بِما يَعمَلُونَ خَبِيرٌ .
فَأَجَابَهُ عَلِيٌ عليه السلام ، فَحَمِدَ اللّهَ وَأثنى عَلَيهِ ، وَقالَ : أمّا مَا ذَكَرتَ مِن عَمَلِنا وَسِيرَتِنا بِالعَدلِ ، فَإِنَّ اللّهَ يَقُولُ : «مَّنْ عَمِلَ صَــلِحًا فَلِنَفْسِهِ وَ مَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا وَ مَا رَبُّكَ بِظَـلَّـمٍ لِّلْعَبِيدِ»۱ وَأَنَا مِن أن أكُونَ مُقَصِّراً فيما ذَكَرتَ أخوَفُ .
وَأمّا مَا ذَكَرتَ مِن أنَّ الحَقَّ ثَقُلَ عَلَيهِم فَفارَقُونا لِذلِكَ ، فَقَد عَلِمَ اللّهُ أنَّهُم لَم يُفارِقُونا مِن جَورٍ ، وَلَم يُدعَوا إذ فارَقُونا إلى عَدلٍ ، وَلَم يَلتَمِسُوا إلّا دُنَياً زَائِلَةً عَنهُم كَأَن قَد فَارَقُوها ، وَلَيُسأَلُنَّ يَومَ القِيَامَةِ : ألِلدُّنيا أرادُوا أم للّهِِ عَمِلُوا؟
وَأَمَّا مَا ذَكَرتَ مِن بَذلِ الأَموالِ وَاصطِناعِ الرِّجَالِ ، فَإِنّا لا يَسَعُنا أن نُؤتِيَ أمرَأً مِنَ الفَيءِ أكثَرَ مِن حَقِّهِ ، وَقَد قَالَ اللّهُ وَقُولُهُ الحَقُّ : «كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَة بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّـبِرِينَ»۲ .
وَبَعَثَ مُحَمَّداً صلى الله عليه و آله وَحدَهُ فَكَثَّرَهُ بَعدَ القِلَّةِ ، وَأعَزَّ فِئَتَهُ بَعدَ الذِّلَّةِ ، وَإن يُرِدِ اللّهُ أن يُوَلِّينَا هذَا الأَمرَ يُذَلِّل لَنَا صَعبَهُ ، وُيُسَهِّل لَنَا حَزنَهُ ۳ . وَأَنا قابِلٌ مِن رَأيِكَ مَا كَانَ للّهِِ رِضَىً ، وَأنتَ مِن آمِنِ أصحابِي ، وَأوثَقِهِم فِي نَفسِي ، وَأنصَحِهِم وَأَرآهُم عِندِي ۴ .
2 ـ وفي الكتاب نفسه روى عن ربيعة وعمّارة ما نصّه : إِنَّ طائِفَةً مِن أصحابِ عَلِيٍ عليه السلام مَشَوا إلَيهِ فَقالُوا : يا أمِيرَ المُؤمِنينَ ، أعطِ هذِهِ الأَموالَ ، وَفَضِّل هؤُلاءِ الأَشرافَ مِنَ العَرَبِ وَقُرَيشَ عَلَى المَوالِيِّ وَالعَجَمِ ، وَمَن تَخافُ خِلافَهُ مِنَ النّاسِ وَفِرارَهُ . قالَ : وَإنَّما قالُوا لَهُ ذلِكَ لِلَّذِي كانَ مُعاوِيَةُ يَصنَعُ مَن أَتاهُ .