141
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6

قِدمَةً ، وبِإِحكامِ الصَّنعَةِ لَها عِبرَةً ۱ .

۵۳۴۳.عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي مَنَعَ الأَوهامَ أن تَنالَ إلّا وُجودَهُ ، وحَجَبَ العُقولَ أن تَتَخَيَّلَ ذاتَهُ لِامتِناعِها مِنَ الشَّبَهِ وَالتَّشاكُلِ ، بَل هُوَ الَّذي لا يَتَفاوتُ في ذاتِهِ ، ولا يَتَبَعَّضُ بِتَجزِئَةِ العَدَدِ في كَمالِهِ .
فارَقَ الأَشياءَ لا عَلَى اختِلافِ الأَماكِنِ ، ويَكونُ فيها لا عَلى وَجهِ المُمازَجَةِ . وعَلِمَها لا بِأَداةٍ ؛ لا يَكونُ العِلمُ إلّا بِها . ولَيسَ بَينَهُ وبَينَ مَعلومِهِ عِلمُ غَيرِهِ بِهِ كانَ عالِما بِمَعلومِهِ . إن قيلَ : كانَ ، فَعَلى تَأويلِ أزَلِيَّةِ الوُجودِ ، وإن قيلَ : لَم يَزَل ، فَعَلى تَأويلَ نَفيِ العَدَمِ ۲ .

۵۳۴۴.عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي بَطَنَ خَفِيّاتِ الاُمورِ ، ودلَّتَ عَلَيهِ أعلامُ الظُّهورِ ، وَامتَنَعَ عَلى عَينِ البَصيرِ ؛ فَلا عَينُ مَن لَم يَرَهُ تُنكِرُهُ ، ولا قَلبُ مَن أثبَتَهُ يُبصِرُهُ . سَبَقَ فِي العُلُوِّ فَلا شَيءَ أعلى مِنهُ ، وقَرُبَ فِي الدُّنُوِّ فَلا شَيءَ أقرَبُ مِنهُ .
فَلَا استِعلاؤُهُ باعَدَهُ عَن شَيءٍ مِن خَلقِهِ ، ولا قُربُهُ ساواهُم فِي المَكانِ بِهِ ، لَم يُطلِعِ العُقولَ عَلى تَحديدِ صِفَتِهِ ، ولَم يَحجُبها عَن واجِبِ مَعرِفَتِهِ ، فَهُوَ الَّذي تَشهَدُ لَهُ أعلامُ الوُجودِ عَلى إقرارِ قَلبِ ذِي الجُحودِ . تَعالَى اللّهُ عَمّا يَقولُهُ المُشَبِّهونَ بِهِ وَالجاحِدونَ لَهُ عُلُوّا كَبيرا ۳ .

1.عيون أخبار الرضا : ج۱ ص۱۲۱ ح۱۵ ، التوحيد : ص۶۹ ح۲۶ كلاهما عن الهيثم بن عبد اللّه الرمّاني عن الإمام الرضا عن آبائه عليهم السلام ، البلد الأمين : ص۹۲ كلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج۴ ص۲۲۱ ح۲ .

2.الكافي : ج۸ ص۱۸ ح۴ عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر عليه السلام ، التوحيد : ص۷۳ ح۲۷ ، الأمالي للصدوق : ص۳۹۹ ح۵۱۵ كلاهما عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر عن آبائه عنه عليهم السلام نحوه وفيهما «أعجز الأوهام» بدل «منع الأوهام» ، تحف العقول : ص۹۲ وفيه «أعدم الأوهام» بدل «منع الأوهام» ، بحار الأنوار : ج۷۷ ص۲۸۰ ح۱ .

3.نهج البلاغة : الخطبة ۴۹ ، شرح الأخبار : ج۲ ص۳۱۱ ح۶۴۰ نحوه وفيه «واستتر بلطفه عن عين البصيرة» بدل «وامتنع على عين البصير» ، بحار الأنوار : ج۴ ص۳۰۸ ح۳۶ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6
140

فَيُدرَكَ بَأَينِيَّتِهِ ، ولا لَهُ شَبَحُ مثالٍ فَيوصَفَ بِكَيفِيَّتِهِ ، ولَم يَغِب عَن شَيءٍ فَيُعلَمَ بِحَيثِيَّتِهِ .
مُبايِنٌ لِجَميعِ ما أحدَثَ فِي الصِّفاتِ ، ومُمتَنِعٌ عَنِ الإِدراكِ بِمَا ابتَدَعَ مِن تَصريفِ الذَّواتِ ، وخارِجٌ بِالكِبرياءِ وَالعَظَمَةِ مِن جَميعِ تَصَرُّفِ الحالاتِ ، مُحَرَّمٌ عَلى بَوارِعِ ناقِباتِ الفِطَنِ تَحديدُها ، وعَلى غَوامِضِ ثاقِباتِ الفِكرِ تَكييفُهُ وعَلى غَوائِصِ سابِحات النَّظَرِ تَصويرُهُ .
لا تَحويهِ الأَماكِنُ لِعَظَمَتِهِ ، ولا تُدرِكُهُ المَقاديرُ لِجَلالِهِ ، ولا تَقطَعُهُ المَقاييسُ لِكِبرِيائِهِ ، مُمتَنِعٌ عَنِ الأَوهامِ أن تَكتَنِهَهُ ، وعَنِ الأَفهامِ أن تَستَغرِقَهُ ، وعَنِ الأَذهانِ أن تُمَثِّلَهُ ، وقَد يَئِسَت مِنِ استِنباطِ الإِحاطَةِ بِهِ طَوامِحُ العُقولِ ، ونَضَبَت عَنِ الإِشارَةِ إلَيهِ بِالِاكتِناهِ بِحارُ العُلومِ ، ورَجَعَت بِالصُّغرِ عَنِ السُّمُوِّ إلى وَصفِ قُدرَتِهِ لَطائِفُ الخُصومِ .
واحِدٌ لا مِن عَدَدٍ ، ودائِمٌ لا بَأَمَدٍ ، وقائِمٌ لا بِعَمَدٍ ، لَيسَ بِجِنسٍ فَتُعادِلَهُ الأَجناسُ ، ولا بِشَبَحٍ فَتُضارِعَهُ الأَشباحُ ، ولا كَالأَشياءِ فَتَقَعَ عَلَيهِ الصِّفاتُ ، قَد ضَلَّتِ العُقولُ في أمواجِ تَيّارِ إدراكِهِ ، وتَحَيَّرَتِ الأَوهامُ عَن إحاطَةِ ذِكرِ أزَلِيَّتِهِ ، وحَصِرَتِ الأَفهامُ عَنِ استِشعارِ وَصفِ قُدرَتِهِ ، وغَرِقَتِ الأَذهانُ في لُجَجِ أفلاكِ مَلَكوتِهِ ، مُقتَدِرٌ بِالآلاءِ ، ومُمتَنِعٌ بِالكِبرِياءِ ، ومُتَمَلِّكٌ عَلَى الأَشياءِ .
فَلا دَهرٌ يُخلِقُهُ ولا زَمانٌ يُبليهِ ، ولا وَصفٌ يُحيطُ بِهِ ، وقَد خَضَعَت لَهُ الرِّقابُ الصِّعابُ في مَحَلِّ تُخوم قَرارِها ، وأذعَنَت لَهُ رَواصِنُ الأَسبابِ في مُنتَهى شَواهِقِ أقطارِها ، مُستَشهِدٌ بِكُلِّيَّةِ الأَجناسِ عَلى رُبوبِيَّتِهِ ، وبِعَجزِها عَلى قُدرَتِهِ ، وبِفُطورِها عَلى قِدمَتِهِ ، وبِزَوالِها عَلى بَقائِهِ ، فَلا لَها مَحيصٌ عَن إدراكِهِ إيّاها ، ولا خُروجٌ من إحاطَتِهِ بِها ، ولَا احتِجابٌ عَن إحصائِهِ لَها ، ولَا امتِناعٌ مِن قُدرَتِهِ عَلَيها .
كَفى بِإِتقانِ الصُّنعِ لَها آيَةً ، وبِمُرَكَّبِ الطَّبعِ عَلَيها دَلالَةً ، وبِحُدوثِ الفِطَرِ عَلَيها

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 101936
صفحه از 496
پرینت  ارسال به