القَومِ ، وتَبَرَّمتُ الأَمَلَ . فَأَتِح لي صاحِبي حَتّى أستَريحُ مِنهُم ويَستَريحوا مِنّي ، ولَن يُفلِحوا بَعدي ۱ .
۲۸۷۳.نهج البلاغة :مِن خُطبَةٍ لَهُ عليه السلام وقَد تَواتَرَت عَلَيهِ الأَخبارُ بِاستيلاءِ أصحابِ مُعاوِيَةَ عَلَى البِلادِ ، وقَدِمَ عَلَيهِ عامِلاهُ عَلَى اليَمَنِ ، وهُما عُبَيدُ اللّهِ بنُ عَبّاسٍ وسَعيدُ بنُ نَمرانَ لَمّا غَلَبَ عَلَيهِما بُسرُ بنُ أبي أرطاةَ ، فَقامَ عليه السلام عَلَى المِنبَرِ ضَجَرا بِتَثاقلُِ أصحابِهِ عَنِ الجِهادِ ، ومُخالَفَتِهِم لَهُ فِي الرَّأيِ فَقالَ : ما هِيَ إلَا الكوفَةُ ، أقبِضُها وأبسُطُها ، إن لَم تَكوني إلّا أنتِ تَهُبُّ أعاصيرُكِ فَقَبَّحَكِ اللّهُ !
وتَمَثَّلَ بِقَولِ الشّاعِرِ :
لَعَمرُ أبيكَ الخَيرِ يا عَمرُو إنَّني
عَلى وَضَرٍ۲مِن ذَا الإِناءِ قَليلِ
ثُمَّ قالَ عليه السلام : اُنبِئتُ بُسرا قَدِ اطَّلَعَ اليَمَنَ ، وإنّي وَاللّهِ لَأَظُنُّ أنَّ هؤُلاءِ القَومَ سَيُدالونَ ۳ مِنكُم بِاجتِماعِهِم عَلى باطِلِهِم ، وتَفَرُّقِكُم عَن حَقِّكُم ، وبِمَعصِيَتِكُم إمامَكُم فِي الحَقِّ ، وطاعَتِهِم إمامَهُم فِي الباطِلِ ، وبِأَدائِهِمُ الأَمانَةَ إلى صاحِبِهِم وخِيانَتِكُم ، وبِصَلاحِهِم في بِلادِهِم وفَسادِكُم .
فَلَوِ ائتَمَنتُ أحَدَكُم عَلى قَعْبٍ ۴ لَخَشيتُ أن يَذهَبَ بِعِلاقَتِهِ .
اللّهُمَّ إنّي قَد مَلِلتُهُم ومَلّوني ، وسَئِمتُهُم وسَئِموني ، فَأبدِلني بِهِم خَيرا مِنهُم ، وأبدِلهُم بي شَرّا مِنّي ، اللّهُمَّ مِث قُلوبَهَم كما يُماثُ المِلحُ فِي الماءِ ، أما وَاللّهِ لَوَدِدتُ أنَّ لي بِكُم ألفَ فارِسٍ مِن بَني فِراسِ بنِ غَنمٍ .
هُنالِكَ لَو دَعَوتَ أتاكَ مِنهُم
فَوارِسُ مِثلُ أرمِيَةِ الحَميمِ
ثُمَّ نَزَلَ عليه السلام مِنَ المِنبَرِ ۵
.
1.الإرشاد : ج۱ ص۲۷۷ .
2.الوَضَر : وسخ الدَسَم واللبن أو غسالة السقاء والقصعة ونحوهما (القاموس المحيط : ج۲ ص۱۵۴) .
3.من الإدالة : الغَلَبة (النهاية : ج۲ ص۱۴۱) .
4.القَعْبُ : القَدَح الضخمُ ، الغلِيظُ ، الجافي (لسان العرب : ج۱ ص۶۸۳) .
5.نهج البلاغة : الخطبة ۲۵ ، الغارات : ج۲ ص۶۳۵ نحوه إلى «في الماء» .