هَمَمتُ أن أخرُجَ عَنكُم فَلا أطلُبُ بِنَصرِكُم مَا اختَلَفَ الجَديدانِ .
فَقامَ جارِيَةُ بنُ قُدامَةَ ، فَقالَ : أنَا أكفيكَهُم يا أميرَ المُؤمِنينَ ، فَقالَ : أنتَ لَعَمري لَمَيمونُ النَّقيبَةِ ، حَسَنُ النِّيَّةِ ، صالِحُ العَشيرَةِ . ونَدَبَ مَعَهُ ألفَينِ ، وقالَ بَعضُهُم : ألفا .
وأمَرَهُ أن يَأتِيَ البَصرَةَ فَيَضُمَّ إلَيهِ مِثلُهُم ، فَشَخصَ جارِيَةُ وخَرَجَ مَعَهُ يُشَيِّعُهُ ، فَلَمّا وَدَّعَهُ قالَ : اِتَّقِ اللّهَ الَّذي إلَيهِ تَصيرُ ، ولا تَحتَقِر مُسلِما ولا مُعاهَدا ، ولا تَغصِبَنَّ مالاً ولا وَلَدا ولا دابَّةً وإن حَفيتَ وتَرَجَّلتَ ، وصَلِّ الصَّلاةَ لِوَقتِها .
فَقَدِمَ جارِيَةُ البَصرَةَ فَضَمَّ إلَيهِ مِثلُ الَّذي مَعَهُ ثُمَّ أخَذَ طَريقَ الحِجازِ حَتّى قَدِمَ اليَمَنَ ، لَم يَغصِب أحَدا ، ولَم يَقتُل أحَدا إلّا قَوما ارتَدّوا بِاليَمَنِ ، فَقَتَلَهُم وحَرَّقَهُم ، وسَأَلَ عَن طَريقِ بُسرٍ ، فَقالوا : أخَذَ عَلى بِلادِ بَني تَميمٍ ، فَقالَ : أخَذَ في دِيارِ قَومٍ يَمنَعونَ أنفُسَهُم ، فَانصَرَفَ جارِيَةُ فَأَقامَ بِجُرَشَ ۱۲ .
۲۸۶۴.الغارات عن أبي ودّاك الشاذي :قَدِمَ زُرارَةُ بنُ قَيسٍ الشّاذي فَخَبَّرَ عَلِيّا عليه السلام بِالعِدَّةِ الَّتي خَرَجَ فيها بُسرٌ ، فَصَعِدَ المِنبَرَ فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيِه ، ثُمَّ قالَ :
أمّا بَعدُ ؛ أيُّهَا النّاسُ ! فَإِنَّ أوَّلَ فُرقَتِكُم وبَدءِ نَقصِكُم ذَهابُ اُولِي النُّهى وأهلِ الرَّأيِ مِنكُمُ ، الَّذينَ كانوا يُلقَونَ فَيُصَدِّقونَ ، ويَقولونَ فَيَعدِلونَ ، ويُدعَونَ فَيُجيبونَ ، وأنَا وَاللّهِ قَد دَعَوتُكُم عَودا وبَدءا وسِرّا وجِهارا ، وفِي اللَّيلِ وَالنَّهارِ وَالغُدُوِّ وَالآصالِ ، فَما يَزيدُكُم دُعائي إلّا فِرارا وإدبارا ، أ ما تَنفَعُكُمُ العِظَةُ وَالدُّعاءُ إلَى الهُدى وَالحِكمَةِ ، وإنّي لَعالِمٌ بِما يُصلِحُكُم ويُقيمُ أوَدَكُم ، ولكِنّي وَاللّهِ لا اُصلِحُكُم بِإِفسادِ نَفسي ، ولكِن أمهِلوني قَليلاً ، فَكَأَنَّكُم وَاللّهِ بِامرِئٍ قَد جاءَكُم يَحرِمُكُم ويُعَذِّبُكُم