255
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6

ومِنهُ عليه السلام ظَهَرَ مَكنونُها ، وعَنهُ اُخِذَت قَوانينُها ، وعَلى أمثِلَتِهِ حَذا كُلُّ قائِلٍ خَطيبٍ ، وبِكَلامِهِ استَعانَ كُلُّ واعِظٍ بَليغٍ ، ومَعَ ذلِكَ فَقَد سَبَقَ وقَصَّروا ، وقَد تَقَدَّمَ وتَأَخَّروا ؛ لِأَنَّ كَلامَهُ عليه السلام الكَلامُ الَّذي عَلَيهِ مَسحَةٌ مِنَ العِلمِ الإِلهِيِّ ، وفيهِ عَبَقَةٌ مِنَ الكَلامِ النَّبَوِيِّ .
فَأَجبَتُهُم إلَى الِابتِداءِ بِذلِكَ ، عالِما بِما فيهِ مِن عَظيمِ النَّفعِ ومَنشورِ الذِّكرِ ، ومَذخورِ الأَجرِ ، وَاعتَمَدتُ بِهِ أن اُبَيِّنَ عَن عَظيمِ قَدرِ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام في هذِهِ الفَضيلَةِ ، مُضافَةً إلَى المَحاسِنِ الدَّثرَةِ ، وَالفَضائِلِ الجَمَّةِ ، وأ نَّهُ عليه السلام انفَرَدَ بِبُلوغِ غايَتِها عَن جَميعِ السَّلَفِ الأَوَّلينَ ، الَّذينَ إنَّما يُؤثَرُ عَنهُم مِنهَا القَليلُ النّادِرُ ، وَالشّاذُ الشّارِدُ .
فَأَمّا كَلامُهُ فَهُوَ البَحرُ الَّذي لا يُساجَل ، وَالجَمُّ الَّذي لا يُحافَلُ . وأرَدتُ أن يَسوغَ لِيَ التَّمَثُّلُ فِي الاِفتِخارِ بِهِ عليه السلام بِقَولِ الفَرَزدَقِ :

اُولئِكَ آبائي فَجِئني بِمِثلِهِم
إذا جَمَعَتنا يا جَريرُ المَجامِعُ۱

وقالَ في ذَيل قَولِهِ عليه السلام : «قيمَةُ كُلِّ امرِىً ما يُحسِنُهُ» ، وهِيَ الكَلِمَةُ الَّتي لا تُصابُ لَها قيمَةٌ ، ولا توزَنُ بِها حِكمَةٌ ، ولا تُقرَنُ إلَيها كَلِمَةٌ ۲ .
وقالَ في ذَيلِ قَولِهِ عليه السلام : «فَإِنَّ الغايَةَ أمامَكُم ، وإنَّ وَراءَكُمُ السّاعَةَ تَحدوكُم . تَخَفَّفوا تَلحَقوا ، فَإِنَّما يُنتَظَرُ بِأَوَّلِكُم آخِرُكُم» ، أقولُ : إنَّ هذَا الكَلامَ لو وُزِنَ ، بَعدَ كَلامِ اللّهِ سُبحانَهُ وبَعدَ كَلامِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، بِكُلِّ كَلامٍ لَمالَ بِهِ راجِحا ، وبَرَّزَ عَلَيهِ سابِقا . فَأَمّا قَولُهُ عليه السلام : «تَخَفَّفوا تَلحَقوا» فَما سُمِعُ كَلامٌ أقَلَّ مِنهُ مَسموعا ولا أكثَرُ مِنهُ مَحصولاً ، وما أبعَدَ غَورَها مِن كَلِمَةٍ ! وأنقَعَ ۳ نُطفَتَها ۴ مِن حِكمَةٍ ! وقَد نَبَّهنا في كِتاب

1.نهج البلاغة : مقدّمة الشريف الرضي .

2.نهج البلاغة : الحكمة ۸۱ ، بحار الأنوار : ج۱ ص۱۸۲ ح۷۷ .

3.ماء ناقع ونقيع : ناجع يقطع العطشَ ويُذهبه ويسكّنه (تاج العروس : ج۱۱ ص۴۸۸) .

4.النطفة : الماء الصافي (لسان العرب : ج۹ ص۳۳۵) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6
254

قُرَيشٍ أفصَحَ مِن عَلِيٍّ ۱ .

۵۶۴۱.الإمامة والسياسةـ في ذِكرِ قُدومِ ابنِ أبي مِحجَنٍ عَلى مُعاوِيَةَ ـ: قالَ مُعاوِيَةُ : فَوَاللّهِ لَو أنَّ ألسُنَ النّاسِ جُمِعَت فَجُعِلَت لِسانا واحِدا لَكَفاها لِسانُ عَلِيٍّ ۲ .

۵۶۴۲.مُروج الذَّهَبـ في ذِكرِ لُمَعٍ مِن كَلامِ عَلِيٍّ عليه السلام ـ: وَالَّذي حَفِظَ النّاسُ عَنهُ مِن خُطَبِهِ في سائِرِ مَقاماتِهِ أربَعُمِئَةِ خُطبَةٍ ونَيِّفٌ وثَمانونَ خُطبَةً يورِدُها عَلَى البَديهَةِ ، وتَداوَلَ النّاسُ ذلِكَ عَنهُ قَولاً وعَمَلاً ۳ .

۵۶۴۳.نَثر الدُّرّ عن محمّد ابن الحنفيّةـ في وَصفِ عَلِيٍّ عليه السلام ـ: كانَ إذا تَكَلَّمَ بَذَّ ۴ ، وإذا كَلَمَ ۵
حَذَّ ۶ وهذا مِثلُ قَولِ غَيرِهِ : كانَ عَلِيٌّ إذا تَكَلَّمَ فَصَلَ وإذا ضَرَبَ قَتَلَ ۷ .

۵۶۴۴.الشّريف الرَّضِيّ في مُقدَّمة نهج البلاغة :. . . وسَأَلوني [جَماعَةٌ مِنَ الأَصدِقاءِ وِالإِخوانِ ]عِندَ ذلِكَ [أي بَعدَ تَأليفِ كِتابِ خَصائِصِ الأَئِمَّةِ] أن أبتَدِئَ بِتَأليفِ كِتابٍ يَحتَوي عَلى مُختارِ كَلامِ مَولانا أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام في جَميعِ فُنونِهِ ، ومُتَشَعِّباتِ غُصونِهِ : مِن خُطَبٍ وكُتُبٍ ومَواعِظَ وأدَبٍ ، عِلما أنَّ ذلِكَ يَتَضَمَّنُ عَجائِبَ البَلاغَةِ ، وغَرائِبَ الفَصاحَةِ ، وجَواهِرَ العَرَبِيَّةِ ، وثَواقِبَ الكَلِمِ الدّينِيَّةِ وَالدُّنيَوِيَّةِ ، ما لا يوجَدُ مُجتَمِعا في كَلامٍ ، ولا مَجموعَ الأَطرافِ في كِتابٍ .
إذ كانَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام مَشرَعَ الفَصاحَةِ ومَورِدَها ، ومَنشَأَ البَلاغَةِ ومَولِدَها ،

1.تاريخ دمشق : ج۴۲ ص۴۱۴ ، جواهر المطالب : ج۱ ص۲۹۷ .

2.الإمامة والسياسة : ج۱ ص۱۳۴ ؛ شرح الأخبار : ج۲ ص۹۹ وفيه «ولو لم يكن للاُمّة إلّا لسان عليّ لكفاها» .

3.مروج الذهب : ج۲ ص۴۳۱ .

4.بَذَّ القومَ يَبذُّهم بَذّا : سبقهم وغلبهم (لسان العرب : ج۳ ص۴۷۷) .

5.الكلم : الجرح (النهاية : ج۴ ص۱۹۹) .

6.الحَذّ ، القطع المستأصل (لسان العرب : ج۳ ص ۴۸۲) .

7.نثر الدرّ : ج۱ ص۴۰۷ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 106632
صفحه از 496
پرینت  ارسال به