الفصل الرابع : عزم الإمام على قتال معاوية ثانيا
4 / 1
خُطبَةُ الإِمامِ قَبلَ المَسيرِ إلَى الشّامِ
۲۶۹۱.تاريخ الطبري عن عبد الملك بن أبي حرّة :لَمّا خَرَجَتِ الخَوارِجُ وهَرَبَ أبو موسى إلى مَكَّةَ ورَدَّ عَلِيٌّ ابنَ عَبّاسٍ إلى البَصرَةِ ، قامَ فِي الكوفَةِ فَخَطَبَهُم ، فَقالَ :
الحَمدُ للّهِِ وإن أتَى الدَّهرُ بِالخَطبِ الفادِحِ ، وَالحَدَثانِ الجَليلِ ، وأشهَدُ أن لا إلهَ إلَا اللّهُ ، وأنَّ مُحَمَّدا رَسولُ اللّهِ .
أمّا بَعدُ ، فَإِنَّ المَعصِيَةَ تورِثُ الحَسرَةَ ، وتُعقِبُ النَّدَمَ ، وقَد كُنتُ أمَرتُكُم في هذَينِ الرَّجُلَينِ وفي هذِهِ الحُكومَةِ أمري ، ونَحَلتُكُم رَأيي ، لَو كانَ لِقَصيرٍ أمرٌ ! ولكِن أبَيتُم إلّا ما أرَدتُم ، فَكُنتُ أنَا وأنتُم كَما قالَ أخو هَوازِنَ :
أمَرتُهُمُ أمري بِمُنعَرَجِ اللِّوىَ
فَلَم يَستَبينُوا الرُّشدَ إلّا ضُحَى الغَدِ
ألا إنَّ هذَينِ الرَّجُلَينِ اللَّذَينِ اختَرتُموهُما حَكَمَينِ قَد نَبَذا حُكمَ القُرآنِ وَراءَ ظُهورِهِما ، وأحيَيا ما أماتَ القرآنُ ، وَاتَّبَعَ كُلُّ واحِدٍ مِنهُما هَواهُ بِغَيرِ هُدىً مِنَ اللّهِ ، فَحَكَما بِغَيرِ حُجَّةٍ بَيِّنَةٍ ، ولا سُنَّةٍ ماضِيَةٍ ، وَاختَلَفا في حُكمِهِما ، وكِلاهُما لَم يَرشُد ، فَبَرِئَ اللّهُ مِنهُما ورَسولُهُ وصالِحُ المُؤمِنينَ . اِستَعِدّوا وتَأَهَّبوا لِلمَسيرِ إلَى الشّامِ ،