159
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 4

أمّا بَعدُ ، فَإِنّي قَد عاتَبتُكُم في رُشدِكُم حَتّى سَئِمتُ ، أرجَعتُموني بِالهُزءِ مِن قَولِكُم حَتّى بَرِمتُ ، هَزِءَ مَنِ القَولُ لا يُعاديهِ ، وخَطِلَ مَن يُعِزُّ أهلَهُ ، ولَو وَجَدتُ بُدّا مِن خِطابِكُم وَالعِتابِ إلَيكُم ما فَعَلتُ ، وهذا كِتابي يَقرَأُ عَلَيكُم فَرُدّوا خَيرا وَافعَلوهُ ، وما أظُنُّ أن تَفعَلوا ، فَاللّهُ المُستعانُ ۱ .

۲۸۴۵.الإمام عليّ عليه السلامـ لَمّا بَلَغَهُ إغارَةُ أصحابِ مُعاوِيَةَ عَلَى الأَنبارِ۲، فَخَرَجَ بِنَفسِهِ ماشِيا حَتّى أتَى النُّخَيلَةَ فَأَدرَكَهُ النّاسُ ، وقالوا : يا أميرَ المُؤمِنينَ نَحنُ نَكفيكَهُم ـ:
ما تَكفونَني أنفُسَكُم ، فَكَيفَ تَكفونَني غَيرَكُم ؟ إن كانَتِ الرَّعايا قَبلي لَتَشكو حَيفَ رُعاتِها ، وإنَّنِي اليَومَ لَأَشكو حَيفَ رَعِيَّتي ، كَأَنَّنِي المَقودُ وهُمُ القادَةُ ، أوِ المَوزوعُ وهُمُ الوَزَعَةُ ۳ .

۲۸۴۶.عنه عليه السلامـ مِن خُطبَتِهِ لِأَهلِ الكوفَةِ بَعدَ تَحريضِهِم عَلى قِتالِ سُفيانَ بنِ عَوفٍ الَّذي غارَ عَلَى الأَنبارِ ، بَعدَ إباءِ أصحابِهِ عليه السلام عَنِ القِتالِ ـ: أيُّهَا النّاسُ المُجتَمِعَةُ أبدانُهُم ، المُتَفَرَّقَةُ أهواؤُهُم ، ما عَزَّ مَن دَعاكُم ، ولَا استَراحَ مَن قاساكُم ، كَلامُكُم يُوهِنُ الصُمَّ الصَّلابَ ، وفِعلُكُم يُطمِعُ فيكُم عَدُوَّكُم ، إن قُلتُ لَكُم : سيروا إلَيهِم فِي الحَرِّ ، قُلتُم : أمهِلنا يَنسَلِخ عَنَّا الحَرُّ ، وإن قُلتُ لَكُم : سيروا إلِيهِم فِي الشِّتاءِ ، قُلتُم : أمهِلنا حَتّى يَنسَلِخ عَنَّا البَردُ ، فِعلَ ذِي الدَّينِ المَطولِ . مَن فازَ بِكُم فازَ بِالسَّهمِ الأَخيَبِ . أصبَحتُ لا اُصدِّقُ قَولَكُم ، ولا أطمَعُ في نَصرِكُم ، فَرَّقَ اللّهُ بَيني وبَينَكُم .

1.الغارات : ج۲ ص۴۷۰ .

2.الأنبار : مدينة صغيرة كانت عامرة أيّام الساسانيّين ، وآثارها غرب بغداد على بُعد ستين كيلو مترا مشهودة . وسبب تسميتها بالأنبار هو أنّها كانت مركزا لخزن الحنطة والشعير والتبن للجيوش، وإلّا فإنّ الإيرانيّين كانوا يسمّونها «فيروز شاپور» . فتحت على يد خالد بن الوليد عام (۱۲ ه ) وقد اتّخذها السفّاح ـ أوّل خلفاء بني العبّاس ـ مقرّا له مدّة من الزمان .

3.نهج البلاغة : الحكمة ۲۶۱ ، عيون الحكم والمواعظ : ص۱۶۴ ح۳۴۹۰ وفيه من «إن كانت الرعايا» .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 4
158

فَقالَ : ما تَكفونَني ولا تَكفونَ أنفُسَكُم ، فَلَم يَزالوا بِهِ حَتّى صَرَفوهُ إلى مَنزِلِهِ ، فَرَجَعَ وهُوَ واجِمٌ كَئيبٌ .
ودَعا سَعيدَ بنَ قَيسٍ الهَمدانِيَّ فَبَعَثَهُ مِنَ النُّخَيلَةِ بِثَمانِيَةِ آلافٍ ، وذلِكَ أنَّهُ اُخبِرَ : أنَّ القَومَ جاؤوا في جَمعٍ كَثيفٍ .
فَقالَ لَهُ : إنّي قَد بَعَثتُكَ في ثَمانِيَةِ آلافٍ ، فَاتَّبِع هذَا الجَيشَ حَتّى تُخرِجَهُ مِن أرضِ العِراقِ .
فَخَرَجَ عَلى شاطِئِ الفُراتِ في طَلَبِهِ حَتّى إذا بَلَغَ عاناتٍ سَرَّحَ أمامَهُ هانِئَ بنَ الخطَّابِ الهَمدانِيَّ ، فَاتَّبَعَ آثارَهُم حَتّى إذا بَلَغَ أدانِيَ أرضِ قِنَّسرينَ ۱ وقَد فاتوهُ ، ثُمَّ انصَرَفَ .
قالَ : فَلَبِثَ عَلِيٌّ عليه السلام تُرى فيهِ الكَآبَةُ وَالحُزنَ حَتّى قَدِمَ عَلَيهِ سَعيدُ بنُ قَيسٍ فَكَتَبَ كِتابا ، وكانَ في تِلكَ الأَيّامِ عَليلاً فَلَم يُطِق عَلَى القِيامِ فِي النّاسِ بِكُلِّ ما أرادَ مِنَ القَولِ ، فَجَلَسَ بِبابِ السُّدَّةِ الَّتي تَصِلُ إلَى المَسجِدِ ، ومَعَهُ الحَسَنُ وَالحُسَينُ عليهماالسلاموعَبدُ اللّهِ بنُ جَعفَرِ بنِ أبي طالِبٍ ، فَدَعا سَعدا مَولاهُ فَدَفَعَ الكِتابَ إلَيهِ فَأَمَرَهُ أن يَقرَأَهُ عَلَى النّاسِ ، فَقامَ سَعدٌ بِحَيثُ يَسمَعُ عَلِيٌّ قِراءَتَهُ وما يَرُدُّ عَلَيهِ النّاسُ ، ثُمَّ قَرَأَ الكِتابَ :
بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
مِن عَبدِ اللّهِ عَلِيٍّ إلى مَن قُرِئَ عَلَيهِ كِتابي مِنَ المُسلِمينَ ، سَلامٌ عَلَيكُم .
أمّا بَعدُ ، فَالحَمدُ للّهِِ رَبِّ العالَمينَ ، وسَلامٌ عَلَى المُرسَلينَ ، ولا شَريكَ للّهِِ الأَحَدِ القَيّومِ ، وصَلَواتُ اللّهِ عَلى مُحَمَّدٍ وَالسَّلامُ عَلَيهِ فِي العالَمينَ .

1.قِنَّسْرِين : مدينة بينها وبين حلب مرحلة من جهة حمص ، وفي جبلها مشهد يقال إنّه قبر صالح النبي عليه السلام (معجم البلدان : ج۴ ص۴۰۳) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 4
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 115906
صفحه از 684
پرینت  ارسال به