275
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6

وهذان الرأيان كلاهما غير صائب ، ويبالغان في نفي أشعار الإمام .
وبيّن البعض عند نقدهم لرأي المازني بأنّ هناك أبيات مرويّة عن الإمام عليّ عليه السلام لا يمكن تجاهلها بهذه البساطة . ومع أنّ العلاّمة المجلسي يذهب إلى القول بأنّ الحكم على نسبة جميع ما نُسب إلى الإمام عليّ عليه السلام في الديوان المشهور ، موضع تأمّل إلّا أنّه يُقِرّ بأنّ نسبة الديوان إليه أمر مشهور ۱ .
وعلى كلّ حال هناك علائم عريقة في القدم تحمل دلالات على جمع وتدوين شعر الإمام عليّ عليه السلام ؛ فقد كتب النجاشي ضمن إحصائه لآثار أبي أحمد عبد العزيز ابن يحيى الجلودي الأزدي البصري (م 332 ه ) ، ما يلي : وله كتب منها . . . شعره عليه السلام ۲ .
«إنّ أشهر وأقدم الكتب الموجودة من أشعار أمير المؤمنين عليه السلام هو كتاب (أنوار العقول من أشعار وصيّ الرسول) الذي أعدّه قطب الدين محمّد البيهقي الكيدري على أساس مصدرين تولّيا قبل ذلك مهمّة جمع وتدوين هذا الكتاب ، وكذلك على أساس المنقولات التي عُثر عليها بين طيّات الكتب الموجودة . ووصف الكيدري نفسه في مقدّمة الكتاب كيفيّة كتابة هذا الديوان وطبيعة محتواه على النحو التالي :
وقد كنت على قديم الدهر ظفرت بمجموع من أشعاره الجامعة لجلائل الكلم ، وعقابل الحكم ، نحوا من مائتي بيت جمعها الإمام أبو الحسن الفنجكردي رحمه اللّه ، فأنستُ بذلك ، واجتهدتُ فى اقتناص شوارد ، على ما فيه زوائد ؛ إذ لم يكن إلاّ طرفا من طرفه ، ودرّة من صدفه ، إلى أن عثرت بمجموع آخر أبسط منه باعا ،

1.لمزيد من التفاصيل راجع كتاب «تحقيقات أدبي» لكيوان سميعي : ص۳۳۳ ـ ۳۵۹ .

2.رجال النجاشي : ج۲ ص۵۵ الرقم ۶۳۸ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6
274

ولا يَكونُ التَّعميمُ بِالتَّفضيلِ إلّا عَلَى التَّغليبِ» ۱ .
وأمثال هذه المنقولات ـ التي تعكس آراء الإمام عليّ عليه السلام في الشعر والشعراء ـ ليست قليلة في النصوص القديمة ۲ . وهي تدلّ ـ كما أشار العقّاد ـ على مدى تضلّعه في هذا الميدان ، فهو ـ بحقٍّ ـ «أمير البيان» و «سيّد البلاغة» .
يُستدلّ من الوثائق التاريخيّة أنّ الإمام عليّاً عليه السلام كان ينظم الشعر ، وكان يُوصي بتعلّمه واستخدامه ضمن المعايير التي كان يؤكّد هو عليها ۳ . وكان يتمثّل في خطبه ورسائله شيئا من أشعار الآخرين ، ومع كلّ ذلك فإنّ العلماء والمؤرّخين كانوا منذ القدم يتأمّلون في نسبة كلّ ما ورد باسم الإمام عليّ عليه السلام إليه ، وطرحوا آراءً كثيرة في كيفيّة الأشعار المنسوبة إليه ۴ .
نُقل عن الجاحظ أنّه كان يقول : لَم يَقُل عَلِيٌّ شِعرا سِوَى الرَّجَزِ ۵ .
وأورَدَ ياقوتٌ الحِمَوِيُّ عَن أبي عُثمانَ المازِنِيِّ : لا يَصِحُّ عِندَنا أنَّهُ تَكَلَّمَ بِشَيءٍ مِنَ الشِّعرِ غَيرَ هذَينِ البَيتَينِ :

تِلكُم قُرَيشٌ تَمَنّاني لِتَقتُلَني
فَلا وجَدِّكَ ما بَرّوا ولا ظَفِروا

فَإِن هَلَكتُ فَرَهنٌ ذِمَّتي لَهُمُ
بِذاتِ رَوقَين۶
لا يَعفو لَها أثَرُ۷

1.المجموعة الكاملة (عبقريّة الإمام علي عليه السلام ) : ج۲ ص۱۳۶ .

2.انظر على سبيل المثال : العمدة في محاسن الشعر وآدابه : ج۱ ص۱۱۱ ، مصادر نهج البلاغة وأسانيده : ج۴ ص۳۱۲ .

3.وعلى سبيل المثال أنّه كان يؤكّد على تعلّم شعر أبي طالب وتدوينه ونشره عند تعليله لسبب تعلّم شعر هذا الرجل الذي كان يدافع عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، قائلاً : «تعلّموا شعر أبي طالب وعلّموه أولادكم ؛ فإنّه كان على دين اللّه ، وفيه علم كثير» (راجع تصنيف نهج البلاغة : ص۷۷۳ ووسائل الشيعة : ج۱۲ ص۲۴۸) .

4.راجع مقدّمة كتاب «أنوار العقول من أشعار وصيّ الرسول» بقلم كامل سليمان الحبّوري .

5.فهرست نسخ الكتب الخطّية في المكتبة المركزيّة بجامعة طهران : ج۲ ص۱۱۶ .

6.الرَّوْقان : تثنية الرَّوْق ؛ وهو القَرْن ، وأراد بها هاهنا الحربَ الشديدة وقيل : الداهية (النهاية : ج۲ ص۲۷۹) .

7.معجم الاُدباء: ج۴ ص۱۸۱۰ الرقم ۷۸۴ ، النهاية في غريب الحديث: ج۲ ص۲۷۹؛ العدد القويّة: ص۲۳۸ ح۱۶ كلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج۴۲ ص۲۲۳ ح۳۱ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 83700
صفحه از 496
پرینت  ارسال به