بِكَ ! قَلَّ يا رَسولَ اللّهِ عَن صَفِيَّتِكَ صَبري ، ورَقَّ عَنها تَجَلُّدي ۱ ، إلّا أنَّ فِي التَّأَسّي لي بِعَظيمِ فُرقَتِكَ ، وفادِحِ مُصيبَتِكَ ، مَوضِعَ تَعَزٍّ ، فَلَقَد وَسَّدتُكَ في مَلحودَةِ قَبرِكَ ، وفاضَت بَينَ نَحري وصَدري نَفسُكَ ، فَإِنّا للّهِ وإنّا إلَيهِ راجِعونَ . فَلَقَِد استُرجِعَتِ الوَديعَةُ ، واُخِذَتِ الرَّهينَةُ . أمّا حُزني فَسَرمَدٌ ، وأمّا لَيلي فَمُسَهَّدٌ ، إلى أن يَختارَ اللّهُ لي دارَكَ الَّتي أنتَ بِها مُقيمٌ .
وسَتُنَبِّئُكَ ابنَتُكَ بِتَضافُرِ اُمَّتِكَ عَلى هَضمِها ، فَأَحفِهَا ۲ السُّؤالَ ، وَاستَخبِرهَا الحالَ . هذا ولَم يَطُلِ العَهدُ ، ولَم يَخلُ مِنكَ الذِّكرُ ، وَالسَّلامُ عَلَيكُما سَلامَ مُوَدِّعٍ ، لا قالٍ ولا سَئِمٍ ، فَإِن أنصَرِف فَلا عَن مَلالَةٍ ، وإن اُقِم فَلا عَن سوءِ ظَنٍّ بِما وَعَدَ اللّهُ الصّابِرينَ ۳ .
۴۱۶۵.الإمام زين العابدين عليه السلام :بَلَغَ اُمَّ سَلَمَةَ ـ زَوجَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ـ أنَّ مَولىً لَها يَتَنَقَّصُ عَلِيّا عليه السلام ، ويَتَناوَلُهُ . فَأَرسَلَت إلَيهِ ، فَلَمّا أن صارَ إلَيها ، قالَت لَهُ : يا بُنَيَّ ، بَلَغَني أنَّكَ تَتَنَقَّصُ عَلِيّا عليه السلام وتَتَناوَلُهُ !
قالَ لَها : نَعَم ، يا اُمّاه .
قالَت : اُقعُد ـ ثَكِلَتكَ اُمُّكَ ـ حَتّى اُحَدِّثَكَ بِحَديثٍ سَمِعتُهُ مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، ثُمَّ اختَر لِنَفسِكَ ! إنّا كُنّا عِندَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله تِسعَ نِسوَةٍ ، وكانَت لَيلَتي ويَومي مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله وهُوَ مُتَهَلِّلٌ ، أصابِعُهُ في أصابِعِ عَلِيٍّ ، واضِعا يَدَهُ عَلَيهِ ، فَقالَ : يا اُمَّ سَلَمَةَ ، اُخرُجي مِنَ البَيتِ ، وأخليهِ لَنا . فَخَرَجتُ ، وأقبَلا يَتَناجَيانِ ، أسمَعُ الكَلامَ ، وما أدري ما يَقولانِ ، حَتّى إذَا انتَصَفَ النَّهارُ أتَيتُ البابَ ،
1.التَّجلُّد : تكلّف الجَلادة ، والجَلَد : القوّة والصبر (لسان العرب : ج۳ ص۱۲۶ وص۱۲۵) .
2.أحفاهُ : ألَحَّ عليه في المسألة (لسان العرب : ج۱۴ ص۱۸۷) .
3.نهج البلاغة : الخطبة ۲۰۲ ، الكافي : ج۱ ص۴۵۹ ح۳ عن عليّ بن محمّد الهرمزاني عن الإمام الحسين عليه السلام ، الأمالي للمفيد : ص۲۸۱ ح۷ ، الأمالي للطوسي : ص۱۰۹ ح۱۶۶ ، بشارة المصطفى : ص۲۵۹ والثلاثة الأخيرة عن عليّ بن محمّد الهرمزاني عن الإمام زين العابدين عن أبيه عليهماالسلاموكلّها نحوه ، روضة الواعظين : ص۱۶۹ .