139
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6

بِكَونِها عِلما ، عِلمُهُ بِها قَبلَ أن يُكَوِّنَها كَعِلمِهِ بَعدَ تَكوينِها ، لَم يُكَوِّنها لِتَشديدِ سُلطانٍ ، ولا خَوفٍ مِن زَوالٍ ولا نُقصانٍ ، ولَا استِعانَةٍ عَلى ضِدٍّ مُناوٍ ، ولا نِدٍّ مُكاثِرٍ ، ولا شَريكٍ مُكابِرٍ ، لكِن خَلائِقُ مَربوبونَ وعِبادٌ داخِرونَ .
فَسُبحانَ الَّذي لا يَؤُودُهُ خَلقُ ما ابتَدَأَ ، ولا تَدبيرُ ما بَرَأَ ، ولا مِن عَجزٍ ولا مِن فَترَةٍ بِما خَلَقَ اكتَفى ، عَلِمَ ما خَلَقَ وخَلَقَ ما عَلِمَ ، لا بِالتَّفكيرِ في عِلمٍ حادِثٍ أصابَ ما خَلَقَ ، ولا شُبهَةٍ دَخَلَت عَلَيهِ فيما لَم يَخلُق ، لكِن قَضاءٌ مُبرَمٌ ، وعِلمٌ مُحكَمٌ ، وأمرٌ مُتقَنٌ . تَوَحَّدَ بِالرُّبوبِيَّةِ ، وخَصَّ نَفسَهُ بِالوَحدانِيَّةِ ، وَاستَخلَصَ بِالمَجدِ وَالثَّناءِ ، وتَفَرَّدَ بِالتَّوحيدِ وَالمَجدِ وَالسَّناءِ ، وتَوَحَّدَ بِالتَّحميدِ ، وتَمَجَّدَ بِالتَّمجيدِ ، وعَلا عَنِ اتِّخاذِ الأَبناءِ ، وتَطَهَّرَ وتَقَدَّسَ عَن مُلامَسَةِ النِّساءِ ، وعَزَّ وجَلَّ عَن مُجاوَرَةِ الشُّرَكاءِ .
فَلَيسَ لَهُ فيما خَلَقَ ضِدٌّ ، ولا لَهُ فيما مَلَكَ نِدٌّ ، ولَم يَشرَكهُ في مُلكِهِ أحَدٌ ، الواحِدُ الأَحَدُ الصَّمَدُ ، المُبيدُ لِلأَبَدِ وَالوارِثُ لِلأَمَدِ ، الَّذي لَم يَزَل ولا يَزالُ وَحدانِيّا أزَلِيّا ، قَبلَ بَدءِ الدُّهورِ وبَعدَ صُروفِ الاُمورِ ، الَّذي لا يَبيدُ ولا يَنفَدُ ، بِذلِكَ أصِفُ رَبّي فَلا إلهَ إلَا اللّهُ ، مِن عَظيمٍ ما أعظَمَهُ ؟ ! ومِن جَليلٍ ما أجَلَّهُ ؟ ! ومِن عَزيزٍ ما أعَزَّهُ ؟ ! وتَعالى عَمّا يَقولُ الظّالِمونَ عُلُوّا كَبيرا ۱ .

۵۳۴۲.عنه عليه السلامـ في خُطبَتِهِ في مَسجِدِ الكوفَةِ ـ: الحَمدُ للّهِِ الَّذي لا مِن شَيءٍ كانَ ، ولا مِن شَيءٍ كَوَّنَ ما قَد كانَ ، المُستَشهِدِ بِحُدوثِ الأَشياءِ عَلى أزَلِيَّتِهِ ، وبِما وَسَمَها بِهِ مِنَ العَجزِ عَلى قُدرَتِهِ ، وبِما اضطَرَّها إلَيهِ مِنَ الفَناءِ عَلى دَوامِهِ ، لَم يَخلُ مِنهُ مَكان

1.الكافي : ج۱ ص۱۳۴ ح۱ عن محمّد بن أبي عبد اللّه ومحمّد بن يحيى جميعا رفعاه إلى الإمام الصادق عليه السلام ، التوحيد : ص۴۱ ح۳ عن الحصين بن عبد الرحمن عن أبيه عن الإمام الصادق عن آبائه عنه عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج۴ ص۲۶۹ ح۱۵ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6
138

۵۳۴۱.عنه عليه السلامـ عِندَمَا استَنهَضَ النّاسَ في حَربِ مُعاوِيَةَ فِي المَرَّةِ الثّانِيَةِ ، فَلَمَّا اجتَمَعَ النّاسُ قامَ خَطيبا ـ: الحَمدُ للّهِِ الواحِدِ الأَحَدِ الصَّمَدِ المُتَفَرِّدِ الَّذي لا مِن شَيءٍ كانَ ، ولا مِن شَيءٍ خَلَقَ ما كانَ ، قُدرَةٌ بان بِها مِنَ الأَشياءِ وبانَتِ الأَشياءُ مِنهُ ، فَلَيسَت لَهُ صِفَةٌ تُنالُ ولا حَدٌّ تُضرَبُ لَهُ فيهِ الأَمثالُ ، كَلَّ دونَ صِفاتِهِ تَحبيرُ اللُّغاتِ ، وضَلَّ هُناكَ تَصاريفُ الصِّفاتِ ، وحارَ في مَلَكوتِهِ عَميقاتُ مَذاهِبِ التَّفكيرِ ، وَانقَطَعَ دونَ الرُّسوخِ في عِلمِهِ جَوامِعُ التَّفسيرِ ، وحالَ دونَ غَيبِهِ المَكنونِ حُجُبٌ مِنَ الغُيوبِ ، تاهَت في أدنى أدانيها طامِحاتُ العُقولِ في لَطيفاتِ الاُمورِ .
فَتَبارَكَ اللّهُ الَّذي لا يَبلُغُهُ بُعدُ الهِمَمِ ، ولا يَنالُهُ غَوصُ الفِطَنِ ، وتَعالَى الَّذي لَيسَ لَهُ وَقتٌ مَعدودٌ ، ولا أجَلٌ مَمدودٌ ، ولا نَعتٌ مَحدودٌ ، سُبحانَ الَّذي لَيسَ لَهُ أوَّلٌ مُبتَدَأٌ ، ولا غايَةٌ مُنتَهًى ، ولا آخِرٌ يَفنى .
سُبحانَهُ هُوَ كَما وَصَفَ نَفسَهُ ، وَالواصِفونَ لا يَبلُغونَ نَعتَهُ ، وحَدَّ الأَشياءَ كُلَّها عِندَ خَلقِهِ ، إبانَةً لَها مِن شَبَهِهِ وإبانَةً له مِن شَبَهِها ، لَم يَحلُل فيها فَيُقالَ : هُوَ فيها كائِنٌ ، ولَم يَنأَ عَنها فَيُقالَ : هُوَ مِنها بائِنٌ ، ولَم يَخلُ مِنها فَيُقالَ لَهُ : أينَ ، لكِنَّهُ سُبحانَهُ أحاطَ بِها عِلمُهُ ، وأتقَنَها صُنعُهُ ، وأحصاها حِفظُهُ ، لَم يَعزُب عَنهُ خَفِيّاتُ غُيوبِ الهَواءِ ، ولا غَوامِضُ مَكنونِ ظُلَمِ الدُّجى ، ولا ما فِي السَّماواتِ العُلى إلَى الأَرَضينَ السُّفلى ، لِكُلِّ شَيءٍ مِنها حافِظٌ ورَقيبٌ ، وكُلُّ شَيءٍ مِنها بِشَيءٍ مُحيطٌ ، وَالمُحيطُ بِما أحاطَ مِنها .
الواحِدُ الأَحَدُ الصَّمَدُ ، الَّذي لا يُغَيِّرُهُ صُروفُ الأَزمانِ ، ولا يَتَكَأَّدُهُ صُنعُ شَيءٍ كانَ ، إنَّما قالَ لِما شاءَ : كُن فَكَان . اِبتَدَعَ ما خَلَقَ بِلا مِثالٍ سَبَقَ ، ولا تَعَبٍ ولا نَصَبٍ ، وكُلُّ صانِعِ شَيءٍ فَمِن شَيءٍ صَنَعَ ، وَاللّهُ لا مِن شَيءٍ صَنَعَ ما خَلَقَ ، وكُلُّ عالِمٍ فَمِن بَعدَ جَهلٍ تَعَلَّمَ ، وَاللّهُ لَم يَجهَل ولَم يَتَعَلَّم . أحاطَ بِالأَشياءِ عِلما قَبلَ كَونِها ، فَلَم يَزدَد

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 102106
صفحه از 496
پرینت  ارسال به