قالَت اُمُّ كُلثومٍ : فَجَعَلتُ أرقُبُ وَقتَ الأَذانِ ، فَلَمّا لاحَ الوَقتُ أتَيتُهُ ومَعي إناءٌ فيهِ ماءٌ ، ثُمَّ أيقَظتُهُ ، فَأَسبَغَ الوُضوءَ وقامَ ولَبِسَ ثِيابَهُ وفَتَحَ بابَهُ ، ثُمَّ نَزَلَ إلَى الدّارِ وكانَ فِي الدّارِ إوَزٌّ قَد اُهدِيَ إلى أخِيَ الحُسَينِ عليه السلام ، فَلَمّا نَزَلَ خَرَجنَ وَراءَهُ ورَفرَفنَ وصِحنَ في وَجهِهِ ، وكانَ قَبلَ تِلكَ اللَّيلَةِ لَم يَصِحنَ . فَقالَ عليه السلام : لا إلهَ إلَا اللّهُ صَوارِخُ تَتبَعُها نَوائِحُ ، وفي غَداةِ غَدٍ يَظهَرُ القَضاءُ . فَقُلتُ لَهُ : يا أباه هكَذا تَتَطَيَّرُ ؟
فَقالَ : يا بُنَيَّةُ ما مِنّا أهلَ البَيتِ مَن يَتَطَيَّرُ ولا يُتَطَيَّرُ بِهِ ، ولكِن قَولٌ جَرى عَلى لِساني ، ثُمَّ قالَ : يا بُنَيَّةُ بِحَقّي عَلَيكِ إلّا ما أطلَقتيهِ ، فَقَد حَبَستِ ما لَيسَ لَهُ لِسانٌ ولا يَقدِرُ عَلَى الكَلامِ إِذا جاعَ أو عَطِشَ ، فَأَطعِميهِ وأسقيهِ وإلّا خَلّي سَبيلَهُ يَأكُل مِن حَشائِشِ الأَرضِ ۱ .
۲۹۳۲.تنبيه الخواطر عن إسماعيل بن عبد اللّه الصلعي :لَمّا كَثُرَ الاِختِلافُ بَينَ أصحابِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وقُتِلَ عُثمانُ بنُ عَفّانَ تَخَوَّفتُ عَلى نَفسِيَ الفِتنَةَ ، فَاعتَزَمتُ عَلَى اعتِزالِ النّاسِ ، فَتَنَحَّيتُ إلى ساحِلِ الَبحرِ فَأَقَمتُ فيهِ حينا لا أدري ما فيهِ النّاسُ مُعتَزِلاً لِأَهلِ الهُجرِ وَالإِرجافِ ، فَخَرَجتُ مِن بَيتي لِبَعضِ حَوائِجي وقَد هَدَأَ اللَّيلُ ونامَ النّاسُ ، فَإِذا أنَا بِرَجُلٍ عَلى ساحِلِ البَحرِ يُناجي رَبَّهُ ويَتَضَرَّعُ إلَيهِ بِصَوتٍ شَجِيٍّ وقَلبٍ حَزينٍ ، فَنُضتُ ۲ إلَيهِ وأصغَيتُ إلَيهِ مِن حَيثُ لا يَراني ، فَسَمِعتُهُ يَقولُ :
يا حَسَنَ الصٌّحبَةِ ، يا خَليفَةَ النَّبِيّينَ ، يا أرحَمَ الرّاحِمينَ ، البَدِئُ البَديعُ لَيسَ مِثلَكَ شَيءُّ ، وَالدّائِمُ غَيرُ الغافِلِ ، وَالحَيُّ الَّذي لا يَموتُ ، أنتَ كُلَّ يَومٍ في شَأنٍ ، أنتَ خَليفَةُ مُحَمَّدٍ وناصِرُ مُحَمَّدٍ ومُفَضِّلُ مُحَمَّدٍ ، أنتَ الَّذي أسأَلُكَ أن تَنصُرَ وَصِيَّ مُحَمَّد