الباب الثالث : خلق الأرض وتأهيلها للمعيشة
۵۳۶۱.الإمام عليّ عليه السلام :أنشَأَ الأَرضَ فَأَمسَكَها مِن غَيرِ اشتِغالٍ ، وأرساها عَلى غَيرِ قَرارٍ ، وأقامَها بِغَيرِ قَوائِمَ ، ورَفَعَها بِغَيرِ دَعائِمَ ، وحَصَّنَها مِنَ الأَوَدِ ۱ وَالاِعوِجاجِ ، ومَنَعَها مِنَ التَّهافَتِ وَالِانفِراجِ . أرسى أوتادَها ، وضَرَبَ أسدادَها ۲ ، وَاستَفاضَ عُيونَها ، وخَدَّ أودِيَتَها ، فَلَم يَهِن ما بَناهُ ، ولا ضَعُفَ ما قَوّاهُ . هُوَ الظّاهِرُ عَلَيها بِسُلطانِهِ وعَظَمَتِهِ ، وهُوَ الباطِنُ لَها بِعِلمِهِ ومَعرِفَتِهِ ، وَالعالي عَلى كُلِّ شَيءٍ مِنها بِجَلالِهِ وعِزَّتِهِ . لا يُعجِزُهُ شَيءٌ مِنها طَلَبَهُ ، ولا يَمتَنِعُ عَلَيهِ فَيَغلِبَهُ ، ولا يَفوتُهُ السَّريعُ مِنها فَيَسبِقَهُ ، ولا يَحتاجُ إلى ذي مالٍ فَيَرزُقَهُ . خَضَعَتِ الأَشياءُ لَهُ ، وذَلَّت مُستَكينَةً لِعَظَمَتِهِ ، لا تَستَطيعُ الهَرَبُ مِن سُلطانِهِ إلى غَيرِهِ فَتَمتَنِعَ مِن نَفعِهِ وضَرِّهِ ، ولا كُف ءَ لَهُ فَيُكافِئَهُ ، ولا نَظيرَ لَهُ فَيُساوِيَهُ . هُوَ المُفني لَها بَعدَ وُجودِها ، حتّى يَصيرَ مَوجودُها كَمَفقودِها . ولَيسَ فَناءُ الدُّنيا بَعدَ ابتِداعِها بَأَعجَبَ مِن إنشائِها وَاختِراعها ۳ .
۵۳۶۲.عنه عليه السلامـ في صِفَةِ الأَرضِ ودَحوِها عَلَى الماءِ ـ: كَبَسَ الأَرضَ عَلى مَورِ أمواج
1.الأوَدُ : العِوَج (النهاية : ج۱ ص۷۹) .
2.السُّد ـ بالفتح والضمّ ـ : الجبل والرَّدم (النهاية : ج۲ ص۳۵۳) .
3.نهج البلاغة : الخطبة ۱۸۶ ، الاحتجاج : ج۱ ص۴۷۷ ح۱۱۶ ، بحار الأنوار : ج۴ ص۲۵۵ ح۸ .