شُغُلٍ ، ثُمَّ تَأذَنُ لَهُم عَلَيكَ» ، وتَجلِسُ لَهُم مَجلِساً تَتَواضَعُ فيهِ للّهِِ الَّذي رَفَعَكَ ، وتُقعِدُ عَنهُم جُندَكَ وأعوانَكَ مِن أحراسِكَ وشُرَطِكَ ، «تَخفِضُ لَهُم في مَجلِسِكَ ذلِكَ جَناحَكَ ، وتُلينُ لَهُم كَنَفَكَ في مُراجَعَتِكَ ووَجهِكَ» ؛ حَتّى يُكَلِّمَكَ مُتَكَلِّمُهُم غَيرَ مُتَعتَعٍ ، فَإِنّي سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَقولُ في غَيرِ مَوطنٍ : لَن تُقَدَّسَ اُمَّةٌ لا يُؤخَذُ لِلضَّعيفِ فيها حَقُّهُ مِنَ القَوِيِّ غَيرَ مُتَعتَعٍ .
ثُمَّ احتَمِلِ الخُرقَ مِنهُم وَالعِيَّ ، ونَحِّ عَنكَ الضّيقَ وَالأَنفَ يَبسُطِ اللّهُ عَلَيكَ أكنافَ رَحمَتِهِ ، ويوجِب لَكَ ثَوابَ أهلِ طاعَتِهِ ، فَأَعطِ ما أعطَيتَ هَنيئاً ، وَامنَع في إجمالٍ وإعذارٍ ، «وتَواضَع هُناك ؛ فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ المُتَواضِعينَ . وَليَكُن أكرَمَ أعوانِكَ عَلَيكَ أليَنُهُم جانِباً ، وأحسَنُهُم مُراجَعَةً ، وألطَفُهُم بِالضُّعَفاءِ ، إن شاءَ اللّهُ» .
ثُمَّ إنَّ اُموراً مِن اُمورِكَ لابُدَّ لَكَ مِن مُباشَرَتِها ؛ مِنها : إجابَةُ عُمّالِكَ ما يَعيى عَنهُ كُتّابُكَ . ومِنها : إصدارُ حاجاتِ النّاسِ في قِصَصِهِم . «ومِنها : مَعرِفَةُ ما يَصِلُ إلَى الكُتّابِ وَالخُزّانِ مِمّا تَحتَ أيديهِم ، فَلا تَتَوانَ فيما هُنالِكَ ، ولا تَغتَنِم تَأخيرَهُ ، وَاجعَل لِكُلِّ أمرٍ مِنها مَن يُناظِرُ فيهِ وُلاتَهُ بِتَفريغٍ لِقَلبِكَ وهَمِّكَ ، فَكُلَّما أمضَيتَ أمراً فَأَمضِهِ بَعدَ التَّروِيَةِ ومُراجَعَةِ نَفسِكَ ، ومُشاوَرَةِ وَلِيِّ ذلِكَ بِغَيرِ احتِشامٍ ، ولا رَأيَ يَكسِبُ بِهِ عَلَيكَ نَقيضُهُ» .
ثُمَّ أمضِ لِكُلِّ يَومٍ عَمَلَهُ ؛ فَإِنَّ لِكُلِّ يَومٍ ما فيهِ . وَاجعَل لِنَفسِكَ فيما بَينَكَ وبَينَ اللّهِ أفضَلَ تِلكَ المَواقيتِ ، وأجزَلَ تِلكَ الأَقسامِ ، وإن كانَت كُلُّها للّهِِ إذا صَحَّت فيهَا النِّيَّةُ وسَلِمَت مِنهَا الرَّعِيَّةُ .
وَليَكُن في خاصِّ ما تُخلِصُ للّهِِ بِهِ دينَكَ إقامَةُ فَرائِضِهِ الَّتي هِيَ لَهُ خاصَّةً ، فَأَعطِ اللّهَ مِن بَدَنِكَ في لَيلِكَ ونَهارِكَ ما يَجِبُ ؛ «فَإِنَّ اللّهَ جَعَلَ النّافِلَةَ لِنَبِيِّهِ خاصَّةً دونَ خَلقِهِ فَقالَ : «وَ مِنَ الَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا»۱ ،