجزٍ ولا مَكيدَةٍ ، وقَد عَرَفتَ أن وَطَّأتُ هذَا الأَمرَ لَكَ ولِصاحبِكَ ، فَكُن عِندَ ظَنِّنا بِكَ .
ثُمَّ انصَرَفَ ، وَانصَرَفَ شُرَيحُ بنُ هانِئٍ حينَ أمِنَ أهلَ الشّامِ عَلى أبي موسى ، ووَدَّعَهُ هُوَ ووُجوهُ النّاسِ ۱ .
14 / 4
وَصِيَّةُ الأَحنَفِ بنِ قَيسٍ لِأَبي موسى
۲۶۱۳.وقعة صفّين عن الجرجاني :كانَ آخِرُ مَن وَدَّعَ أبا موسَى الأَحنَفُ بنُ قَيسٍ ، أخَذَ بِيَدِهِ ثُمَّ قالَ لَهُ : يا أبا موسى ! اِعرِف خَطبَ هذَا الأَمرِ ، وَاعلَم أنَّ لَهُ ما بَعدَهُ ، وأنَّكَ إن أضَعتَ العِراقَ فَلا عِراقَ . فَاتَّقِ اللّهَ ؛ فَإِنَّها تَجمَعُ لَكَ دُنياكَ وآخِرَتَكَ ، وإذا لقيتَ عَمرا غَدا فَلا تَبدَأهُ بِالسَّلامِ ؛ فَإِنَّها وإن كانَت سُنَّةً إلّا أنَّهُ لَيسَ مِن أهلِها ، ولا تُعطِهِ يَدَكَ ؛ فَإِنَّها أمانَةٌ ، وإيّاكَ أن يُقعِدَكَ عَلى صَدرِ الفِراشِ ؛ فَإِنَّها خُدعَةٌ ، ولا تَلقَهُ وَحدَهُ ، وَاحذَر أن يُكَلِّمَكَ في بَيتٍ فيهِ مُخدَعٌ تُخَبَّأُ فيهِ الرِّجالُ وَالشُّهودُ .
ثُمَّ أرادَ أن يَبورَ ۲ ما في نَفسِهِ لِعَلِيٍّ فَقالَ لَهُ : فَإِن لَم يَستَقِم لَكَ عَمرٌو عَلَى الرِّضا بِعَلِيٍّ فَخَيِّرهُ أن يَختارَ أهلُ العِراقِ مِن قُرَيشِ الشّامِ مَن شاؤوا ؛ فَإِنَّهُم يُوَلّونَا الخِيارَ ؛ فَنَختارُ مَن نُريدُ ، وإن أبَوا فَليَختَر أهلُ الشّامِ مِن قُرَيشِ العِراقِ مَن شاؤوا ، فَإِن فَعَلوا كانَ الأَمرُ فينا .
قالَ أبو موسى : قَد سَمِعتُ ما قُلتَ . ولَم يَتَحاشَ لِقَولِ الأَحنَفِ .
قالَ : فَرَجَعَ الأَحنَفُ فَأَتى عَلِيّا فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ! أخرَجَ وَاللّهِ أبو موسى