دارِ الإِسلامِ .
قالَ : فَدُلَّني عَلَى السَّعيِ في ذلِكَ .
قالَ ابنُ عَبّاسٍ : إنَّ أوَّلَ ما يَجِبُ عَلَيكَ في ذلِكَ أن تَعلَمَ مَن سَعى في خَرابِ هذِهِ الدّارِ فَتُعادِيَهُ ، وتَعلَمَ مَن يُريدُ عِمارَتَها فَتُوالِيَهُ .
قالَ : صَدَقتَ يَابنَ عَبّاسٍ ، وَاللّهِ ما أعرِفُ أحَدا في هذَا الوَقتِ يُحِبُّ عِمارَةَ دارِ الإِسلامِ غَيرَ ابنِ عَمِّكَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ لَولا أنَّهُ حَكَّمَ عَبدَ اللّهِ بنَ قَيسٍ في حَقٍّ هُوَ لَهُ .
قالَ ابنُ عَبّاسٍ : وَيحَكَ يا عَتّابُ ، إنّا وَجَدنَا الحُكومَةَ في كِتابِ اللّهِ عَزَّ وجَلَّ ؛ إنَّهُ قالَ تَعالى : «فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَآ إِن يُرِيدَآ إِصْلَـحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَآ»۱ ، وقالَ تَعالى : «يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ»۲ .
قالَ : فَصاحَتِ الخَوارِجُ مِن كُلِّ ناحِيَةٍ وقالوا : فَكَأَنَّ عَمرَو بنَ العاصِ عِندَكَ مِن العُدولِ ، وأنتَ تَعلَمُ أنَّهُ كانَ فِي الجاهِلِيَّةِ رَأسا ، وفِي الإِسلامِ ذَنبَا ، وهُوَ الأَبتَرُ ابنُ الأَبتَرِ ، مِمَّن قاتَلَ مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله ، وفَتَنَ اُمَّتَهُ مِن بَعدِهِ !
قالَ : فَقالَ ابنُ عَبّاسٍ : يا هؤُلاءِ ! إنَّ عَمرَو بنَ العاصِ لَم يَكُن حَكَماً ، أفَتَحتَجّونَ بِهِ عَلَينا ؟ إنَّما كانَ حَكَما لِمُعاوِيَةَ ، وقَد أرادَ أميرُ المُؤمِنينَ عَلِيٌّ رضى الله عنه أن يَبعَثَني أنَا فَأَكونَ لَهُ حَكَما ، فَأَبَيتُم عَلَيهِ وقُلتُم : قَد رَضينا بِأَبي موسَى الأَشعَرِيِّ ، وقَد كانَ أبو موسى ـ لَعَمري ـ رَضِيَ في نَفسِهِ وصُحبَتِهِ وإسلامِهِ وسابِقَتِهِ ، غَيرَ أنَّهُ خُدِعَ فَقالَ ما قالَ ، ولَيس يَلزَمُنا مِن خَديعَةِ عَمرِو بنِ العاصِ لِأَبي موسى ، فَاتَّقوا رَبَّكُم ، وَارجِعوا إلى ما كُنتُم عَلَيهِ مِن طاعَةِ أميرِ المُؤمِنينَ ، فَإِنَّهُ وإن كانَ قاعِدا عَن طَلَب