143
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 4

يَجتَمِعونَ مِن كُلِّ أوبٍ ، ومَن كانَ يَنبَغي أن يُؤَدَّبَ ويُدَرَّبَ أو يُوَلّى عَلَيهِ ويُؤخَذَ عَلى يَدَيهِ ، لَيسوا مِنَ المُهاجِرينَ ولَا الأَنصارِ ، ولَا التّابِعينَ بِإِحسانٍ ، فَسِرتُ إلَيهِم فَدَعَوتُهُم إلَى الطّاعَةِ وَالجَماعَةِ ، فَأَبَوا إلّا شِقاقا ونِفاقا ونُهوضا في وُجوهِ المُسلِمينَ ، يَنضِحونَهُم ۱ بِالنَّبلِ ويَشجُرونَهُ ۲ بِالرِّماحِ .
فَهُناكَ نَهَدتُ ۳ إلَيهِم بِالمُسلِمينَ فَقاتَلتُهُم ، فَلَمّا عَضَّهُمُ السِّلاحُ ووَجَدوا ألَمَ الجِراحِ رَفَعُوا المَصاحِفَ يَدعونَكُم إلى ما فيها ، فَأَنبَأتُكُم أنَّهُم لَيسوا بِأَصحابِ دينٍ ولا قُرآنٍ ، وأنَّهُم رَفَعوها غَدرا ومَكيدَةً وخَديعَةً ووَهنا وضَعفا ؛ فَامضوا عَلى حَقِّكُم وقِتالِكُم ، فَأَبَيتُم عَلَيَّ وقُلتُم : اِقبَل مِنهُم ، فَإِن أجابوا إلى ما فِي الكِتابِ جامِعونا عَلى ما نَحنُ عَلَيهِ مِنَ الحَقِّ ، وإن أبَوا كانَ أعظَمَ لِحُجَّتِنا عَلَيهِم ، فَقَبِلتُ مِنكُم ، وكَفُفتُ عَنهُم إذ أبَيتُم ووَنَيتُم ، وكانَ الصُّلحُ بَينَكُم وبَينَهُم عَلى رَجُلَينِ يُحيِيانِ ما أحيَا القُرآنُ ، ويُميتانِ ما أماتَ القُرآنُ ، فَاختَلَفَ رَأيُهُما وتَفَرَّقَ حُكمُهُما ، ونَبَذا ما فِي القُرآنِ وخالَفا ما فِي الكِتابِ ، فَجَنَّبَهُمَا اللّهُ السَّدادَ ودَلّاهُما فِي الضَّلالِ ، فَنبَذا ۴ حُكمَهُما وكانا أهلَهُ .
فَانخَزَلَت ۵ فِرقَةٌ مِنّا فَتَرَكناهُم ما تَرَكونا حَتّى إذا عَثَوا فِي الأَرضِ يَقتُلونَ ويُفسِدونَ أتَيناهُم فَقُلنا : اِدفَعوا إلَينا قَتَلةَ إخوانِنا ، ثُمَّ كِتابُ اللّهِ بَينَنا وبَينَكُم ، قالوا : كُلُّنا قَتَلَهُم ، وكُلُّنَا استَحَلَّ دِماءَهُم ودِماءَكُم ، وشُدَّت عَلَينا خَيلُهُم ورِجالُهُم ، فَصَرَعَهُمُ اللّهُ مَصرَعَ الظّالِمينَ .

1.نَضَحُوهم : رموهم (النهاية : ج۵ ص۷۰) .

2.م شَجَرْناهم : طعنّاهم (النهاية : ج۲ ص۴۴۶) .

3.نَهَدَ : نهض ، نهد القوم لعدوّهم : إذا صمدوا له وشرعوا في قتاله (النهاية : ج۵ ص۱۳۴) .

4.كذا في المصدر ، والظاهر أنّها تصحيف ، والصحيح : «فنُبذ» .

5.خَزَل : أي انفرد (النهاية : ج۲ ص۲۹) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 4
142

حَنِقاً . فَنَظَرتُ فَإِذا لَيسَ مَعي رافِدٌ ولاذابٌ ولامُساعِدٌ إلّا أهلُ بَيتي ، فَضَنِنتُ بِهِم عَنِ الهَلاكِ ، فَأَغضَيتُ عَلَى القَذى ، وتَجَرَّعتُ ريقي عَلَى الشَّجى ، وصَبَرتُ مِن كَظمِ الغَيظِ عَلى أمَرَّ مِنَ العَلقَمِ وآلَمَ لِلقَلبِ مِن حَزِّ الشِّفارِ .
حَتّى إذا نَقَمتُم عَلى عُثمانَ أتَيتُموهُفَقَتَلتُموهُ ثُمَّ جِئتُموني لِتُبايِعوني ، فَأَبَيتُ عَلَيكُم وأمسَكتُ يَدي فَنازَعتُموني ودافَعتُموني ، وبَسَطتُم يَدي فَكَفُفتُها ، ومَدَدتُم يَدي فَقَبَضتُها ، وَازدَحَمتُم عَلَيَّ حَتّى ظَنَنتُ أنَّ بَعضَكُم قاتِلُ بَعضٍ أو أنَّكُم قاتِلي ، فَقُلتُم : بايِعنا لا نَجِدُ غَيرَكَ ولا نَرضى إلّا بِكَ ، فَبايِعنا لا نَفتَرِق ولا تَختَلِف كَلِمَتُنا . فَبايَعتُكُم ودَعَوتُ النّاسَ إلى بَيعَتي ، فَمَن بايَعَ طائِعا قَبِلتُهُ مِنهُ ، ومَن أبى لَم اُكرِههُ وتَرَكتُهُ .
فَبايَعَني فيمَن بايَعَني طَلحَةُ وَالزُّبَيرُ ولَو أبَيا ما اُكرِهتُهُما كَما لَم اُكرِه غَيرَهُما ، فَما لَبِثنا إلّا يَسيرا حَتّى بَلَغَني أن خَرَجا مِن مَكَّةَ مُتَوَجِّهينَ إلَى البَصرَةِ في جَيشٍ ما مِنهُم رَجُلٌ إلّا بايَعَني وأعطانِيَ الطّاعَةَ ، فَقَدِما عَلى عامِلي وخُزّانِ بَيتِ مالي وعَلى أهلِ مِصرَ كُلُّهُم عَلى بَيعَتي وفي طاعَتي فَشَتَّتوا كَلِمَتَهُم وأفسَدوا جَماعَتَهُم ، ثُمَّ وَثَبوا عَلى شيعَتي مِنَ المُسلِمينَ فَقَتَلوا طائِفَةً مِنهُم غَدرا ، وطائِفَةً صَبرا ، وطائِفَةً عَصَّبوا بِأَسيافِهِم فَضارَبوا بهِا حَتّى لَقُوا اللّهَ صادِقينَ ، فَوَاللّهِ ، لَو لَم يُصيبوا مِنهُم إلّا رَجُلاً واحِدا مُتَعَمِّدينَ لِقَتلِهِ بِلا جُرمٍ جَرَّهُ لِحَلَّ لي بِهِ قَتلُ ذلِكَ الجَيشِ كُلِّهِ ، فَدَع ما إنَّهم قَد قَتَلوا مِنَ المُسلِمينَ أكثَرَ مِنَ العِدَّةِ الَّتي دَخَلوا بِها عَلَيهِم ، وقَد أدالَ ۱ اللّهُ مِنهُم فَبُعدا لِلقَومِ الظّالِمينَ .
ثُمَّ إنّي نَظَرتُ في أهلِ الشّامِ فَإِذا أعرابٌ أحزابٌ ، وأهلُ طَمَعٍ جُفاةٌ طَغامٌ ۲

1.الإدالة : النُّصرة والغَلَبة (مجمع البحرين : ج۱ ص۶۲۰) .

2.الطَّغام : من لا عقل له ولا معرفة ، وقيل : هم أوغاد الناس وأراذلهم (النهاية: ج۳ ص۱۲۸) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 4
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 99507
صفحه از 684
پرینت  ارسال به