149
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6

أشراجِها ۱ ، وفَتَقَ بَعدَ الِارتِتاقِ صَوامِتَ أبوابِها ، وأقام رَصَداً مِنَ الشُّهُبِ الثَّواقِب عَلى نِقابها ، وأمسَكَها من أن تَمورَ في خَرقِ الهَواءِ بِأَيدِهِ ۲ ، وأمَرَها أن تَقِفَ مُستَسلِمَةً لِأَمرِهِ ، وجَعَلَ شَمسَها آيَةً مُبصِرَةً لِنَهارِها ، وقَمَرَها آيَةً مَمحُوَّةً مِن لَيلِها ، وأجراهُما في مَناقِلِ مَجراهُما . وقَدَّرَ سَيرَهُما في مَدارِجَ دَرجِهِما ؛ لِيُمَيِّزَ بَينَ اللَّيلِ وَالنَّهارِ بِهِما ، ولِيُعلَمَ عَدَدُ السِّنينَ وَالحِسابُ بِمَقاديرِهِما . ثُمَّ عَلَّقَ في جَوِّها فَلَكَها ، وناطَ بِها زينَتَها من خَفِيّاتِ درارِيِّها ومَصابيحِ كَواكِبِها ، ورَمى مُستَرقِي السَّمعِ بِثَواقِبِ شُهُبِها وأجراها عَلى أذلالِ ۳ تَسخيرِها مِن ثَباتِ ثابِتِها ومَسيرِ سائِرِها وهُبوطِها وصُعودِها ونُحوسِها وسُعودِها ۴ .

۵۳۵۱.عنه عليه السلامـ من خُطبَةٍ لَهُ فِي التَّوحيدِ ويَذكُرُ فيها خَلقَ السَّماواتِ ـ: فَمِن شَواهِدِ خَلقِهِ خَلقُ السَّماواتِ مُوَطَّداتِ بِلا عَمَدٍ ، قائِماتٍ بِلا سَنَدٍ . دَعاهُنَّ فَأَجَبنَ طائِعاتٍ مُذعِناتٍ ، غَيرَ مُتَلَكِّئاتٍ ولا مُبطِئاتٍ . ولَولا إقرارُهُنَّ لَهُ بِالرُّبوبِيَّةِ وإذعانُهُنَّ بِالطَّواعِيَةِ لَما جَعَلَهُنَّ مَوضِعا لِعَرشِهِ ، ولا مَسكَنا لِمَلائِكَتِهِ ، ولا مَصعَدا لِلكَلِمِ الطَّيِّبِ وَالعَمَلِ الصّالِحِ مِن خَلقِهِ . جَعَلَ نُجومَها أعلاما يَستَدِلُّ بِهَا الحَيرانُ في مُختَلِفِ فِجاجِ الأَقطارِ . لَم يَمنَع ضَوءَ نورِهَا ادلِهمامُ سُجُفِ اللَّيلِ المُظلِمِ ، ولَا استَطاعَت جَلابيبُ سَوادِ الحَنادِسِ ۵ أن تَرُدَّ ما شاعَ فِي السَّماواتِ مِن تَلَألُوَ نورِ القَمَرِ ۶ .

۵۳۵۲.عنه عليه السلامـ مُخاطِبا اللّهَ عَزَّ وجَلَّ ـفَمَن فَرَّغَ قَلبَهُ وأعمَلَ فِكرَهُ ؛ لِيَعلَمَ كَيفَ أقَمتَ عَرشَك ، وكَيفَ ذَرَأتَ خَلقَكَ ، وكَيفَ عَلَّقتَ فِي الهَواءِ سَماواتِكَ ، وكَيفَ مَدَدتَ عَلى

1.أسرَجْتُ العَيبةَ وشرَجْتُها : إذا شَددْتُها بالشَّرَجِ ؛ وهي العُرَى (النهاية : ج۲ ص۴۵۶) .

2.الأيدُ : القُوّة (النهاية : ج۱ ص۸۴) .

3.أي على وجوهِها وطرُقها ، وهو جمع ذِلٍّ (النهاية : ج۲ ص۱۶۶) .

4.نهج البلاغة : الخطبة ۹۱ عن مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج۵۷ ص۱۰۸ ح۹۰ .

5.حِنْدس : أي شَدِيدة الظُّلْمة (النهاية : ج۱ ص۴۵۰) .

6.نهج البلاغة : الخطبة ۱۸۲ عن نوف البكالي ، بحار الأنوار : ج۷۷ ص۳۰۸ ح۱۳ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6
148

سُبحانَهُ ريحا اِعتَقَمَ مَهَبَّها وأدامَ مُرَبَّها ۱ . وأعصَفَ مَجراها وأبعَدَ مَنشَأَها . فَأَمَرَها بِتَصفيقِ الماءِ الزُّخّارِ ، وإثارَةِ مَوجِ البِحارِ . فَمَخَضَتهُ ۲ مَخضَ السِّقاءِ ، وعَصَفَت بِهِ عَصفَها بِالفَضاءِ . تَرُدُّ أوَلَّهُ إلى آخِرِهِ ، وساجِيَهُ ۳ إلى مائِرِهِ ۴ . حَتّى عَبَّ عُبابُهُ ، ورَمى بِالزَّبَدِ رُكامُهُ ، فَرَفَعَهُ في هَواءٍ مُنفَتِقٍ ، وجَوٍّ مُنفَهِقٍ ۵ . فَسَوّى مِنهُ سَبعَ سَماواتٍ جَعَلَ سُفلاهُنَّ مَوجا مَكفوفا وعُلياهُنَّ سَقفا مَحفوظا . وسَمَكا مَرفوعا ، بِغَيرِ عَمَدٍ يَدعَمُها ، ولا دِسارٍ ۶ يَنظِمُها . ثُمَّ زَيَّنَها بِزينَةٍ الكَواكِبِ ، وضِياءِ الثَّواقِبِ ، وأجرى فيها سِراجا مُستَطيرا ، وقَمَرا مُنيرا : في فَلَكٍ دائِرٍ ، وسَقفٍ سائِرٍ ، ورَقيمٍ مائِرٍ ۷۸ .

۵۳۵۰.عنه عليه السلامـ مِن خُطبَةٍ لَهُ في صِفَةِ السَّماءِ ـ: ونَظَمَ بِلا تَعليقٍ رهواتِ ۹ فُرَجِها ، ولاحَمَ صُدوعَ انفِراجِها ، ووَشَّجَ بَينَها وبَينَ أزواجِها ، وذَلَّلَ لِلهابِطينَ بِأَمرِهِ وَالصّاعِدينَ بِأَعمالِ خَلقِهِ حُزونَةَ ۱۰ مِعراجِها ، وناداها بَعدَ إذ هِيَ دُخانٌ ۱۱ ، فَالتَحَمَت عُرى

1.أرب الدهر : اشتدّ (لسان العرب : ج۱ ص۲۰۸) .

2.المَخْضُ : تحريك السِّقاء الذي فيه اللبن ؛ ليخرُج زُبْدُه (النهاية : ج۴ ص۳۰۷) .

3.الساجي : أي الساكن (النهاية : ج۲ ص۳۴۵) .

4.مار الشيء يمور مورا : إذا جاء وذهب (النهاية : ج۴ ص۳۷۱) .

5.الفَهق : هو الامتِلاء والاتّساع (النهاية : ج۳ ص۴۸۲) .

6.الدِسار : المِسْمار وجمعه دُسُر (النهاية : ج۲ ص۱۱۶) .

7.يريد به وشي السماء بالنجوم (النهاية : ج۲ ص۲۵۴) .

8.نهج البلاغة : الخطبة ۱ ، بحار الأنوار : ج۵۷ ص۱۷۷ ح۱۳۶ و ج۷۷ ص۳۰۱ ح۷ .

9.الرهوات : أي المواضع المتفتّحة منها ، وهي جمع رهوة (النهاية : ج۲ ص۲۸۵) .

10.الحُزُونة : الخُشونة (النهاية : ج۱ ص۳۸۰) .

11.يتصوّر علماء الفلك اليوم أنّ أوّل نشوء الكون كان نتيجة انفجار كبير شاع منه دخان مؤلّف من دقائق ناعمة ، وساد عندها في الكون سكون وظلام دامس ، ثمّ بدأت الذرّات تتجمّع في مناطق معيّنة مشكّلة أجراما ، ما لبثت أن بدأت فيها التفاعلات النوويّة ، التي جعلت هذا الأجرام نجوما مضيئة . وفي قول الإمام : «فالتحمت عرى أشراجها» تشبيه لنجوم المجرّة بالحلقات المرتبطة ببعضها بوشاج الجاذبيّة والتأثير المتبادل . وبعد نشوء النجوم الملتهبة الدائرة بدأت تقذف بالحمم التي شكّلت الكواكب السيّارة كالأرض وغيرها ، وهو ما عبّر عنه الإمام عليه السلام بـ «وفتق بعد الارتتاق» (تصنيف نهج البلاغة : ص۷۷۹) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 83720
صفحه از 496
پرینت  ارسال به