631
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3

قالَ : فَأَقبَلَ عَلَيهِمُ ابنُ عَبّاسٍ ، حَتّى إذا أشرَفَ عَلَيهِم ونَظَروا إلَيهِ ناداهُ بَعضُهُم وقالَ : وَيلَكَ يَابنَ عَبّاسٍ ، أكَفَرتَ بِرَبِّكَ كَما كَفَرَ صاحِبُكَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ ؟
فَقالَ ابنُ عَبّاسٍ : إنّي لا أستَطيعُ أن اُكَلِّمَكُم كُلَّكُم ، ولكِنِ انظُروا أيُّكُم أعلَمُ بِما يَأتي ويَذَرُ فَليَخرُج إلَيَّ ؛ حَتّى اُكَلِّمَهُ .
قالَ : فَخَرَجَ إلَيهِ رَجُلٌ مِنهُم يُقالُ لَهُ : عَتّابُ بنُ الأَعوَرِ الثَّعلَبِيُّ حَتّى وَقَفَ قُبالَتَهُ ـ وكَأَنَّ القُرآنَ إنَّما كانَ مُمَثَّلاً بَينَ عَينَيهِ ـ فَجَعَلَ يَقولُ ويَحتَجُّ ويَتَكَلَّمُ بِما يُريدُ ، وابنُ عَبّاسٍ ساكِتٌ لا يُكَلِّمُهُ بِشَيءٍ ، حَتّى إذا فَرَغَ مِن كَلامِهِ أقبَلَ عَلَيهِ ابنُ عَبّاسٍ فَقالَ : إنّي اُريدُ أن أضرِبَ لَكَ مَثلاً ، فَإِن كُنتَ عاقِلاً فَافهَم .
فَقالَ الخارِجِيُّ : قُل ما بَدا لَكَ .
فَقالَ لَهُ ابنُ عَبّاسٍ : خَبِّرني عَن دارِ الإِسلامِ هذِهِ هَل تَعلَمُ لِمَن هِيَ ، ومَن بَناها ؟
فَقالَ الخارِجِيُّ : نَعَم ، هِيَ للّهِِ عَزَّ وجَلَّ ، وهُوَ الَّذي بَناها عَلى أنبِيائِهِ وأهلِ طاعَتِهِ ، ثُمَّ أمَرَ مَن بَعَثَهُ إلَيها مِنَ الأَنبِياءِ أن يَأمُرُوا الاُمَمَ أن لا تَعبُدوا إلّا إيّاهُ ، فَآمَنَ قَومٌ ، وكَفَرَ قَومٌ ، وآخِرُ مَن بَعَثَهُ إلَيها مِنَ الأَنبِياءِ مُحَمَدٌ صلى الله عليه و آله .
فَقالَ ابنُ عَبّاسٍ : صَدَقتَ . ولكِن خَبِّرني عَن مُحَمَّدٍ حينَ بُعِثَ إلى دارِ الإِسلامِ فَبَناها ـ كَما بَناها غَيرُهُ مِنَ الأَنبِياءِ ـ هَل أحكَمَ عِمارَتَها ، وبَيَّنَ حُدودَها ، وأوقَفَ الاُمَّةَ عَلى سُبُلِها وعَمَلِها وشَرائِعِ أحكامِها ومَعالِمِ دينِها ؟
قالَ الخارِجِيُّ : نَعَم ، قَد فَعَلَ مُحَمَّدٌ ذلِكَ .
قالَ ابنُ عَبّاسٍ : فَخَبِّرنِي الآنَ عَن مُحَمَّدٍ هَل بَقِيَ فيها ، أو رَحَلَ عَنها ؟
قالَ الخارِجِيُّ : بَل رَحَلَ عَنها .
قالَ ابنُ عَبّاسٍ : فَخَبِّرني رَحَلَ عَنها وهِيَ كامِلَةُ العِمارَةِ بَيِّنَةُ الحُدودِ ، أم رَحَلَ عَنها وهِي خَرِبَةٌ لا عُمرانَ فيها ؟


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
630

فَقالَ لَهُ عَلِيٌّ : لَو كُنتَ مُحِقّا كانَ فِي المَوتِ عَلَى الحَقِّ تَعزِيَةٌ عَنِ الدُّنيا ، إنَّ الشَّيطانَ قَد استَهواكُم ، فَاتَّقُوا اللّهَ عَزَّ وجَلَّ ، إنَّهُ لا خَيرَ لَكُم في دُنيا تُقاتِلونَ عَلَيها .
فَخَرَجا مِن عِندِهِ يُحَكِّمانِ ۱ .

3 / 3

إشخاصُ عَبدِ اللّهِ بنِ عَبّاسٍ إليهِم

۲۶۶۸.الإمام عليّ عليه السلامـ مِن وَصِيَّتِهِ لِعَبدِ اللّهِ بنِ العَبّاسِ لَمّا بَعَثَهُ لِلاِحتِجاجِ عَلَى الخَوارِجِ ـ: لا تُخاصِمهُم بِالقُرآنِ ؛ فَإِنَّ القُرآنَ حَمّالٌ ذو وُجوهٍ ؛ تَقولُ ويَقولونَ ، ولكِن حاجِجهُم بِالسُّنَّةِ ، فَإِنَّهُم لَن يَجِدوا عَنها مَحيصا ۲ .

۲۶۶۹.الفتوحـ في ذِكرِ ابتِداءِ أخبارِ الخَوارِجِ مِنَ الشُّراةِ وخُروجِهِم عَلى عَلِيٍّ عليه السلام ـ: بَينا عَلِيٌّ كَرَّمَ اللّهُ وَجهَهُ مُقيمٌ بِالكوفَةِ يَنتَظِرُ انقِضاءَ المُدَّةِ الّتي كانَت بَينَهُ وبَينَ مُعاوِيَةَ ثُمَّ يَرجِعُ إلى مُحارَبَةِ أهلِ الشّامِ ، إذ تَحَرَّكَت طائِفَةٌ مِن خاصَّةِ أصحابِهِ في أربَعَةِ آلافِ فارِسٍ ، وهُم مِنَ النُّسّاكِ العُبّادِ أصحابِ البَرانِسِ ، فَخَرَجوا عَنِ الكوفَةِ وتَحَزَّبوا ، وخالَفوا عَلِيّا كَرَّمَ اللّهُ وَجهَهُ وقالوا : لا حُكمَ إلّا للّهِِ ، ولا طاعَةَ لِمَن عَصَى اللّهَ .
قالَ : وَانحازَ إلَيهِم نَيِّفٌ عَن ثَمانِيَةِ آلافِ رَجُلٍ مِمَّن يَرى رَأيَهُم . قالَ : فَصارَ القَومُ فِي اثنَي عَشَرَ ألفا ، وساروا حَتّى نَزَلوا بِحَرَوراءَ ، وأمَّروا عَلَيهِم عَبدَ اللّهِ بنَ الكَوّاءِ .
قالَ : فَدَعا عَلِيٌّ رضى الله عنه بِعَبدِ اللّهِ بنِ عَبّاسٍ ، فَأَرسَلَهُ إلَيهِم ، وقالَ : يَابنَ عَبّاسٍ امضِ إلى هؤُلاءِ القَومِ فَانظُر ما هُم عَلَيهِ ، ولِماذَا اجتَمَعوا .

1.تاريخ الطبري : ج۵ ص۷۲ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۹۸ وليس فيه من «لو كنت محقّاً» إلى «تقاتلون عليها» ، أنساب الأشراف : ج۳ ص۱۲۹ عن الزهري ؛ المناقب لابن شهر آشوب : ج۳ ص۱۸۸ كلاهما نحوه .

2.نهج البلاغة : الكتاب ۷۷ ، بحار الأنوار : ج۲ ص۲۴۵ ح۵۶ ؛ ربيع الأبرار : ج۱ ص۶۹۱ وفيه «خاصِمهم» بدل «حاجِجهم» .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 100940
صفحه از 670
پرینت  ارسال به