135
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6

مُؤَلِّفٌ بَينَ مُتَعادِياتِها ، مُقارِنٌ بَينَ مُتَبايِناتِها ، مُقَرِّبٌ بَينَ مُتَباعِداتِها ، مُفَرِّقٌ بَينَ مُتَدانِياتِها . لا يُشمَل بِحَدٍّ ، ولا يُحسَب بِعَدٍّ ، وإنَّما تَحُدُّ الأَدَواتُ أنفُسَها ، وتُشيرُ الآلاتُ إلى نَظائِرِها .
مَنَعَتها «مُنذُ» القِدمَةَ ، وحَمَتها «قَدُ» الأَزَلِيَّةَ ، وجَنَّبَتها «لَولا» التَّكمِلَةَ ۱ ! بِها تَجَلّى صانِعُها لِلعُقولِ ، وبِهَا امتَنَعَ عَن نَظَرِ العُيونِ ، ولا يَجري عَلَيهِ السُّكونُ وَالحَرَكَةُ ، وكَيفَ يَجري عَلَيهِ ما هُوَ أجراهُ ، ويَعودُ فيهِ ما هُوَ أبداهُ ، ويَحدُثُ فيهِ ما هُوَ أحدَثَهُ ! إذا لَتَفاوَتَت ذاتُهُ ، ولَتَجَزَّأَ كُنهُهُ ، ولَامتَنَعَ مِنَ الأَزَلِ مَعناهُ ، ولَكانَ لَهُ وَراءٌ إذ وُجِدَ لَهُ أمامٌ ، ولَالتَمَسَ التَّمامَ إذ لَزِمَهُ النُّقصانُ . وإذاً لَقامَت آيَةُ المَصنوعِ فيهِ ، ولَتَحَوَّلَ دَليلاً بَعدَ أن كانَ مَدلولاً عَلَيهِ ، وخَرَجَ بِسُلطانِ الِامتِناعِ مَن أن يُؤَثِّرَ فيهِ ما يُؤَثِّرُ في غَيرِهِ .
الَّذي لا يَحولُ ولا يَزولُ ، ولا يَجوزُ عَلَيهِ الاُفولُ . لَم يَلِد فَيَكونَ مَولوداً ، ولَم يولَد فَيَصيرَ مَحدودا . جَلَّ عَنِ اتِّخاذِ الأَبناءِ ، وطَهُرَ عَن مُلامَسَةِ النِّساءِ .
لا تَنالُهُ الأَوهامُ فَتُقَدِّرَهُ ، ولا تَتَوَهَّمُهُ الفِطَنُ فَتُصَوِّرَهُ ، ولا تُدرِكُهُ الحَواسُّ فَتُحِسَّهُ ، ولا تَلمِسُهُ الأَيدي فَتَمَسَّهُ . ولا يَتَغَيَّرُ بِحالٍ ، ولا يَتَبَدَّلُ فِي الأَحوالِ . ولا تُبليهِ اللَّيالي وَالأَيّامُ ، ولا يُغَيِّرُهُ الضِّياءُ وَالظَّلامُ . ولا يوصَفُ بِشَيءٍ مِنَ الأَجزاءِ ، ولا بِالجَوارِحِ وَالأَعضاءِ ، ولا بِعَرَضٍ مِنَ الأَعراضِ ، ولا بِالغَيرِيَّةِ وَالأَبعاضِ .
ولا يُقالُ لَهُ حَدٌّ ولا نِهايَةٌ ، ولَا انقِطاعٌ ولا غايَةٌ ؛ ولا أنَّ الأَشياءَ تَحويهِ فَتُقِلَّهُ أو

1.قال ابن أبي الحديد ما خلاصته : تقدير الكلام ـ على القول بنصب القدمة والأزليّة والتكملة ـ : أنّ إطلاق لفظة «منذ» على الآلات والأدوات يمنعها عن كونها قديمة ؛ لأنّ لفظة «منذ» وضعت لابتداء الزمان ، والقديم لا ابتداء له . . . . وتقديره ـ على القول برفعها ـ أنّ قِدم الباري وأزليّته وكماله منعت الأدوات والآلات من إطلاق لفظة «منذ» و«قد» و«لولا» عليه سبحانه ؛ لأنّ اللّه تعالى قديم كامل ، ولفظتا «منذ» و«قد» لا يطلقان إلّا على محدَث ، ولفظة «لولا» لا تُطلَق إلّا على ناقص . . . (شرح نهج البلاغة : ج۱۳ ص۷۶ و ۷۷) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6
134

يَستَأنِسُ بِهِ ولا يَستَوحِشُ لِفَقدِهِ ۱ .

۵۳۳۹.عنه عليه السلامـ فِي الحَثِّ عَلى مَعرِفَتِهِ تَعالى وَالتَّوحيدِ لَهُ ـ: أوَّلُ عِبادَةِ اللّهِ مَعرِفَتُهُ ، وأصلُ مَعرِفَتُهُ تَوحيدُهُ ، ونِظامُ تَوحيدِهِ نَفيُ التَّشبيهِ عَنهُ ، جَلَّ عَن أن تَحُلَّهُ الصِّفاتُ لِشَهادَةِ العُقولِ : أنَّ كُلَّ مَن حَلَّتهُ الصِّفاتُ مَصنوعٌ ، وشَهادَةِ العُقولِ : أنَّهُ جَلَّ جَلالُهُ صانِعٌ لَيسَ بِمَصنوعٍ ، بِصُنعِ اللّهِ يُستَدَلُّ عَلَيهِ ، وبِالعُقولِ تُعتَقَدُ مَعرِفَتُهُ ، وبِالنَّظَرِ تَثبُتُ حُجَّتُهُ ، جَعَلَ الخَلقَ دَليلاً عَلَيهِ ، فَكَشَفَ بِهِ عَن رُبوبِيَّتِهِ ، هُوَ الواحِدُ الفَردُ في أزَلِيَّتِهِ ، لا شَريكَ لَهُ في إلهيَّتِهِ ، ولا نِدَّ لَهُ في رُبوبِيَّتِهِ ، بِمُضادَّتِهِ بَينَ الأَشياءِ المُتَضادَّةِ عُلِمَ أن لا ضِدَّ لَهُ ، وبِمُقارَنَتِهِ بَينَ الاُمورِ المُقتَرِنَةِ عُلِمَ أن لا قَرينَ لَهُ ۲ .

۵۳۴۰.عنه عليه السلام :ما وَحَّدَهُ مَن كَيَّفَهُ ، ولا حَقيقَتَهُ أصابَ مَن مَثَّلَهُ ، ولا إيّاهُ عَنى مَن شَبَّهَهُ ، ولا صَمَدَهُ مَن أشارَ إلَيهِ وتَوَهَّمَهُ . كُلُّ مَعروفٍ بِنَفسِهِ مَصنوعٌ ، وكُلُّ قائِمٍ في سِواهُ مَعلولٌ . فاعِلٌ لا بِاضطِرابِ آلَةٍ ، مُقَدِّرٌ لا بِجَولِ فِكرَةٍ ، غَنِيٌّ لا بِاستِفادَةٍ . لا تَصحَبُهُ الأَوقاتُ ، ولا تَرفِدُهُ الأَدَواتُ .
سَبَقَ الأَوقاتَ كَونُهُ ، وَالعَدَمَ وُجودُهُ ، وَالِابتداءَ أزَلُهُ . بِتَشعيرِهِ المَشاعِرَ عُرِفَ أن لا مَشعَرَ لَهُ ، وبِمُضادَّتِهِ بَينَ الاُمورِ عُرِفَ أن لا ضِدَّ لَهُ ، وبِمُقارَنَتِهِ بَينَ الأَشياءِ عُرِفَ أن لا قَرينَ لَهُ .
ضَادَّ النّورَ بِالظُّلمَةِ ، وَالوُضوحَ بِالبُهمَةِ ، وَالجُمودَ بِالبَلَلِ ، وَالحَرورَ بِالصَّرَدِ ۳ .

1.نهج البلاغة : الخطبة ۱ ، الاحتجاج : ج۱ ص۴۷۳ ح۱۱۳ ، بحار الأنوار : ج۷۷ ص۳۰۰ ح۷ و ج ۴ ص۲۴۷ ح۵ وراجع نهج الحقّ : ص۶۵ .

2.الإرشاد : ج۱ ص۲۲۳ عن صالح بن كيسان ، الاحتجاج : ج۱ ص۴۷۵ ح۱۱۴ وفيه «نفي الصفات» بدل «نفي التشبيه» و «بالفكر» بدل «بالنظر» ، بحار الأنوار : ج۴ ص۲۵۳ ح۶ .

3.الحرور : الريح الحارّة بالليل ، وقد تكون بالنهار . والصرَد : البَرد وقيل : شِدّته (لسان العرب : ج۴ ص۱۷۷ و ج۳ ص۲۴۸) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 102237
صفحه از 496
پرینت  ارسال به