239
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 5

فَقُلتُ : أدخُلُ يا رَسولَ اللّهِ ؟
قالَ : لا . فَكَبَوتُ كَبوَةً شَديدَةً ؛ مَخافَةَ أن يَكونَ رَدَّني مِن سَخطَةٍ ، أو نَزَلَ فِيَّ شَيءٌ مِنَ السَّماءِ .
ثُمَّ لَم ألبَث أن أتَيتُ البابَ الثّانِيَةَ ، فَقُلتُ : أدخُلُ يا رَسولَ اللّهِ ؟
فَقالَ : لا . فَكَبَوتُ كَبوَةً أشَدَّ مِنَ الاُولى .
ثُمَّ لَم ألبَث حَتّى أتَيتُ البابَ الثّالِثَةَ ، فَقُلتُ : أدخُلُ يا رَسولَ اللّهِ ؟
فَقالَ : اُدخُلي يا اُمَّ سَلَمَةَ . فَدَخَلتُ ، وعَلِيٌّ عليه السلام جاثٍ بَينَ يَدَيهِ ، وهُوَ يَقولُ : فِداكَ أبي واُمّي يا رَسولَ اللّهِ ! إذا كانَ كَذا وكَذا فَما تَأمُرُني ؟
قالَ : آمُرُكَ بِالصَّبرِ .
ثُمَّ أعادَ عَلَيهِ القَولَ الثّانِيَةَ ، فَأَمَرَهُ بِالصَّبرِ . فَأَعادَ عَلَيهِ القَولَ الثّالِثَةَ ، فَقالَ لَهُ : يا عَلِيُّ ، يا أخي ، إذا كانَ ذاكَ مِنهُم فَسُلَّ سَيفَكَ ، وضَعهُ عَلى عاتِقِكَ ، وَاضرِب بِهِ قُدُما قُدُما ، حَتّى تَلقاني وسَيفُكَ شاهِرٌ يَقطُرُ مِن دِمائِهِم .
ثُمَّ التَفَتَ عليه السلام إلَيَّ ، فَقالَ لي : ما هذِهِ الكَآبَةُ يا اُمَّ سَلَمَةَ ؟
قُلتُ : لِلَّذي كانَ مِن رَدِّكَ لي يا رَسولَ اللّهِ .
فَقالَ لي : وَاللّهِ ما رَدَدتُكِ مِن مَوجِدَةٍ ، وإنَّكِ لَعَلى خَيرٍ مِنَ اللّهِ ورَسولِهِ ، لكِن أتَيتِني وجَبرَئيلُ عَن يَميني وعَلِيٌّ عَن يَساري ، وجَبرَئيلُ يُخبِرُني بِالأَحداثِ الَّتي تَكونُ مِن بَعدي ، وأمَرَني أن اُوصِيَ بِذلِكَ عَلِيّا .
يا اُمَّ سَلَمَةَ ، اسمَعي وَاشهَدي ، هذا عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ أخي فِي الدُّنيا ، وأخي فِي الآخِرَةِ .
يا اُمَّ سَلَمَةَ ، اسمَعي وَاشهَدي ، هذا عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ وَزيري فِي الدُّنيا ، ووَزيري فِي الآخِرَةِ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 5
238

بِكَ ! قَلَّ يا رَسولَ اللّهِ عَن صَفِيَّتِكَ صَبري ، ورَقَّ عَنها تَجَلُّدي ۱ ، إلّا أنَّ فِي التَّأَسّي لي بِعَظيمِ فُرقَتِكَ ، وفادِحِ مُصيبَتِكَ ، مَوضِعَ تَعَزٍّ ، فَلَقَد وَسَّدتُكَ في مَلحودَةِ قَبرِكَ ، وفاضَت بَينَ نَحري وصَدري نَفسُكَ ، فَإِنّا للّهِ وإنّا إلَيهِ راجِعونَ . فَلَقَِد استُرجِعَتِ الوَديعَةُ ، واُخِذَتِ الرَّهينَةُ . أمّا حُزني فَسَرمَدٌ ، وأمّا لَيلي فَمُسَهَّدٌ ، إلى أن يَختارَ اللّهُ لي دارَكَ الَّتي أنتَ بِها مُقيمٌ .
وسَتُنَبِّئُكَ ابنَتُكَ بِتَضافُرِ اُمَّتِكَ عَلى هَضمِها ، فَأَحفِهَا ۲ السُّؤالَ ، وَاستَخبِرهَا الحالَ . هذا ولَم يَطُلِ العَهدُ ، ولَم يَخلُ مِنكَ الذِّكرُ ، وَالسَّلامُ عَلَيكُما سَلامَ مُوَدِّعٍ ، لا قالٍ ولا سَئِمٍ ، فَإِن أنصَرِف فَلا عَن مَلالَةٍ ، وإن اُقِم فَلا عَن سوءِ ظَنٍّ بِما وَعَدَ اللّهُ الصّابِرينَ ۳ .

۴۱۶۵.الإمام زين العابدين عليه السلام :بَلَغَ اُمَّ سَلَمَةَ ـ زَوجَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ـ أنَّ مَولىً لَها يَتَنَقَّصُ عَلِيّا عليه السلام ، ويَتَناوَلُهُ . فَأَرسَلَت إلَيهِ ، فَلَمّا أن صارَ إلَيها ، قالَت لَهُ : يا بُنَيَّ ، بَلَغَني أنَّكَ تَتَنَقَّصُ عَلِيّا عليه السلام وتَتَناوَلُهُ !
قالَ لَها : نَعَم ، يا اُمّاه .
قالَت : اُقعُد ـ ثَكِلَتكَ اُمُّكَ ـ حَتّى اُحَدِّثَكَ بِحَديثٍ سَمِعتُهُ مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، ثُمَّ اختَر لِنَفسِكَ ! إنّا كُنّا عِندَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله تِسعَ نِسوَةٍ ، وكانَت لَيلَتي ويَومي مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله وهُوَ مُتَهَلِّلٌ ، أصابِعُهُ في أصابِعِ عَلِيٍّ ، واضِعا يَدَهُ عَلَيهِ ، فَقالَ : يا اُمَّ سَلَمَةَ ، اُخرُجي مِنَ البَيتِ ، وأخليهِ لَنا . فَخَرَجتُ ، وأقبَلا يَتَناجَيانِ ، أسمَعُ الكَلامَ ، وما أدري ما يَقولانِ ، حَتّى إذَا انتَصَفَ النَّهارُ أتَيتُ البابَ ،

1.التَّجلُّد : تكلّف الجَلادة ، والجَلَد : القوّة والصبر (لسان العرب : ج۳ ص۱۲۶ وص۱۲۵) .

2.أحفاهُ : ألَحَّ عليه في المسألة (لسان العرب : ج۱۴ ص۱۸۷) .

3.نهج البلاغة : الخطبة ۲۰۲ ، الكافي : ج۱ ص۴۵۹ ح۳ عن عليّ بن محمّد الهرمزاني عن الإمام الحسين عليه السلام ، الأمالي للمفيد : ص۲۸۱ ح۷ ، الأمالي للطوسي : ص۱۰۹ ح۱۶۶ ، بشارة المصطفى : ص۲۵۹ والثلاثة الأخيرة عن عليّ بن محمّد الهرمزاني عن الإمام زين العابدين عن أبيه عليهماالسلاموكلّها نحوه ، روضة الواعظين : ص۱۶۹ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 5
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 106955
صفحه از 520
پرینت  ارسال به