557
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3

14 / 8

رَأيُ الحَكَمَينِ

۲۶۲۱.تاريخ الطبري عن أبي جناب الكلبي :إنَّ عَمرا وأبا موسى حَيثُ التَقَيا بِدومَةِ الجِندَلِ ، أخَذَ عَمرٌو يُقَدِّمُ أبا موسى فِي الكَلامِ ، يَقولُ : إنَّكَ صاحِبُ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وأنتَ أسَنُّ مِنّي ، فَتَكَلَّم وأتَكَلَّمُ ؛ فَكانَ عَمرٌو قَد عَوَّدَ أبا موسى أن يُقَدِّمَهُ في كُلِّ شَيءٍ ، اغتَزى بِذلِكَ كُلِّهِ أن يُقَدِّمَهُ ، فَيَبدَأَ بِخَلعِ عَلِيٍّ . قالَ : فَنَظَرَ في أمرِهِما ومَا اجتَمَعا عَلَيهِ ، فَأَرادَهُ عَمرٌو عَلى مُعاوِيَةَ فَأَبى ، وأرادَهُ عَلَى ابنِهِ فَأَبى ، وأرادَ موسى عَمرا عَلى عَبدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ فَأَبى عَلَيهِ ، فَقالَ لَهُ عَمرٌو : خَبِّرني ما رَأيُكَ ؟ قالَ : رَأيي أن نَخلَعَ هذَينِ الرَّجُلَينِ ، ونَجعَلَ الأَمرَ شورى بَينَ المُسلِمينَ ، فَيَختارَ المُسلِمونَ لِأَنفُسِهِم مَن أحَبّوا . فَقالَ لَهُ عَمرٌو : فَإِنَّ الرَّأيَ ما رَأَيتَ .
فَأَقبَلا إلَى النّاسِ وهُم مُجتَمِعونَ ، فَقالَ : يا أبا موسى ، أعلِمهُم بِأَنَّ رَأيَنا قَد اجتَمَعَ وَاتَّفَقَ ، فَتَكَلَّمَ أبو موسى فَقالَ : إنَّ رَأيي ورَأيَ عَمرٍو قَدِ اتَّفَقَ عَلى أمرٍ نَرجو أن يُصلِحَ اللّهُ عَزَّ وجَلَّ بِهِ أمرَ هذِهِ الاُمَّةِ . فَقالَ عَمرٌو : صَدَقَ وبَرَّ ، يا أبا موسى ! تَقَدَّم فَتَكَلَّم ، فَتَقَدَّمَ أبو موسى لِيَتَكَلَّمَ ، فَقالَ لَهُ ابنُ عَبّاسٍ : وَيحَكَ ! وَاللّهِ إنّي لَأَظُنَّهُ قَد خَدَعَكَ . إن كُنتُما قَد اتَّفَقتُما عَلى أمرٍ ؛ فَقَدِّمهُ فَليَتَكَلَّم بِذلِكَ الأَمرِ قَبلَكَ ، ثُمَّ تَكَلَّم أنتَ بَعدَهُ ؛ فَإِنَّ عَمرا رَجُلٌ غادِرٌ ، ولا آمَنُ أن يَكونَ قَد أعطاكَ الرِّضا فيما بَينَكَ وبَينَهُ ، فَإِذا قُمتَ في النّاسِ خالَفَكَ ـ وكانَ أبو موسى مُغَفَّلاً ـ فَقالَ لَهُ : إنّا قَدِ اتَّفَقنا . فَتَقَدَّمَ أبو موسى فَحَمِدَ اللّهَ عَزَّ وجَلَّ وأثنى عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ :
أيُّهَا النّاسُ ! إنّا قَد نَظَرنا في أمرِ هذِهِ الاُمَّةِ فَلَم نَرَ أصلَحَ لِأَمرِها ، ولا ألَمَّ لِشَعَثِها مِن أمرٍ قَد أجمَعَ رَأيي ورَأيُ عَمرٍو عَلَيهِ ؛ وهُوَ أن نَخلَعَ عَلِيّا ومُعاوِيَةَ ، وتَستَقبِلَ هذِهِ الاُمَّةُ هذَا الأَمرَ ؛ فَيُوَلّوا مِنهُم مَن أحَبّوا عَلَيهِم ، وإنّي قَد خَلَعتُ عَلِيّا ومُعاوِيَةَ ،


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
556

۲۶۲۰.العقد الفريد عن أبي الحسنـ في ذِكرِ اجتِماعِ الحَكَمَينِ ـ: اُخلِيَ لَهُما[عَمرِو بنِ العاصِ وأبي موسى ]مَكانٌ يَجتَمِعانِ فيهِ ، فَأَمهَلَهُ عَمرُو بنُ العاصِ ثَلاثَةَ أيّامٍ ، ثُمَّ أقبَلَ إلَيهِ بِأَنواعٍ مِنَ الطَّعامِ يُشَهّيهِ بِها ، حَتّى إذَا استَبطَنَ أبو موسى ناجاهُ عَمرٌو ، فَقالَ لَهُ : يا أبا موسى ! إنَّكَ شَيخُ أصحابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ، وذو فَضلِها ، وذو سابِقَتِها ، وقَد تَرى ما وَقَعَت فيهِ هذِهِ الاُمَّةُ مِنَ الفِتنَةِ العَمياءِ الَّتي لا بَقاءَ مَعَها ، فَهَل لَكَ أن تَكونَ مَيمونَ هذِهِ الاُمَّةِ ؛ فَيَحقُنُ اللّهُ بِكَ دِماءَها ؛ فَإِنَّهُ يَقولُ في نَفسٍ واحِدَةٍ : «وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعا»۱ ، فَكَيفَ بِمَن أحيا أنفُسَ هذَا الخَلقِ كُلِّهِ !
قالَ لَهُ : وكَيفَ ذلِكَ ؟ قالَ : تَخلَعُ أنتَ عَلِيَّ بنَ أبي طالِبٍ ، وأخلَعُ أنَا مُعاوِيَةَ بنَ أبي سُفيانَ ، ونَختارُ لِهذِهِ الاُمَّةِ رَجُلاً لَم يَحضُر في شَيءٍ مِنَ الفِتنَةِ ، ولَم يَغمِس يَدَهُ فيها .
قالَ لَهُ : ومَن يَكونَ ذلِكَ ؟ ـ وكانَ عَمرُو بنُ العاصِ قَد فَهِمَ رَأيَ أبي موسى في عَبدِ اللّهِ بنِ عُمَرَ ـ فَقالَ لَهُ : عَبدُ اللّهِ بنُ عُمَرَ . فَقالَ : إنَّهُ لَكَما ذَكَرتَ ، ولكِن كَيفَ لي بِالوَثيقَةِ مِنكَ ؟
فَقالَ لَهُ : يا أبا موسى ، «أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَـئِنُّ الْقُلُوبُ »۲ ، خُذ مِنَ العُهودِ وَالمَواثيقِ حَتّى تَرضى .
ثُمَّ لَم يُبقِ عَمرُو بنُ العاصِ عَهدا ولا مَوثِقا ولا يَمينا مُؤَكَّدَةً حَتّى حَلَفَ بِها ، حَتّى بَقِيَ الشَّيخُ مَبهوتا ، وقالَ لَهُ : قَد أحبَبتُ ۳ .

1.المائدة : ۳۲ .

2.الرعد : ۲۸ .

3.العقد الفريد : ج۳ ص۳۴۰ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 117200
صفحه از 670
پرینت  ارسال به