يَستَوِني ۱ بِواحِدٍ مِنهُم ، ولا ذَكَرَ لي حالاً في وِراثَةِ الرَّسولِ ، ولا قَرابَةٍ ، ولا صِهرٍ ، ولا نَسَبٍ ، ولا لِواحِدٍ مِنهُم مِثلُ سابِقَةٍ مِن سَوابِقي ، ولا أثَرٌ مِن آثاري ، وصَيَّرَها شورى بَينَنا ، وصَيَّرَ ابنَهُ فيها حاكِماً عَلَينا ، وأمَرَهُ أن يَضرِبَ أعناقَ النَّفَرِ السَّتَّةِ الَّذينَ صَيَّرَ الأَمرَ فيهم إن لَم يُنفِذوا أمرَهُ ، وكَفى بِالصَّبرِ عَلى هذا ـ يا أخَا اليَهودِ ـ صَبراً .
فَمَكَثَ القَومُ أيّامَهُم كُلَّها كُلٌّ يَخطُبُ لِنَفسِهِ ، وأنَا مُمسِكٌ عَن أن سَأَلوني عَن أمري ، فَناظَرتُهُم في أيّامي وأيّامِهِم ، وآثاري وآثارِهِم ، وأوضَحتُ لَهُم ما لَم يَجهَلوهُ مِن وُجوهِ استِحقاقي لَها دونَهُم ، وذَكَّرتُهُم عَهدَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله إلَيهِم ، وتأكيدَ ما أكَّدَهُ مِنَ البَيعَةِ لي في أعناقِهِم . دَعاهُم حُبُّ الإِمارَةِ ، وبَسطُ الأَيدي وَالأَلسُنِ فِي الأَمرِ وَالنَّهيِ ، وَالرُّكونُ إلَى الدُّنيا ، وَالِاقتِداءُ بِالماضينَ قَبلَهُم إلى تَناوُلِ ما لَم يَجعَلِ اللّهُ لَهُم .
فَإِذا خَلَوتُ بِالواحِدِ ذَكَّرتُهُ أيّامَ اللّهِ ، وحَذَّرتُهُ ما هُوَ قادِمٌ عَلَيهِ وصائِرٌ إلَيهِ ، التَمَسَ مِنّي شَرطاً أن اُصَيِّرَها لَهُ بَعدي ، فَلَمّا لَم يَجِدوا عِندي إلَا المَحَجَّةَ البَيضاءَ ، وَالحَملَ عَلى كِتابِ اللّهِ عَزَّ وجَلَّ ووَصِيَّةِ الرَّسولِ ، وإعطاءَ كُلِّ امرِئٍ مِنهُم ماجَعَلَهُ اللّهُ لَهُ ، ومَنعَهُ ما لَم يَجعَلِ اللّهُ لَهُ ، أزالَها عَنّي إلَى ابنِ عَفّانَ ؛ طَمَعاً فِي الشَّحيحِ مَعَهُ فيها ، وَابنُ عَفّانَ رَجُلٌ لَم يَستَوِ بِهِ وبِواحِدٍ مِمَّن حَضَرَهُ حالٌ قَطُّ ، فَضلاً عَمَّن دونَهُم ، لا بِبَدرٍ ـ الَّتي هِيَ سَنامُ فَخرِهِم ـ ولا غَيرِها مِنَ المَآثِرِ الَّتي أكرَمَ اللّهُ بِها رَسولَهُ ، ومَنِ اختَصَّهُ مَعَهُ مِن أهلِ بَيتِهِ عليهم السلام .
ثُمَّ لَم أعلَمِ القَومَ أمسَوا مِن يَومِهِم ذلِكَ حَتّى ظَهَرَت نَدامَتُهُم ، ونَكَصوا عَلى أعقابِهِم ، وأحالَ بَعضُهُم عَلى بَعضٍ ، كُلٌّ يَلومُ نَفسَهُ ويَلومُ أصحابَهُ ، ثُمَّ لَم تَطُلِ الأَيّامُ بِالمُستَبِدِّ بِالأَمرِ ؛ ابنِ عَفّانَ حَتّى أكفَروهُ وتَبَرَّؤوا مِنهُ ، ومَشى إلى أصحابِهِ خاصَّة