75
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 4

مَن يَنجو ، ومَآلِ هذَا الأَمرِ . وما أبقى شَيئاً يَمُرُّ عَلى رَأسي إلّا أفرَغَهُ في أُذُنَيَّ وأفضى بِهِ إلَيَّ .
أيُّهَا النّاسُ ! إنّي وَاللّهِ ما أحُثُّكُم عَلى طاعَةٍ إلّا وأسبِقُكُم إلَيها ، ولا أنهاكُم عَن مَعصِيَةٍ إلّا وأتَناهى قَبلَكُم عَنها ۱۲ .

3 / 7

ما بالُكُم ؟ ما دَواؤُ كُم ؟

۲۷۶۹.أنساب الأشراف :لَمَّا استَنفَرَ عَلِيٌّ أهلَ الكوفَةِ فَتَثاقَلوا وتَباطَؤوا ، عاتَبَهُم ووَبَّخَهُم ، فَلَمّا تَبَيَّنَ مِنهُمُ العَجزُ ، وخَشِيَ مِنهُمُ التِمامَ عَلَى الخِذلانِ ، جَمَعَ أشرافَ أهلِ الكوفَةِ ودَعا شيعَتَهُ الَّذينَ يَثِقُ بِمُناصَحَتِهِم وَطاعَتِهِم فَقالَ :
الحَمدُ للّهِِ ، وأشهَدُ أن لا إلهَ إلّا اللّهُ ، وأنَّ مُحَمَّدا عَبدُهُ ورَسولُهُ ، أمّا بَعدُ ؛ أيُّهَا النّاسُ ! فَإِنَّكُم دَعَوتُموني إلى هذِهِ البَيعَةِ فَلَم أرُدَّكُم عَنها ، ثُمَّ بايَعتُموني عَلَى الإِمارَةِ ولَم أسأَلُكُم إيّاها ، فَتَوَثَّبَ عَلَيَّ مُتَوَثِّبونَ ، كَفَى اللّهُ مَؤونَتَهُم ، وصَرَعَهُم لِخُدودِهِم ، وأتعَسَ جُدودَهُم ، وجَعَلَ دائِرَةَ السَّوءِ عَلَيهِم .
وبَقِيَت طائِفَةٌ تُحدِثُ فِي الإِسلامِأحداثا ؛ تَعمَلُ بِالهَوى ، وتَحكُمُ بِغَيرِ الحَقِّ ، لَيسَت بِأهلٍ لمَِا ادَّعَت ، وهُم إذا قيلَ لَهُم : تُقَدِّموا قَدَما ، تَقَدَّموا ، وإذا قيلَ لَهُم : أقبِلوا أقبَلوا ، لا يَعرِفونَ الحَقَّ كَمَعرِفَتِهِمُ الباطِلَ ، وَلا يُبطِلونَ كَإِبطالِهِمُ الحَقَّ .
أما إنّي قَد سَئِمتُ مِن عِتابِكُم وخِطابِكُم ، فَبَيِّنوا لي ما أنتُم فاعِلونَ ؛ فَإِن كُنتُم

1.قال ابن أبي الحديد : التاركون : أي يتركون الواجبات . المأخوذ منهم : معنى الأخذ منهم : انتقاص أعمارهم وانتقاض قواهم . المرعى الوبيّ : ذو الوباء والمرض . الدويّ : ذوالداء . المُدى : جمع مُدْية ؛ وهي السكّين . ومعنى تكفروا فيّ برسول اللّه أي تفضّلوني عليه (شرح نهج البلاغة : ج۱۰ ص۱۱ و ۱۲) .

2.نهج البلاغة : الخطبة ۱۷۵ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 4
74

مِن فُضولِ الحُطامِ ، ولكِن لِنَرُدَّ المَعالِمَ مِن دينِكَ ، ونُظهِرَ الإِصلاحَ في بِلادِكَ ؛ فَيَأمَنَ المَظلومونَ مِن عِبادِكَ ، وتُقامَ المُعَطَّلَةُ منِ حُدودِكَ .
اللّهُمَّ إنّي أوَّلُ مَن أنابَ ، وسَمِعَ وأجابَ ، لَم يَسبِقني إلّا رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِالصَّلاةِ ، وقَد عَلِمتُم أنَّهُ لا يَنبَغي أن يَكونَ الوالي عَلَى الفُروجِ ، وَالدِّماءِ ، وَالمَغانِمِ ، وَالأَحكامِ ، وإمامَةِ المُسلِمينَ البَخيلَ ؛ فَتَكونَ في أموالِهِم نَهمَتُهُ ، ولَا الجاهِلُ ؛ فَيُضِلَّهُم بِجَهلِهِ ، ولَا الجافي ؛ فَيَقطَعَهُم بِجَفائِهِ ، ولَا الحائِفُ لِلدُّوَلِ ۱ ؛ فَيَتَّخِذَ قَوماً دونَ قَومٍ ، ولَا المُرتَشي فِي الحُكمِ ؛ فَيَذهَبَ بِالحُقوقِ ويَقِفَ بِها دونَ المَقاطِعِ ، ولَا المُعَطِّلُ لِلسُّنَّةِ ؛ فَيُهلِكَ الاُمَّةَ ۲ .

3 / 6

ما لي أراكُم عَنِ اللّهِ ذاهِبينَ ؟

۲۷۶۸.الإمام عليّ عليه السلام :أيُّهَا النّاسُ ! غَيرُ المَغفولِ عَنهُم ، وَالتّارِكونَ ، المَأخوذُ مِنهُم . ما لي أراكُم عَنِ اللّهِ ذاهبِينَ ، وإلى غَيرِهِ راغِبينَ ؟ كَأَنَّكُم نَعَمٌ أراحَ بِها سائِمٌ إلى مَرعىً وَبِيٍّ ومَشرَبٍ دَوِيٍّ . وإنَّما هِيَ كَالمَعلوفَةِ لِلمُدى لا تَعرِفُ ماذا يُرادُ بِها ! إذا اُحسِنَ إلَيها تَحسَبُ يَومَها دَهرَها ، وشِبعَها أمرَها .
وَاللّهِ لَو شِئتُ أن اُخبِرَ كُلَّ رَجُلٍ مِنكُم بِمَخرَجِهِ ومَولِجِهِ وجَميعِ شَأنِهِ لَفَعَلتُ ، ولكِن أخافُ أن تَكفُروا فِيَّ بِرَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله .
ألا وإنّي مُفضيهِ إلَى الخاصَّةِ مِمَّن يُؤمَنُ ذلِكَ مِنهُ . وَالَّذي بَعَثَهُ بِالحَقِّ وَاصطَفاهُ عَلَى الخَلقِ ما أنطِقُ إلّا صادِقاً . وقَد عَهِدَ إلَيَّ بِذلِكَ كُلِّهِ ، وبِمَهلِكِ مَن يَهلِكُ ، ومَنجى

1.الحيف : الجَور والظلم (لسان العرب : ج۹ ص۶۰) . والدُّوَل جمع الدولة : وهو ما يتداول من المال فيكون لقوم دون قوم (لسان العرب : ج۱۱ ص۲۵۲) .

2.نهج البلاغة : الخطبة ۱۳۱ ، بحار الأنوار : ج۲۵ ص۱۶۷ ح۳۶ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 4
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 115236
صفحه از 684
پرینت  ارسال به