639
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3

بَينَهُ وبَينَ مُعاوِيَةَ ، وذَكَرَ اليَومَ الَّذي رُفِعَت فيهِ المَصاحِفُ ، وكَيفَ اتَّفَقوا عَلَى الحَكَمَينِ ، ثُمَّ قالَ لَهُ عَلِيٌّ : وَيحَكَ يَابنَ الكَوّاءِ ، أ لَم أقُل لَكُم في ذلِكَ اليَومِ الَّذي رُفِعَت فيهِ المَصاحِفُ : كَيفَ أهلُ الشّامِ يُريدونَ أن يَخدَعوكُم بِها ؟ أ لَم أقُل لَكُم بِأَنَّهُم قَد عَضَّهُمُ السِّلاحُ وكاعوا ۱ عَنِ الحَربِ ، فَذَروني اُناجِزهُم ، فَأَبَيتُم عَلَيَّ وقُلتُم : إنَّ القَومَ قَد دَعَونا إلى كِتابِ اللّهِ عَزَّ وجَلَّ فَأَجِبهُم إلى ذلِكَ ، وإلّا لَم نُقاتِل مَعَكَ ، وإلّا دَفَعناكَ إلَيهِم ! فَلَمّا أجَبتُكُم إلى ذلِكَ وأرَدتُ أن أبعَثَ ابنَ عَمّي عَبدَ اللّهِ بنَ عَبّاسٍ لِيكَونَ لي حَكَما ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ لا يَبتَغي بِشَيءٍ مِن عَرَضِ هذِهِ الدُّنيا ولا يَطمَعُ أحَدٌ مِن النّاسِ في خَديعَتِهِ ، فَأَبى عَلَيَّ مِنكُم مَن أبى ، وجِئتُموني بِأَبي موسَى الأَشعَرِيِّ وقُلتُم : قَد رَضينا بِهذا . فَأَجَبتُكُم إلَيهِ وأنا كارِهٌ ، ولَو أصَبتُ أعوانا غَيرَكُم في ذلِكَ الوَقتِ لَما أجَبتُكُم . ثُمَّ إنِّي اشتَرَطتُ عَلَى الحَكَمَينِ بِحَضرَتِكُم أن يَحكُما بِما أنزَلَ اللّهُ مِن فاتِحَتِهِ إلى خاتِمَتِهِ أو السُّنَّةِ الجامِعَةِ ، فَإِن هُما لَم يَفعَلا ذلِكَ فَلا طاعَةَ لَهُما عَلَيَّ ، أكانَ ذلِكَ أم لَم يَكُن ؟
فَقالَ ابنُ الكَوّاءِ : صَدَقتَ ، قَد كانَ هذا بِعَينِهِ ، فَلِمَ لا تَرجِعُ إلى حَربِ القَومِ إذ قَد عَلِمتَ إنَّ الحَكَمَينِ لَم يَحكُما بِالحَقِّ، وأنَّ أحَدَهُما خَدَعَ صاحِبَهُ ؟
فَقالَ عَلِيٌ : إنَّهُ لَيسَ إلى حَربِ القَومِ سَبيلٌ إلَى انقِضاءِ المُدَّةِ الَّتي ضُرِبَت بَيني وبَينَهُم .
قالَ ابنُ الكَوّاءِ : فَأَنتَ مُجمِعٌ عَلى ذلِكَ ؟
قالَ : وهَل يَسَعُني إلّا ذلِكَ ؟ اُنظُر يَابنَ الكَوّاءِ أنّي أصَبتُ أعوانا وأقعُدُ عَن حَقّي ؟

1.كاعَ : جبُن (لسان العرب : ج۸ ص۳۱۷) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
638

رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله أخطَأَ في تَحكيمِ سَعدٍ في بَني قُرَيظَةَ ؟ ! وأيُّهُم عِندَكُم أوجَبُ أن يُحكَمَ فيهِ : أمرُ ما بَينَ رَجُلٍ وبَينَ امرَأَتِهِ ، أو جزاءُ صَيدٍ يُصيبُهُ مُحرِمٌ ، أوِ الحُكمُ في اُمَّةٍ قَدِ اختَلَفَت وقَتَلَ بَعضُها بَعضا ؛ لِيَرجِعَ مِنها إلى حُكمِ الكِتابِ مَن خالَفَهُ ، فَتُحقَنَ دِماءُ الاُمَّةِ ويُلَمَّ شَعَثُها ؟
فَقالَ لَهُمُ ابنُ الكَوّاءِ : دَعوا ما يَقولُ هذا وأصحابُهُ ، وأقبِلوا عَلى ما أنتُم عَلَيهِ ؛ فَإِنَّ اللّهَ عَزَّ وجَلَّ قَد أخبَرَ أنَّ هؤُلاءِ قَومٌ خَصِمونَ ۱ .

3 / 4

خُروجُ الإِمامِ إلى حَرَوراءَ وتَوبَةُ جَماعَةٍ مِنَ الخَوارِجِ

۲۶۷۵.الفتوحـ بَعدَ ذِكرِ رُجوعِ عَبدِ اللّهِ بنِ عَبّاسٍ مِن حَرَوراءَ وإخبارِهِ الإِمامَ بِما جَرى بَينَهُ وبَينَ الخَوارِجِ ـ: رَكِبَ عَلِيٌّ إلَى القَومِ في مِئَةِ رَجُلٍ مِن أصحابِهِ ، حَتّى وافاهُم بِحَرَوراءَ ، فَلَمّا بَلَغَ ذلِكَ الخَوارِجَ رَكِبَ عَبدُ اللّهِ بنُ الكَوّاءِ في مِئَةِ رَجُلٍ مِن أصحابِهِ حَتّى واقَفَهُ .
فَقالَ لَهُ عَلِيٌّ : يَابنَ الكَوّاءِ إنَّ الكَلامَ كَثيرٌ ، ابرُز إلَيَّ مِن أصحابِكَ حَتّى أُكَلِّمَكَ . قالَ ابنُ الكَوّاءِ : وأنَا آمِنٌ مِن سَيفِكَ .
قالَ عَلِيٌّ : نَعَم ، وأنتَ آمِنٌ مِن سَيفي .
قالَ : فَخَرَجَ ابنُ الكَوّاءِ في عَشَرَةٍ مِن أصحابِهِ ودَنَوا مِن عَلِيٍّ رضى الله عنه . قالَ : وذَهَبَ ابنُ الكَوّاءِ لِيَتَكَلَّمَ فَصاحَ بِهِ رَجُلٌ مِن أصحابِ عَلِيٍّ وقالَ : اُسكُت ؛ حَتّى يَتَكَلَّمَ مَن هُوَ أحَقُّ بِالكَلامِ مِنكَ .
قالَ : فَسَكَتَ ابنُ الكَوّاءِ ، وتَكَلَّمَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ ، فَذَكَرَ الحَربَ الَّذي كان

1.شرح الأخبار : ج۲ ص۴۶ ح۴۱۳ وراجع تاريخ دمشق : ج۴۲ ص۴۶۶ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 100926
صفحه از 670
پرینت  ارسال به