أيُّهَا الصِّدّيقُ الشَّهيدُ . السَّلامُ عَلَيكَ وعَلَى الأَرواحِ الَّتي حَلَّت بِفِنائِكَ وأناخَت بِرَحلِكَ . السَّلامُ عَلى مَلائِكَةِ اللّهِ المُحدِقينَ بِكَ . أشهَدُ أنَّكَ أقَمتَ الصَّلاةَ ، وآتَيتَ الزَّكاةَ ، وأمَرتَ بِالمَعروفِ ، ونَهَيتَ عَنِ المُنكَرِ ، وَاتَّبَعتَ الرَّسولَ ، وتَلَوتَ الكِتابَ حَقَّ تِلاوَتِهِ ، وبَلَّغتَ عَن رَسولِ اللّهِ ، ووَفَيتَ بِعَهدِ اللّهِ ، وتَمَّت بِكَ كَلِماتُ اللّهِ ، وجاهَدتَ في سَبيلِ اللّهِ حَقَّ جِهادِهِ ونَصَحتَ للّهِِ ولِرَسولِهِ ، وجُدتَ بِنَفسِكَ صابِراً مُحتَسِباً ومُجاهِداً عنَ دينِ اللّهِ ، مُوَقِّياً لِرَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، طالِباً ما عِندَ اللّهِ ، راغِباً فيما وَعَدَ اللّهُ ، ومَضَيتَ لِلَّذي كنُتَ عَلَيهِ شاهِداً ومَشهوداً ، فَجَزاكَ اللّهُ عَن رَسولِهِ وعَن الإِسلامِ وأهلِهِ أفضَلَ الجَزاءِ .
وكُنتَ أوَّلَ القَومِ إسلاماً ، وأخلَصَهُم إيماناً ، وأشَدَّهُم يَقيناً ، وأخَوَفَهُم للّهِِ ، وأعظَمَهُم عَناءً ، وأحوَطَهُم عَلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وأفضَلَهُم مَناقِبَ ، وأكثَرَهُم سَوابَِق ، وأرفَعَهُم دَرَجَةً ، وأشرَفَهُم مَنزِلَةً ، وأكرَمَهُم عَلَيهِ ، قَويتَ حينَ ضَعُفَ أصحابُهُ ، وبَرَزتَ حينَ استَكانوا ، ونَهَضتَ حينَ وَهَنوا ، ولَزِمتَ مِنهاجَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وكُنتَ خَليفَتَهُ حَقّاً بِرَغمِ المُنافِقينَ ، وغَيظِ الكافِرينَ ، وكَيدِ الحاسِدينَ ، وضِغنِ الفاسِقينَ ، فَقُمتَ بِالأَمرِ حينَ فَشِلوا ، ونَطَقتَ حينَ تَتَعتَعوا ، ومَضَيتَ بِنورِ اللّهِ إذ وَقَفوا ، فَمَنِ اتَّبَعَكَ فَقَد هُدِيَ . كُنتَ أقَلَّهُم كَلاماً ، وأصوَبَهُم مَنطِقاً ، وأكثَرَهُم رَأياً ، وأشجَعَهُم قَلباً ، وأشَدَّهُم يَقيناً وأحسَنَهُم عَمَلاً ، وأعرَفَهُم بِاللّهِ ، كُنتَ لِلدّينِ يَعسوباً أوَّلاً حينَ تَفَرَّقَ النّاسُ ، وآخِراً حينَ فَشِلوا ، كُنتَ لِلمُؤمِنينَ أباً رَحيماً إذ صاروا عَلَيكَ عِيالاً ، فَحَمَلتَ أثقالَ ما عَنهُ ضَعُفوا ، وحَفِظتَ ما أضاعوا ، ورَعَيتَ ما أهمَلوا ، وشَمَّرتَ إذ جَنَبوا ، وعَلَوتَ إذ هَلِعوا ، وصَبَرتَ إذ جَزِعوا ، كُنتَ عَلَى الكافِرينَ عَذاباً صَبّاً وغِلظَةً وغَيظاً ، ولِلمُؤمِنينَ عَيناً وحِصناً وعَلَماً ، لَم تُفلَل ۱ حُجَّتُكَ ، ولَم يَرتَب قَلبُكَ ،