لا تَظهَرُ مَوَدَّتَهُم إلّا بِسَلامَةِ صُدورِهِم ، ولا تَصِحُّ نَصيحَتُهُم إلّا بِحَوطَتِهِم عَلى وُلاةِ اُمورِهِم ، وقِلَّةِ استِثقالِ دَولَتِهِم ، وتَركِ استِبطاءِ انقِطاعِ مُدَّتِهِم .
«ثُمَّ لا تَكِلَنَّ جُنودَكَ إلى مَغنَمٍ وَزَّعتَهُ بَينَهُم ، بَل أحدِث لَهُم مَعَ كُلِّ مَغنَمٍ بَدَلاً مِمّا سِواهُ مِمّا أفاءَ اللّهُ عَلَيهِم ، تَستَنصِر بِهِم بِهِ ، ويَكونَ داعِيَةً لَهُم إلَى العَودَةِ لِنَصرِ اللّهِ ولِدينِهِ . وَاخصُص أهلَ النَّجدَةِ في أمَلَهِم إلى مُنتَهى غايَةِ آمالِكَ مِنَ النَّصيحَةِ بِالبَذلِ» ، وحُسنِ الثَّناءِ عَلَيهِم ، ولَطيفِ التَّعَهُّدِ لَهُم رَجُلاً رَجُلاً وما أبلى في كُلِّ مَشهَدٍ ؛ فَإِنَّ كَثرَةَ الذِّكرِ مِنكَ لِحُسنِ فِعالِهِم تَهُزُّ الشُّجاعَ ، وتُحَرِّضُ النّاكِلَ إن شاءَ اللّهُ .
«ثُمَّ لا تَدَع أن يَكونَ لَكَ عَلَيهِم عُيونٌ ۱ مِن أهلِ الأَمانَةِ وَالقَولِ بِالحَقِّ عِندَ النّاسِ ، فَيَثبِتونَ بَلاءَ كُلِّ ذي بَلاءٍ مِنهُم لِيَثِقَ اُولئِكَ بِعِلمِكَ بِبَلائِهِم» .
ثُمَّ اعرِف لِكُلِّ امرِئٍ مِنهُم ما أبلى ، ولا تَضُمَّنَّ بَلاءَ امرِئٍ إلى غَيرِهِ ، ولا تُقَصِّرَنَّ بِهِ دونَ غايَةِ بَلائِهِ ، «وكافِ كُلاًّ مِنهُم بِما كانَ مِنهُ ، وَاخصُصهُ مِنكَ بِهَزِّهِ» . ولا يَدعُوَنَّكَ شَرَفُ امرِئٍ إلى أن تُعَظِّمَ مِن بَلائِهِ ما كانَ صَغيراً ، ولا ضِعَةُ امرِئٍ عَلى أن تُصَغِّرَ مِن بَلائِهِ ما كانَ عَظيماً . «ولا يُفسِدَنَّ امرَأً عِندَكَ عِلَّةٌ إن عَرَضَت لَهُ ، ولا نُبُوَّةُ حَديثٍ لَهُ قَد كانَ لَهُ فيها حُسنُ بِلاءٍ ، فَإِنَّ العِزَّةَ للّهِِ يُؤتيهِ مَن يَشاءُ وَالعاقِبَةُ لِلمُتَّقينَ .
وإنِ استُشهِدَ أحدٌ مِن جُنودِكَ وأهلِ النِّكايَةِ في عَدُوِّكَ فَاخلُفهُ ۲ في عِيالِهِ بِما يَخلُفُ بِهِ الوَصِيُّ الشَّفيقُ المُوَثَّقُ بِهِ ؛ حَتّى لا يُرى عَلَيهِم أثَرُ فَقدِهِ ؛ فَإِنَّ ذلِكَ يُعطِفُ عَلَيكَ قُلوبَ شيعَتِكَ ، ويَستَشعِرونَ بِهِ طاعَتَكَ ، ويَسلَسونَ ۳ لِرُكوبِ مَعاريضِ التَّلَفِ الشَّديدِ في وِلايَتِكَ .
1.العَين : الذي يُبعث ليتَجسّس الخبرَ (لسان العرب : ج۱۳ ص۳۰۱) .
2.يقال : خَلَفتُ الرجلَ في أهله : إذا أقمتَ بعده فيهم وقمتَ عنه بما كان يفعله (النهاية : ج۲ ص۶۶) .
3.سلس المُهر : إذا انقاد (لسان العرب : ج۶ ص۱۰۶) .