543
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 4

بَلى يا أميرَ المُؤمِنينَ .
فَقالَ عليه السلام : وأمَّا الثّالِثَةُ يا أخَا اليَهودِ ، فَإِنَّ ابنَي رَبيعَةَ وَابنَ عُتبَةَ ـ كانوا فُرسانَ قُرَيشٍ ـ دَعَوا إلَى البِرازِ يَومَ بَدرٍ ، فَلَم يَبرُز لَهُم خَلقٌ مِن قُرَيشٍ ، فَأَنهَضَني رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله مَعَ صاحِبَيَّ رَضِيَ اللّهُ عَنهُما وقَد فَعَلَ وأنَا أحدَثُ أصحابي سِنّاً ، وأقَلُّهُم لِلحَربِ تَجرِبَةً ، فَقَتَلَ اللّهُ عَزَّ وجَلَّ بِيَدي وَليداً وشَيبَةَ سِوى مَن قَتَلتُ مِن جَحاجِحَةِ قُرَيشٍ في ذلِكَ اليَومِ ، وسِوى مَن أسَرتُ ، وكانَ مِنّي أكثَرُ مِمّا كانَ مِن أصحابي ، وَاستُشهِدَ ابنُ عَمّي ۱ في ذلِكَ رَحمَةُ اللّهِ عَلَيهِ . ثُمَّ التَفَتَ إلى أصحابِهِ فَقالَ : ألَيسَ كَذلِكَ ؟ قالوا : بَلى يا أميرَ المُؤمِنينَ .
فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام : وأمَّا الرّابِعَةُ يا أخَا اليَهودِ ، فَإِنَّ أهلَ مَكَّةَ أقبَلوا إلَينا عَلى بَكرَةِ أبيهِم قَدِ استَحاشوا مَن يَليهِم مِن قَبائِلِ العَرَبِ وقُرَيشٍ ؛ طالِبينَ بِثَأرِ مُشرِكي قُرَيشٍ في يَومِ بَدرٍ ، فَهَبَطَ جَبرَئيلُ عليه السلام عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله فَأَنبَأَهُ بِذلِكَ ، فَذَهَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله وعَسكَرَ بِأَصحابِهِ في سَدِّ اُحُدٍ ، وأقبَلَ المُشرِكونَ إلَينا فَحَمَلوا إلَينا ۲ حَملَةَ رَجُلٍ واحِدٍ ، وَاستُشهِدَ مِنَ المُسلِمينَ مَنِ استُشهِدَ ، وكانَ مِمَّن بَقِيَ [ماكانَ] ۳ مِنَ الهَزيمَةِ ، وبَقيتُ مَعَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، ومَضَى المُهاجِرونَ وَالأَنصارُ إلى مَنازِلِهِم مِنَ المَدينَةِ، كُلٌّ يَقولُ : قُتِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله وقُتِلَ أصحابُهُ . ثُمَّ ضَرَبَ اللّهُ عَزَّ وجَلَّ وُجوهَ المُشرِكينَ ، وقَد جُرِحتُ بَينَ يَدَي رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله نَيِّفاً وسَبعينَ جِراحَةً ، مِنها هذِهِ وهذِهِ ـ ثُمَّ ألقى عليه السلام رِداءَهُ وأمَرَّ يَدَهُ عَلى جِراحاتِهِ ـ وكانَ مِنّي في ذلِكَ ما عَلَى اللّهِ عَزَّ وجَلَّ ثَوابُهُ ، إن شاءَ اللّهُ . ثُمَّ التَفَتَ عليه السلام إلى أصحابِهِ فَقالَ : أ لَيسَ كَذلِكَ ؟ قالوا : بَلى يا أميرَ المُؤمِنينَ .

1.ومراده : عبيدة بن الحارث بن المطّلب بن عبد مناف .

2.كذا ، وفي بحار الأنوار نقلاً عن المصدر : «علينا» .

3.سقط ما بين المعقوفين من المصدر وأثبتناه من بحار الأنوار نقلاً عن المصدر .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 4
542

وكَبيرَهُم إلى شَهادَةِ أن لا إلهَ إلَا اللّهُ وأنَّهُ رَسولُ اللّهِ ، فَامتَنَعوا مِن ذلِكَ ، وأنكَروهُ عَلَيهِ ، وهَجَروهُ ، ونابَذوهُ ، وَاعتَزَلوهُ ، وَاجتَنَبوهُ ، وسائِرُ النّاسِ مُقصينَ لَهُ ومُخالِفينَ عَلَيهِ ، قَد استَعظَموا ما أورَدَهُ عَلَيهِم مِمّا لَم تَحتَمِلهُ قُلوبُهُم وتُدرِكهُ عُقولُهُم ، فَأَجَبتُ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله وَحدي إلى ما دَعا إلَيهِ مُسرِعاً مُطيعاً موقِناً ، لَم يَتَخالَجني في ذلِكَ شَكٌّ ، فَمَكَثنا بِذلِكَ ثَلاثَ حِجَجٍ وما عَلى وَجهِ الأَرضِ خَلقٌ يُصَلّي أو يُشهَدُ لِرَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِما آتاهُ اللّهُ غَيري وغَيرُ ابنَةِ خُوَيلِدٍ رَحِمَهَا اللّهُ ، وقَد فَعَلَ . ثُمَّ أقبَلَ عليه السلام عَلى أصحابِهِ فَقالَ : أ لَيسَ كَذلِكَ ؟ قالوا : بَلى يا أميرَ المُؤمِنينَ .
فَقالَ عليه السلام : وأمَّا الثّانِيَةُ يا أخَا اليَهودِ ، فَإِنَّ قُرَيشاً لَم تَزَل تَخَيَّلُ الآراءَ وتَعمَلُ الحِيَلَ في قَتلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله حَتّى كانَ آخِرُ مَا اجتَمَعَت في ذلِكَ يَومَ الدّارِ ـ دارِالنَّدوَةِ ـ وإبليسُ المَلعونُ حاضِرٌ في صورَةِ أعوَرِ ثَقيفٍ ، فَلَم تَزَل تَضرِبُ أمرَها ظَهرا لِبَطنٍ حَتَّى اجتَمَعَت آراؤُها عَلى أن يَنتَدِبَ مِن كُلِّ فَخِذٍ مِن قُرَيشٍ رَجُلٌ ، ثُمَّ يَأخُذَ كُلُّ رَجُلٍ مِنهُم سَيفَهُ ، ثُمَّ يَأتِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله وهُوَ نائِمٌ عَلى فِراشِهِ فَيَضرِبونَهُ جَميعاً بِأَسيافِهِم ضَربَةَ رَجُلٍ واحِدٍ فَيَقتُلوهُ ، وإذا قَتَلوهُ مَنَعَت قُرَيشٌ رِجالَها ولَم تُسَلِّمها ، فَيَمضي دَمُهُ هَدَراً .
فَهَبَطَ جَبرَئيلُ عليه السلام عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، فَأَنبَأَهُ بِذلِكَ وأخبَرَهُ بِاللَّيلَةِ الَّتي يَجتَمِعونَ فيها ، وَالسّاعَةِ الَّتي يَأتونَ فِراشَهُ فيها ، وأمَرَهُ بِالخُروجِ فِي الوَقتِ الَّذي خَرَجَ فيهِ إلَى الغارِ . فَأَخبَرَني رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِالخَبَرِ ، وأمَرَني أن أضطَجِعَ في مَضجَعِهِ ، وأقِيَهُ بِنَفسي ، فَأَسرَعتُ إلى ذلِكَ مُطيعاً لَهُ ، مَسروراً لِنَفسي بِأَن اُقتَلَ دونَهُ ، فَمَضى عليه السلام لَوَجهِهِ ، وَاضطَجَعتُ في مَضجَعِهِ ، وأقبَلَت رَجّالاتُ قُرَيشٍ موقِنَةً في أنفُسِها أن تَقتُلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله ، فَلَمَّا استَوى بي وبِهِمُ البَيتُ الَّذي أنَا فيهِ ناهَضتُهُم بِسَيفي ، فَدَفَعتُهُم عَن نَفسي بِما قَد عَلِمَهُ اللّهُ وَالنّاسُ . ثُمَّ أقبَلَ عليه السلام عَلى أصحابِهِ فَقالَ : أ لَيسَ كَذلِكَ ؟ قالوا :

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 4
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 116180
صفحه از 684
پرینت  ارسال به