183
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6

وباشَروا روحَ اليَقينِ ، وَاستَلانوا مَا استَعوَرَهُ المُترَفونَ ، وأنِسوا بِمَا استَوحَشَ مِنهُ الجاهِلونَ ، وصَحِبُوا الدُّنيا بِأَبدانٍ أرواحُها مُعَلَّقَةٌ بِالمَحَلِّ الأَعلى . اُولئِك خُلَفاءُ اللّهِ في أرضِهِ وَالدُّعاةُ إلى دينِهِ . آهِ آهِ شَوقاً إلى رُؤيَتِهِم ! اِنصَرِف يا كُمَيلُ إذا شِئتَ ۱ .

1 / 3

أوصافُ المُنافِقينَ

۵۳۹۲.الإمام عليّ عليه السلامـ مِن خُطبَةٍ لَهُ عليه السلام يَصِفُ فيهَا المُنافِقينَ ـ: اُحَذِّرُكُم أهلَ النِّفاِق فَإنَّهُمُ الضّالّونَ المُضِلّونَ ، وَالزّالّونَ المُزِلّونَ ، يَتَلَوَّنونَ ألواناً ، ويَفتَنّونَ افتِناناً ، ويَعمِدونَكُم بِكُلِّ عِمادٍ ، ويَرصُدونَكُم بِكُلِّ مِرصادٍ . قُلوبُهُم دَوِيَّةٌ ، وصِفاحُهُم نَقِيَّةٌ . يَمشونَ الخَفاءَ ، ويَدِبّونَ الضَّرّاءَ . وَصفُهُم دَواءٌ ، وقَولُهُم شِفاءٌ ، وفِعلُهُمُ الدّاءُ العَياءُ . حَسَدَةُ الرَّخاءِ ، ومُؤَكِّدُو البَلاءِ ، ومُقنِطو الرَّجاءِ . لَهُم بِكُلِّ طَريقٍ صَريعٌ ، وإلى كُلِّ قَلبٍ شَفيعٌ ، ولِكُلِّ شَجوٍ دُموعٌ . يَتَقارَضونَ الثَّناءَ ، ويَتَراقَبونَ الجَزاءَ : إن سَأَلوا ألحَفوا ، وإن عَذَلوا كَشَفوا ، وإن حَكَموا أسرَفوا . قَد أعَدّوا لِكُلِّ حَقٍّ باطِلاً ، ولِكُلِّ قائِمٍ مائِلاً ، ولِكُلِّ حَيٍّ قاتِلاً ، ولِكُلِّ بابٍ مِفتاحَاً ، ولِكُلِّ لَيلٍ مِصباحاً . يَتَوَصَّلونَ إلَى الطَّمعِ بِاليَأسِ لِيُقيموا بِهِ أسواقَهُم ، ويُنفِقوا بِهِ أعلاقَهُم ۲ . يَقولونَ فَيُشَبِّهونَ ، ويَصِفونَ فيَُمَوِّهونَ . قَد هَوَّنُوا الطَّريقَ ، وأضلَعُوا المَضيقَ ۳ . فَهُم لُمَةُ الشَّيطانِ ، وحُمَةُ ۴ النّيرانِ :

1.نهج البلاغة : الحكمة ۱۴۷ ، الإرشاد : ج۱ ص۲۲۷ ، الأمالي للمفيد : ص۲۴۷ ح۳ ، كمال الدين : ص۲۹۰ ح۲ ، الخصال : ص۱۸۶ ح۲۵۷ ، خصائص الأئمّة عليهم السلام : ص۱۰۵ ، تحف العقول : ص۱۶۹ ، الأمالي للطوسي : ص۲۰ ح۲۳ ، الغارات : ج۱ ص۱۴۹ ؛ حلية الأولياء : ج۱ ص۷۹ ، تاريخ بغداد : ج۶ ص۳۷۹ ح۳۴۱۳وفيه إلى «آلة الدِّين للدنيا» ، المعيار والموازنة : ص۷۹ ، كنز العمّال : ج۱۰ ص۲۶۲ ح۲۹۳۹۱ .

2.الأعلاق : جمع العِلْق ؛ وهو النفِيس من كلّ شيء (تاج العروس : ج۱۳ ص۳۵۰) .

3.أي : يجعلونها معوجّة يصعب تجاوزها ، فيهلكون (صبحي الصالح) .

4.حُمَةُ العَقرب : سمّها وضرّها (تاج العروس : ج۱۹ ص۳۴۴) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6
182

ما أقولُ لَكَ :
النّاسُ ثَلاثَةٌ : فَعالِمٌ رَبّانِيٌّ ، ومُتَعَلِّمٌ عَلى سَبيلِ نَجاةٍ ، وهَمَجٌ رَعاعٌ أتباعُ كُلِّ ناعِقٍ ، يَميلونَ مَعَ كُلِّ ريحٍ ، لَم يَستَضيئوا بِنورِ العِلمِ ، ولَم يَلجَؤوا إلى رُكنٍ وَثيقٍ .
يا كُمَيلُ ، العِلمُ خَيرٌ مِنَ المالِ ، العِلمُ يَحرُسُكَ وأنتَ تَحرُسُ المالَ ، وَالمالُ تَنقُصُهُ النَّفَقَةُ ، وَالعِلمُ يَزكو عَلَى الإِنفاقِ ، وصَنيعُ المالِ يَزولُ بِزَوالِهِ .
يا كُمَيلَ بنَ زِيادٍ ، مَعرِفَةُ العِلمِ دينٌ يُدانُ بِهِ ، بِهِ يَكسِبُ الإِنسانُ الطّاعَةَ في حَياتِهِ ، وجَميلَ الاُحدوثَةِ بَعدَ وَفاتِهِ . وَالعِلمُ حاكِمٌ وَالمالُ مَحكومٌ عَلَيهِ .
يا كُمَيلُ ، هَلَكَ خُزّانُ الأَموالِ وهُم أحياءٌ ، وَالعُلَماءُ باقونَ ما بَقِيَ الدَّهرُ : أعيانُهُم مَفقودَةٌ ، وأمثالُهُم فِي القُلوبِ مَوجودَةٌ . ها ، إنَّ ههُنا لَعِلماً جَمّاً ـ وأشارَ بِيَدِهِ إلى صَدرِهِ ـ لَو أصَبتُ لَهُ حَمَلَةً ! بَلى أصَبتُ لَقِناً ۱ غَيرَ مأمونٍ عَلَيهِ ، مُستَعمِلاً آلَةَ الدّينِ لِلدُّنيا ، ومُستَظهِراً بِنِعَمِ اللّهِ عَلى عِبادِهِ ، وبِحُجَجِهِ عَلى أولِيائِهِ ، أو مُنقاداً لِحَمَلَةِ الحَقِّ ، لا بَصيرَةَ لَهُ في أحنائِهِ ۲ ، يَنقَدِحُ الشَّكَّ في قَلبِهِ لِأَوَّلِ عارِضٍ مِن شُبهَةٍ . ألا لا ذا ولا ذاكَ ! أو مَنهوماً بِاللَّذَّةِ ، سَلِسَ القِيادِ لِلشَّهوَةِ ، أو مُغرَماً بِالجَمعِ وَالِادِّخارِ ، لَيسا مِن رُعاةِ الدّينِ في شَيءٍ ، أقرَبُ شَيءٍ شَبَهاً بِهِما الأَنعامُ السّائِمَةُ ! كَذلِكَ يَموتُ العِلمُ بِمَوتِ حامِليهِ .
اللّهُمَّ بَلى ! لا تَخلُو الأَرضُ مِن قائِمٍ للّهِِ بِحُجَّةٍ ، إمّا ظاهِراً مَشهوراً أو خائِفاً مَغموراً ؛ لِئَلّا تَبطُلَ حُجَجُ اللّهِ وبَيِّناتِهِ . وكَم ذا ؟ وأينَ اُولِئَكَ ؟ اُولئِكَ ـ وَاللّهِ ـ الأَقَلّونَ عَدَداً ، وَالأَعظَمونَ عِندَ اللّهِ قَدراً . يَحفَظُ اللّهُ بِهِم حُجَجَهُ وبَيِّناتِهِ حَتّى يودِعوها نُظَراءَهُم ، ويَزرَعوها في قُلوبِ أشباهِهِم . هَجَمَ بِهِمُ العِلمُ عَلى حَقيقَةِ البَصيرَةِ ،

1.أي فَهِمٌ حَسَنُ التَّلَقُّن لِمَا يَسْمَعُه (النهاية : ج۴ ص۲۶۶) .

2.الحِنْوُ : واحد الأحناء ، وهي الجَوانِب (لسان العرب : ج۱۴ ص۲۰۶) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 82443
صفحه از 496
پرینت  ارسال به