633
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3

دارِ الإِسلامِ .
قالَ : فَدُلَّني عَلَى السَّعيِ في ذلِكَ .
قالَ ابنُ عَبّاسٍ : إنَّ أوَّلَ ما يَجِبُ عَلَيكَ في ذلِكَ أن تَعلَمَ مَن سَعى في خَرابِ هذِهِ الدّارِ فَتُعادِيَهُ ، وتَعلَمَ مَن يُريدُ عِمارَتَها فَتُوالِيَهُ .
قالَ : صَدَقتَ يَابنَ عَبّاسٍ ، وَاللّهِ ما أعرِفُ أحَدا في هذَا الوَقتِ يُحِبُّ عِمارَةَ دارِ الإِسلامِ غَيرَ ابنِ عَمِّكَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ لَولا أنَّهُ حَكَّمَ عَبدَ اللّهِ بنَ قَيسٍ في حَقٍّ هُوَ لَهُ .
قالَ ابنُ عَبّاسٍ : وَيحَكَ يا عَتّابُ ، إنّا وَجَدنَا الحُكومَةَ في كِتابِ اللّهِ عَزَّ وجَلَّ ؛ إنَّهُ قالَ تَعالى : «فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَآ إِن يُرِيدَآ إِصْلَـحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَآ»۱ ، وقالَ تَعالى : «يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ»۲ .
قالَ : فَصاحَتِ الخَوارِجُ مِن كُلِّ ناحِيَةٍ وقالوا : فَكَأَنَّ عَمرَو بنَ العاصِ عِندَكَ مِن العُدولِ ، وأنتَ تَعلَمُ أنَّهُ كانَ فِي الجاهِلِيَّةِ رَأسا ، وفِي الإِسلامِ ذَنبَا ، وهُوَ الأَبتَرُ ابنُ الأَبتَرِ ، مِمَّن قاتَلَ مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله ، وفَتَنَ اُمَّتَهُ مِن بَعدِهِ !
قالَ : فَقالَ ابنُ عَبّاسٍ : يا هؤُلاءِ ! إنَّ عَمرَو بنَ العاصِ لَم يَكُن حَكَماً ، أفَتَحتَجّونَ بِهِ عَلَينا ؟ إنَّما كانَ حَكَما لِمُعاوِيَةَ ، وقَد أرادَ أميرُ المُؤمِنينَ عَلِيٌّ رضى الله عنه أن يَبعَثَني أنَا فَأَكونَ لَهُ حَكَما ، فَأَبَيتُم عَلَيهِ وقُلتُم : قَد رَضينا بِأَبي موسَى الأَشعَرِيِّ ، وقَد كانَ أبو موسى ـ لَعَمري ـ رَضِيَ في نَفسِهِ وصُحبَتِهِ وإسلامِهِ وسابِقَتِهِ ، غَيرَ أنَّهُ خُدِعَ فَقالَ ما قالَ ، ولَيس يَلزَمُنا مِن خَديعَةِ عَمرِو بنِ العاصِ لِأَبي موسى ، فَاتَّقوا رَبَّكُم ، وَارجِعوا إلى ما كُنتُم عَلَيهِ مِن طاعَةِ أميرِ المُؤمِنينَ ، فَإِنَّهُ وإن كانَ قاعِدا عَن طَلَب

1.النساء : ۳۵ .

2.المائدة : ۹۵ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
632

قالَ الخارِجِيُّ : بَل رَحَلَ عَنها وهِيَ كامِلَةُ العِمارَةِ ، بَيِّنَةُ الحُدودِ ، قائِمَةُ المَنارِ .
قالَ ابنُ عَبّاسٍ : صَدَقتَ الآنَ ، فَخَبِّرني هَل كانَ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله أحَدٌ يَقومُ بِعِمارَةِ هذِهِ الدّارِ مِن بَعدِهِ أم لا ؟
قالَ الخارِجِيُّ : بَلى ، قَد كانَ لَهُ صَحابَةٌ وأهلُ بَيتٍ ووَصِيٌّ وذُرِّيَّةٌ يَقومونَ بِعِمارَةِ هذِهِ الدّارِ مِن بَعدِهِ .
قالَ ابنُ عَبّاسٍ : فَفَعَلوا أم لَم يَفعَلوا ؟
قالَ الخارِجِيُّ : بَلى ، قَد فَعَلوا وعَمَّروا هذِهِ الدّارَ مِن بَعدِهِ .
قالَ ابنُ عَبّاسٍ : فَخَبِّرنِي الآنَ عَن هذِهِ الدّارِ مِن بَعدِهِ هَل هِيَ اليَومَ عَلى ما تَرَكَها مُحَمَّدٌ صلى الله عليه و آله مِن كَمالِ عِمارَتِها وقِوامِ حُدودِها ، أم هِيَ خَرِبَةٌ عاطِلَةُ الحُدودِ ؟
قالَ الخارِجِيُّ : بَل هِيَ عاطِلَةُ الحُدودِ خَرِبَةٌ .
قالَ ابنُ عَبّاسِ : أفَذُرِّيَّتُهُ وَلِيَت هذِهِ الخَرابَ ، أم اُمَّتُهُ ؟
قالَ : بَل اُمَّتُهُ .
قالَ : قالَ ابنُ عَبّاسٍ : أفَأَنتَ مِنَ الاُمَّةِ أو مِنَ الذُّرِّيَّةِ ؟
قالَ : أنَا مِنَ الاُمَّةِ .
قالَ ابنُ عَبّاسٍ : يا عَتّابُ فَخَبِّرنِي الآنَ عَنكَ كَيفَ تَرجُو النَّجاةَ مِنَ النّارِ وأنتَ مِن اُمَّةٍ قَد أخرَبَت دارَ اللّهِ ودارَ رَسولِهِ ، وعَطَّلَت حُدودَها ؟
فَقالَ الخارِجِيُّ : إنّا للّهِِ وإنّا إلَيهِ راجِعونَ ، وَيحَكَ يَابنَ عَبّاسٍ ! احتَلتَ وَاللّهِ حَتّى أوقَعتَني في أمرٍ عَظيمٍ ، وألزَمتَنِي الحُجَّةَ ، حَتّى جَعَلتَني مِمَّن أخرَبَ دارَ اللّهِ . ولكِن وَيحَكَ يَابنَ عَبّاسٍ فَكَيفَ الحيلَةُ فِي التَّخليصِ مِمّا أنَا فيهِ ؟
قالَ ابنُ عَبّاسٍ : الحيلَةُ في ذلِكَ أن تَسعى في عِمارَةِ ما أخرَبَتهُ الاُمَّةُ مِن

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 101148
صفحه از 670
پرینت  ارسال به