33
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 5

قالَت : لا ، ولكِن مِنِ اختِلافِ رَأيِ النّاسِ فيكَ ، وفي عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ ، و ۱ أبوكَ أبو سُفيانَ صَخرُ بنُ حَربِ بنِ اُمُيَّةَ ، وكانَ اُمَيَّةُ مِن قُرَيشٍ لُبابَها ، فَقالَت في مُعاوِيَةَ فَأَكثَرَت وهُوَ مُقبِلٌ عَلى عَقيلٍ وَالحَسَنِ ، فَقالَ مُعاوِيَةُ : رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَقولُ : مَن صَلّى أربَعا قَبلَ الظُّهرِ وأربَعا بَعدَ الظُّهرِ ، حُرِّمَ عَلَى النّارِ أن تَأكُلَهُ أبدا .
ثُمَّ قالَ لَها : أ في عَلِيٍّ تَقولينَ ؟ المُطعِمِ فِي الكُرُباتِ ، المُفَرِّجِ لِلكُرُباتِ ، مَعَ ما سَبَقَ لِعَليٍّ مِنَ العَناصيرِ السِّرِّيَّةِ وَالشِّيَمِ الرَّضِيَّةِ وَالشَّرَفِ ، فَكانَ كَالأَسَدِ الحاذِرِ ، وَالرَّبيعِ النّائِرِ ، وَالفُراتِ الذّاخِرِ ، وَالقَمَرِ الزّاهِرِ ، فَأَمَّا الأَسَدُ فَأَشبَهَ عَلِيٌّ مِنهُ صَرامَتَهُ ومَضاءَهُ ، وأمَّا الرَّبيعُ فَأَشبَهَ عَلِيٌّ مِنهُ حُسنَهُ وبَهاءَهُ ، وأمَّا الفُراتُ فَأَشبَهَ عَلِيٌّ مِنهُ طيبَهُ وسَخاءَهُ ، فَما تَغَطمَطَت ۲ عَلَيهِ قَماقِمُ العَرَبِ السّادَةُ ۳ مِن أوَّلِ العَرَبِ ، عَبدُ مَنافٍ وهاشِمٌ وعَبّاسٌ القَماقِمُ وَالعَبّاسُ صِنوُ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وأبوهُ وعَمُّهُ أكرِم بِهِ أبا وعَمّا ، ولَنِعمَ تَرجُمانُ القُرآنِ وَلَدُهُ ـ يَعني عَبدَ اللّهِ بنَ عَبّاسٍ ـ : كَهلُ الكُهولِ ، لَهُ لِسانٌ سَؤولٌ ، وقَلبٌ عَقولٌ ، خِيارُ خَلقِ اللّهِ وعِترَةُ نَبِيِّهِ ، خِيارُ ابنُ خِيارٍ .
فَقالَ عَقيلُ بنُ أبي طالِبٍ : يا بِنتَ أبي سُفيانَ ، لَو أنَّ لِعَلِيٍّ بَيتَينِ : بَيتٌ مِن تِبرٍ ، وَالآخَرُ تِبنٌ بَدَأَ بِالتِّبرِ ـ وهُوَ الذَّهَبُ ـ .
فَقالَ مُعاوِيَةُ : يا أبا يَزيدَ ، كَيفَ لا أقولُ هذا في عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ ، وعَلِيٌّ مِن هاماتِ قُرَيشٍ وذَوائِبِها ، وسَنامٌ قائِمٌ عَلَيها وعَلِيٌّ عَلامَتُها في شامِخٍ ۴ ؟

۳۹۲۱.الاستيعاب :كانَ مُعاوِيَةُ يَكتُبُ فيما يَنزِلُ بِهِ لِيُسأَلَ لَهُ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ رضى الله عنهعَن ذلِكَ ، فَلَمّا بَلَغَهُ قَتلُهُ قالَ : ذَهَبَ الفِقهُ وَالعِلمُ بِمَوتِ ابنِ أبي طالِبٍ ، فَقالَ لَهُ أخوهُ عُتبَةُ : لا

1.الواو هنا حاليّة .

2.الغطمطة : اضطراب الأمواج (لسان العرب : ج۷ ص۳۶۳) .

3.في المصدر : «الشادة»، وما أثبتناه من مختصر تاريخ دمشق .

4.تاريخ دمشق : ج۴۲ ص۴۱۵ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 5
32

ذَكَرتَ مَن لا يُنكَرُ فَضلُهُ ، رَحِمَ اللّهُ أبا حَسَنٍ ! فَلَقَد سَبَقَ مَن كانَ قَبلَهُ ، وأعجَزَ مَن يَأتي بَعدَهُ ، هَلُمَّ حَديثَ الحَديدَةِ ، قالَ : نَعَم .
أقوَيتُ وأصابَتني مَخمَصَةٌ ۱ شَديدَةٌ ، فَسَأَلتُهُ فَلَم تَندَ صَفاتُهُ ۲ ، فَجَمَعتُ صِبياني وجِئتُهُ بِهِم وَالبُؤسُ وَالضُرُّ ظاهِرانِ عَلَيهِم ، فَقالَ : اِيتِني عَشِيَّةً لِأَدفَعَ إلَيكَ شَيئا ، فَجِئتُهُ يَقودُني أحَدُ وُلدي ، فَأَمَرَهُ بِالتَّنَحّي ، ثُمَّ قالَ : ألا فَدونَكَ ، فَأَهوَيتُ ـ حَريصا قَد غَلَبَنِي الجَشَعُ أظُنُّها صُرَّةً ـ فَوَضَعتُ يَدي عَلى حَديدَةٍ تَلتَهِب نارا ، فَلَمّا قَبَضتُها نَبَذتُها وخُرتُ كَما يَخورُ الثَّورُ تَحتَ يَدِ جازِرِهِ ، فَقالَ لي : ثَكِلَتكَ اُمُّكَ! هذا مِن حَديدَةٍ أوقَدتُ لَها نارَ الدّنيا فَكَيفَ بِكَ وبي غَدا إن سَلَكنا في سَلاسِلِ جَهَنَّمَ ؟ ثُمَّ قَرَأَ : «إِذِ الْأَغْلَـلُ فِى أَعْنَـقِهِمْ وَ السَّلَـسِلُ يُسْحَبُونَ»۳ ثُمَّ قالَ : لَيسَ لَكَ عِندي فَوقَ حَقِّكَ الَّذي فَرَضَهُ اللّهُ لَكَ إلّا ما تَرى ، فَانصَرِف إلى أهلِكَ .
فَجَعَلَ مُعاوِيَةُ يَتَعَجَّبُ ويَقولُ : هَيهاتَ هَيهاتَ ! عَقِمَتِ النِّساءُ أن يَلِدنَ مِثلَهُ ۴ .

۳۹۲۰.تاريخ دمشق عن جابر :كُنّا ذاتَ يَومٍ عِندَ مُعاوِيَةَ بنِ أبي سُفيانَ ، وقَد جَلَسَ عَلى سَريرِهِ وَاعتَجَرَ بِتاجِهِ وَاشتَمَلَ بِساجِهِ ۵ ، وأومَأَ بِعَينَيهِ يَمينا وشِمالاً ، وقَد تَفَرَّشَت جَماهيرُ قُرَيشٍ وساداتُ العَرَبِ أسفَلَ السَّريرِ مِن قَحطانَ ، ومَعَهُ رَجُلانِ عَلى سَريرِهِ : عَقيلُ بنُ أبي طالِبٍ ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ ، وَامرَأَةٌ مِن وَراءِ الحِجابِ تُشيرُ بِكُمَّيها يَمينا وشِمالاً ، فَقالَت : يا أميرَ المُؤمِنينَ فاتَتِ اللَّيلَةُ أرِقَةً ، قالَ لَها مُعاوِيَةُ : أ مِن ألَمٍ ؟

1.المخمصة : المجاعة (النهاية : ج۲ ص۸۰) .

2.لم تندَ : من الندى : السخاء والكرم . والصَّفاة : صخرة ملساء . يقال في المثل : «ما تَنْدى صَفاتُه» (تاج العروس : ج۲۰ ص۲۳۴ و ج۱۹ ص۶۰۲) .

3.غافر : ج۷۱ .

4.شرح نهج البلاغة : ج۱۱ ص۲۵۳ ؛ بحار الأنوار : ج۴۲ ص۱۱۸ .

5.الساج : الطَّيْلسان الضخم الغليظ (لسان العرب : ج۲ ص۳۰۲) ، والطَّيلسان : ضربٌ من الأكسية (لسان العرب : ج۶ ص۱۲۵) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 5
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 108728
صفحه از 520
پرینت  ارسال به