بَلى يا أميرَ المُؤمِنينَ .
فَقالَ عليه السلام : وأمَّا الثّالِثَةُ يا أخَا اليَهودِ ، فَإِنَّ ابنَي رَبيعَةَ وَابنَ عُتبَةَ ـ كانوا فُرسانَ قُرَيشٍ ـ دَعَوا إلَى البِرازِ يَومَ بَدرٍ ، فَلَم يَبرُز لَهُم خَلقٌ مِن قُرَيشٍ ، فَأَنهَضَني رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله مَعَ صاحِبَيَّ رَضِيَ اللّهُ عَنهُما وقَد فَعَلَ وأنَا أحدَثُ أصحابي سِنّاً ، وأقَلُّهُم لِلحَربِ تَجرِبَةً ، فَقَتَلَ اللّهُ عَزَّ وجَلَّ بِيَدي وَليداً وشَيبَةَ سِوى مَن قَتَلتُ مِن جَحاجِحَةِ قُرَيشٍ في ذلِكَ اليَومِ ، وسِوى مَن أسَرتُ ، وكانَ مِنّي أكثَرُ مِمّا كانَ مِن أصحابي ، وَاستُشهِدَ ابنُ عَمّي ۱ في ذلِكَ رَحمَةُ اللّهِ عَلَيهِ . ثُمَّ التَفَتَ إلى أصحابِهِ فَقالَ : ألَيسَ كَذلِكَ ؟ قالوا : بَلى يا أميرَ المُؤمِنينَ .
فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام : وأمَّا الرّابِعَةُ يا أخَا اليَهودِ ، فَإِنَّ أهلَ مَكَّةَ أقبَلوا إلَينا عَلى بَكرَةِ أبيهِم قَدِ استَحاشوا مَن يَليهِم مِن قَبائِلِ العَرَبِ وقُرَيشٍ ؛ طالِبينَ بِثَأرِ مُشرِكي قُرَيشٍ في يَومِ بَدرٍ ، فَهَبَطَ جَبرَئيلُ عليه السلام عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله فَأَنبَأَهُ بِذلِكَ ، فَذَهَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله وعَسكَرَ بِأَصحابِهِ في سَدِّ اُحُدٍ ، وأقبَلَ المُشرِكونَ إلَينا فَحَمَلوا إلَينا ۲ حَملَةَ رَجُلٍ واحِدٍ ، وَاستُشهِدَ مِنَ المُسلِمينَ مَنِ استُشهِدَ ، وكانَ مِمَّن بَقِيَ [ماكانَ] ۳ مِنَ الهَزيمَةِ ، وبَقيتُ مَعَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، ومَضَى المُهاجِرونَ وَالأَنصارُ إلى مَنازِلِهِم مِنَ المَدينَةِ، كُلٌّ يَقولُ : قُتِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله وقُتِلَ أصحابُهُ . ثُمَّ ضَرَبَ اللّهُ عَزَّ وجَلَّ وُجوهَ المُشرِكينَ ، وقَد جُرِحتُ بَينَ يَدَي رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله نَيِّفاً وسَبعينَ جِراحَةً ، مِنها هذِهِ وهذِهِ ـ ثُمَّ ألقى عليه السلام رِداءَهُ وأمَرَّ يَدَهُ عَلى جِراحاتِهِ ـ وكانَ مِنّي في ذلِكَ ما عَلَى اللّهِ عَزَّ وجَلَّ ثَوابُهُ ، إن شاءَ اللّهُ . ثُمَّ التَفَتَ عليه السلام إلى أصحابِهِ فَقالَ : أ لَيسَ كَذلِكَ ؟ قالوا : بَلى يا أميرَ المُؤمِنينَ .
1.ومراده : عبيدة بن الحارث بن المطّلب بن عبد مناف .
2.كذا ، وفي بحار الأنوار نقلاً عن المصدر : «علينا» .
3.سقط ما بين المعقوفين من المصدر وأثبتناه من بحار الأنوار نقلاً عن المصدر .