19
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 4

قالَ : نَعَم .
فَأَحلَفَهُ ثَلاثَ مَرّاتٍ ، في كُلِّها يَقولُ : نَعَم . فَقالَ عَلِيٌّ : وَاللّهِ ، ما عَبَروهُ ، ولَن يَعبُروهُ ، وإنَّ مَصارِعَهُم لَدونَ النُّطفَةِ ، وَالَّذي فَلَقَ الحَبَّةَ وبَرَأَ النَّسَمَةَ لَن يَبلُغُوا الأَثلاثَ ولا قَصرَ بَوازِنَ حَتّى يَقتُلَهُمُ اللّهُ ، وقَد خابَ مَنِ افتَرى .
قالَ : ثُمَّ أقبَلَ فارِسٌ آخَرُ يَركُضُ ، فَقالَ كَقولِ الأَوَّلِ ، فَلَم يَكتَرِث عَلِيٌّ عليه السلام بِقَولِهِ وجاءَتِ الفُرسانُ تَركُضُ ، كُلُّها تَقولُ مِثلَ ذلِكَ .
فَقامَ عَلِيٌّ عليه السلام فَجالَ في مَتنِ فَرَسِهِ .
قالَ : فَيَقولُ شابٌّ مِنَ النّاسِ : وَاللّهِ ، لَأَكونَنَّ قَريبا مِنهُ ، فَإِن كانوا عَبَرُوا النَّهرَ لَأَجعَلَنَّ سِنانَ هذَا الرُّمحِ في عَينِهِ ؛ أيَدَّعي عِلمَ الغَيبِ ! فَلَمَّا انتَهى عليه السلام إلَى النَّهرِ وَجَدَ القَومَ قَد كَسَروا جُفونَ سُيوفِهِم ، وعَرقَبوا خَيلَهُم ، وجَثَوا عَلى رُكَبِهِم ، وحَكَّموا تَحكيمَةً واحِدَةً بِصَوتٍ عَظيمٍ لَهُ زَجَلٌ . ۱
فَنَزَلَ ذلِكَ الشّابُّ ، فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، إنّي كُنتُ شَكَكتُ فيكَ آنِفا ، وإنّي تائِبٌ إلَى اللّهِ وإلَيكَ ، فَاغفِر لي !
فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام : إنَّ اللّهَ هُوَ الَّذي يَغفِرُ الذُّنوبَ ، فَاستَغفِرهُ ۲ .

راجع : ج 6 ص 426 (مصير الخوارج) .

1.الزَّجَل : رفع الصوت الطَّرِب (لسان العرب : ج۱۱ ص۳۰۲) .

2.شرح نهج البلاغة : ج۲ ص۲۷۱ ؛ بحار الأنوار : ج۳۳ ص۳۴۸ ح۵۸۷ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 4
18

قالَ : فَإِنَّهُ لَكَذلِكَ إذ جاءَ آخَرُ فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، قَد عَبَرَ القَومُ !
قالَ : كَلّا ، ما عَبَروا .
قالَ : وَاللّهِ ، ما جِئتُكَ حَتّى رَأَيتُ الرّاياتِ في ذلِكَ الجانِبِ ، وَالأَثقالَ .
قالَ : وَاللّهِ ما فَعَلوا ، وإنَّهُ لَمَصرَعُهُم ومُهَراقُ دِمائِهِم .
ثُمَّ نَهَضَ ونَهَضتُ مَعَهُ ، فَقُلتُ في نَفسي : الحَمدُِللّهِ الَّذي بَصَّرَني هذَا الرَّجُلَ ، وعَرَّفَني أمرَهُ ، هذا أحَدُ رَجُلَينِ : إمّا رَجُلٌ كَذّابٌ جَرِيءٌ ، أو عَلى بَيِّنَةٍ مِن رَبِّهِ وعَهدٍ مِن نَبِيِّهِ ، اللّهُمَّ ! إنّي اُعطيكَ عَهدا تَسأَلُني عَنهُ يَومَ القِيامَةِ إن أنَا وَجَدتُ القَومَ قَد عَبَروا أن أكونَ أوَّلَ مَن يُقاتِلُهُ ، وأوَّلَ مَن يَطعَنُ بِالرُّمحِ في عَينِهِ ، وإن كانوا لَم يَعبُروا أن اُقيمَ عَلَى المُناجَزَةِ وَالقِتالِ .
فَدَفَعنا ۱ إلَى الصُّفوفِ ، فَوَجَدنَا الرّاياتِ وَالأَثقالَ كَما هِيَ ، قالَ : فَأَخَذَ بِقَفايَ ودَفَعَني ، ثُمَّ قالَ : يا أخَا الأَزدِ ، أتَبَيَّنَ لَكَ الأَمرُ ؟ قُلتُ : أجَل يا أميرَ المُؤمِنينَ . قالَ : فَشَأنَكَ بِعَدُوِّكَ . فَقَتَلتُ رَجُلاً ، ثُمَّ قَتَلتُ آخَرَ ، ثُمَّ اختَلَفتُ أنَا ورَجُلٌ آخَرُ أضرِبُهُ ويَضرِبُني فَوَقَعنا جَميعا ، فَاحتَمَلَني أصحابي ، فَأَفَقتُ حينَ أفَقتُ وقَد فَرَغَ القَومُ ۲ .

۲۷۰۸.شرح نهج البلاغة :لَمّا خَرَجَ عَلِيٌّ عليه السلام إلى أهلِ النَّهرِ أقبَلَ رَجُلٌ مِن أصحابِهِ مِمَّن كانَ عَلى مُقَدِّمَتِهِ يَركُضُ ، حَتَّى انتَهى إلى عَلِيٍّ عليه السلام فَقالَ : البُشرى يا أميرَ المُؤمِنينَ !
قالَ : ما بُشراكَ ؟
قالَ : إنَّ القَومَ عَبَرُوا النَّهرَ لَمّا بَلَغَهُم وُصولُكَ ، فَأَبشِر ؛ فَقَد مَنَحَكَ اللّهُ أكتافَهُم .
فَقالَ لَهُ : آللّهِ أنتَ رَأَيتَهُم قَد عَبَروا !

1.دَفَع إلى المكان ودُفِع : انتهى (لسان العرب : ج۸ ص۸۹) .

2.الإرشاد : ج۱ ص۳۱۷ ، إعلام الورى : ج۱ ص۳۳۹ وراجع الكافي : ج۱ ص۳۴۵ ح۲ والمناقب لابن شهر آشوب : ج۲ ص۲۶۸ والمعجم الأوسط : ج۴ ص۲۲۷ ح۴۰۵۱ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 4
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 115745
صفحه از 684
پرینت  ارسال به