99
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3

و كَتَبَ إلَى الزُّبَيرِ :
أمّا بَعدُ ؛ فَإِنَّكَ الزُّبَيرُ بنُ العَوّامِ بنِ أبي خَديجَةَ ، وَابنُ عَمَّةِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وحَوارِيُّهُ وسَلَفُهُ ، وصِهرُ أبي بَكرٍ ، وفارِسُ المُسلِمينَ ، وأَنتَ الباذِلُ فِي اللّهِ مُهجَتَهُ بِمَكَّةَ عِندَ صَيحَةِ الشَّيطانِ ، بَعَثَكَ المُنبَعِثُ فَخَرَجتَ كَالثُّعبانِ المُنسَلِخِ بِالسَّيفِ المُنصَلِتِ ، تَخبِطُ خَبطَ الجَمَلِ الرَّديعِ ۱ ، كُلُّ ذلِكَ قُوَّةُ إيمانٍ وصِدقُ يَقينٍ ، وسَبَقَت لَكَ مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله البِشارَةُ بِالجَنَّةِ ، وجَعَلَكَ عُمَرُ أحَدَ المُستَخلَفينَ عَلَى الاُمَّةِ .
وَاعلَم يا أبا عَبدِ اللّهِ ، أنَّ الرَّعِيَّةَ أصبَحَت كَالغَنَمِ المُتَفَرِّقَةِ لِغَيبَةِ الرّاعي ، فَسارِع رَحِمَكَ اللّهُ إلى حَقنِ الدِّماءِ ، ولَمِّ الشَعَثِ ، وجَمعِ الكَلِمَةِ ، وصَلاحِ ذَاتِ البَينِ قَبلَ تَفاقُمِ الأَمرِ ، وَانتِشارِ الاُمَّةِ ؛ فَقَد أصبَحَ النّاسُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ عَمّا قَليلٍ يَنهارُ إن لَم يُرأَب ۲ ، فَشَمِّر لِتَأليفِ الاُمَّةِ ، وَابتَغِ إلى رَبِّكَ سَبيلاً ، فَقَد أحكَمتُ الأَمرَ عَلى مَن قِبَلي لَكَ ولِصاحِبِكَ ، عَلى أنَّ الأَمرَ لِلمُقدَّمِ ، ثُمَّ لِصاحِبِهِ مِن بَعدِهِ ، جَعَلَكَ اللّهُ مِن أئِمَّةِ الهُدى ، وبُغاةِ الخَيرِ وَالتَّقوى ، وَالسَّلامُ ۳ .

۲۰۹۸.شرح نهج البلاغة :بَعَثَ [مُعاوِيَةُ] رَجُلاً مِن بَني عُمَيسٍ ، وكَتَبَ مَعَهُ كِتابا إلَى الزُّبَيرِ بنِ العَوّامِ وفيهِ : بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، لِعَبدِ اللّهِ الزُبَيرِ أميرِ المُؤمِنينَ مِن مُعاوِيَةَ بنِ أبي سُفيانَ ، سَلامٌ عَلَيكَ . أمّا بَعدُ ؛ فَإِنّي قَد بايَعتُ لَكَ أهلَ الشّامِ ، فَأَجابوا وَاستَوسَقوا ۴ كَما يَستَوسِقُ الجَلَبُ ۵ ، فَدونَكَ الكوفَةَ والبَصرَةَ ، لا يَسبِقكَ إلَيها ابنُ أبي طالِبٍ ؛ فَإِنَّه لا شَيءَ بَعدَ هذَينِ المِصرَينِ .
وقَد بايَعتُ لِطَلحَةَ بنِ عُبَيدِ اللّهِ مِن بَعدِكَ ، فَأَظهِرَا الطَّلَبَ بِدَمِ عُثمانَ ، وَادعُوَا

1.أي المردوع ؛ من رَدَعه إذا كفّه (هامش المصدر) .

2.الرَّأْب : الجمع والشدّ برفق (النهاية : ج۲ ص۱۷۶) .

3.شرح نهج البلاغة : ج۱۰ ص۲۳۳ .

4.أي اجتمعوا على الطاعة (اُنظر النهاية : ج۵ ص۱۸۵) .

5.الجَلَب : ما جُلِب من خيل وإبل ومتاع (لسان العرب : ج۱ ص۲۶۸) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
98

وَاليَمَنَ ، ولاشَكَّ أنَّكُما تابِعاهُ إن لَم تَحذَرا ، وأَمّا أنَا فَمُساعِفٌ كُلَّ مُستَشيرٍ ، ومُعينٌ كُلَّ مُستَصرِخٍ ، ومُجيبٌ كُلَّ داعٍ ، أتَوَقَّعُ الفُرصَةَ فَأَثِبُ وَثبَةَ الفَهدِ أبصَرَ غَفلَةَ مُقتَنَصِهِ ، ولَولا مَخافَةُ عَطَبِ البَريدِ وضَياعِ الكُتُبِ لَشَرَحتُ لَكُما مِنَ الأَمرِ ما لا تَفزَعانِ مَعَهُ إلى أن يَحدُثَ الأَمرُ ، فَجِدّا في طَلَبِ ما أنتُما وَلِيّاهُ ، وعَلى ذلِكَ فَليَكُنِ العَمَلُ إن شاءَاللّهُ . . . .
فَلَمّا وَرَدَ الكِتابُ عَلى مُعاوِيَةَ أذَّنَ فِي النّاسِ الصَّلاةَ جامِعَةً ، ثُمَّ خَطَبَهُم خُطبَةَ المُستَنصِرِ المُستَصرِخِ ، وفي أثناءِ ذلِكَ وَرَدَ عَلَيهِ قَبلَ أن يَكتُبَ الجَوابَ كِتابُ مَروانَ بِقَتلِ عُثمانَ . . . .
فَلَمّا وَرَدَ الكِتابُ عَلى مُعاوِيَةَ أمَرَ بِجَمعِ النّاسِ ، ثُمَّ خَطَبَهُم خُطبَةً أبكى مِنهَا العُيونَ ، وقَلقَلَ القُلوبَ ، حَتّى عَلَتِ الرَّنَّةُ ، وَارتَفَعَ الضَّجيجُ ، وهَمَّ النِّساءُ أن يَتَسَلَّحنَ .
ثُمَّ كَتَبَ إلى طَلحَةَ بنِ عُبَيدِ اللّهِ ، وَالزُّبَيرِ بنِ العَوّامِ ، وسَعيدِ بنِ العاصِ ، وعَبدِ اللّهِ بنِ عامِرِ بنِ كُرَيزٍ ، وَالوَليدِ بنِ عُقبَةَ ، ويَعلَى بنِ مُنيَةَ ؛ وهُوَ اسمُ اُمِّهِ ، وإنَمَّا اسمُ أبيهِ اُمَيَّةُ .
فَكانَ كِتابُ طَلحَةَ :
أمّا بَعدُ ؛ فَإِنَّكَ أقَلُّ قُرَيشٍ في قُرَيشٍ وِترا ، مَعَ صَباحَةِ وَجهِكَ ، وسَماحَةِ كَفِّكَ ، وفَصاحَةِ لِسانِكَ ؛ فَأَنتَ بِإزاءِ مَن تَقَدَمَّكَ فِي السّابِقَةِ ، وخامِسُ المُبَشَّرينَ بِالجَنَّةِ ، ولَكَ يومُ أُحُدٍ وشَرَفُهُ وفَضلُهُ ، فَسارِع رَحِمَكَ اللّهُ إلى ما تُقَلِّدُكَ الرَّعِيَّةُ مِن أمرِها مِمّا لا يَسَعُكَ التَّخَلُّفَ عَنهُ ، ولا يَرضَى اللّهُ مِنكَ إلّا بِالقِيامِ بِهِ ، فَقَد أحكَمتُ لَكَ الأمرَ قِبَلي ، وَالزُّبَيرُ فَغَيرُ مُتَقَدِّمٍ عَلَيكَ بِفَضلٍ ، وأَيُّكُما قَدَّمَ صاحِبَهُ فَالمُقَدَّمُ الإِمامُ، وَالأَمرُ مِن بَعدِهِ لِلمُقَدِّمِ لَهُ ، سَلَكَ اللّهُ بِكَ قَصدَ المُهتَدينَ ، ووَهَبَ لَكَ رُشدَ المُوَفَّقينَ ، وَالسَّلامُ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 3
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 101138
صفحه از 670
پرینت  ارسال به