بِكَونِها عِلما ، عِلمُهُ بِها قَبلَ أن يُكَوِّنَها كَعِلمِهِ بَعدَ تَكوينِها ، لَم يُكَوِّنها لِتَشديدِ سُلطانٍ ، ولا خَوفٍ مِن زَوالٍ ولا نُقصانٍ ، ولَا استِعانَةٍ عَلى ضِدٍّ مُناوٍ ، ولا نِدٍّ مُكاثِرٍ ، ولا شَريكٍ مُكابِرٍ ، لكِن خَلائِقُ مَربوبونَ وعِبادٌ داخِرونَ .
فَسُبحانَ الَّذي لا يَؤُودُهُ خَلقُ ما ابتَدَأَ ، ولا تَدبيرُ ما بَرَأَ ، ولا مِن عَجزٍ ولا مِن فَترَةٍ بِما خَلَقَ اكتَفى ، عَلِمَ ما خَلَقَ وخَلَقَ ما عَلِمَ ، لا بِالتَّفكيرِ في عِلمٍ حادِثٍ أصابَ ما خَلَقَ ، ولا شُبهَةٍ دَخَلَت عَلَيهِ فيما لَم يَخلُق ، لكِن قَضاءٌ مُبرَمٌ ، وعِلمٌ مُحكَمٌ ، وأمرٌ مُتقَنٌ . تَوَحَّدَ بِالرُّبوبِيَّةِ ، وخَصَّ نَفسَهُ بِالوَحدانِيَّةِ ، وَاستَخلَصَ بِالمَجدِ وَالثَّناءِ ، وتَفَرَّدَ بِالتَّوحيدِ وَالمَجدِ وَالسَّناءِ ، وتَوَحَّدَ بِالتَّحميدِ ، وتَمَجَّدَ بِالتَّمجيدِ ، وعَلا عَنِ اتِّخاذِ الأَبناءِ ، وتَطَهَّرَ وتَقَدَّسَ عَن مُلامَسَةِ النِّساءِ ، وعَزَّ وجَلَّ عَن مُجاوَرَةِ الشُّرَكاءِ .
فَلَيسَ لَهُ فيما خَلَقَ ضِدٌّ ، ولا لَهُ فيما مَلَكَ نِدٌّ ، ولَم يَشرَكهُ في مُلكِهِ أحَدٌ ، الواحِدُ الأَحَدُ الصَّمَدُ ، المُبيدُ لِلأَبَدِ وَالوارِثُ لِلأَمَدِ ، الَّذي لَم يَزَل ولا يَزالُ وَحدانِيّا أزَلِيّا ، قَبلَ بَدءِ الدُّهورِ وبَعدَ صُروفِ الاُمورِ ، الَّذي لا يَبيدُ ولا يَنفَدُ ، بِذلِكَ أصِفُ رَبّي فَلا إلهَ إلَا اللّهُ ، مِن عَظيمٍ ما أعظَمَهُ ؟ ! ومِن جَليلٍ ما أجَلَّهُ ؟ ! ومِن عَزيزٍ ما أعَزَّهُ ؟ ! وتَعالى عَمّا يَقولُ الظّالِمونَ عُلُوّا كَبيرا ۱ .
۵۳۴۲.عنه عليه السلامـ في خُطبَتِهِ في مَسجِدِ الكوفَةِ ـ: الحَمدُ للّهِِ الَّذي لا مِن شَيءٍ كانَ ، ولا مِن شَيءٍ كَوَّنَ ما قَد كانَ ، المُستَشهِدِ بِحُدوثِ الأَشياءِ عَلى أزَلِيَّتِهِ ، وبِما وَسَمَها بِهِ مِنَ العَجزِ عَلى قُدرَتِهِ ، وبِما اضطَرَّها إلَيهِ مِنَ الفَناءِ عَلى دَوامِهِ ، لَم يَخلُ مِنهُ مَكان