297
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6

وَ يُثْبِتُ وَ عِندَهُ أُمُّ الْكِتَـبِ» 1 .
ثُمَّ قالَ : سَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني ، فَوَ اللّهِ الَّذي فَلَقَ الحَبَّةَ وبَرَأَ النَّسَمَةَ لَو سَأَلتُموني عَن آيَةٍ آيَةٍ في لَيلٍ اُنزِلَت أو في نَهارٍ اُنزِلَت ، مَكِّيِّها ومَدَنِيِّها ، سَفَرِيِّها وحَضَرِيِّها ، ناسِخِها ومَنسوخِها ، مُحكَمِها ومُتَشابِهِها ، وتَأويلِها وتَنزيلِها لَأَخبَرتُكُم .
فَقامَ إلَيهِ رَجُلٌ يُقالُ لَهُ ذِعلِبٌ وكانَ ذَرِبَ اللِّسانِ بَليغاً فِي الخُطَبِ شُجاعَ القَلبِ فَقالَ : لَقَدِ ارتَقَى ابنُ أبي طالِبٍ مِرقاةً صَعبَةً لَاُخَجِّلَنَّهُ اليَومَ لَكُم في مَسأَلَتي إيّاهُ فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ هَل رَأَيتَ رَبَّكَ ؟
قالَ : وَيلَكَ يا ذِعلِبُ ! لَم أكُن بِالَّذي أعبُدُ رَبّاً لَم أرَهُ .
قالَ : فَكَيفَ رَأَيتَهُ ؟ صِفهُ لَنا .
قالَ : وَيلَكَ ! لَم تَرَهُ العُيونُ بِمُشاهَدَةِ الأَبصارِ ، ولكِن رَأَتهُ القُلوبُ بِحَقائِقِ الإِيمانِ ! وَيلَكَ يا ذِعلِبُ ! إنَّ رَبّي لا يوصَفُ بِالبُعدِ ولا بِالحَرَكَةِ ولا بِالسُّكونِ ولا بِالقِيامِ قِيامِ انتِصابٍ ولا بِجيئَةٍ ولا بِذَهابٍ ، لَطيفُ اللَّطافَةِ لا يوصَفُ بِاللُّطفِ ، عَظيمُ العَظَمَةِ لا يوصَفُ بِالعِظَمِ ، كَبيرُ الكِبرياءِ لا يوصَفُ بِالكِبَرِ ، جَليلُ الجَلالَةِ لا يوصَفُ بِالغِلَظِ . رَؤوفُ الرَّحمَةِ لا يوصَفُ بِالرِّقَّةِ . مُؤمِنٌ لا بِعِبادَةٍ ، مُدرِكٌ لا بِمِجَسَّةٍ ، قائِلٌ لا بِاللَّفظِ ، هُوَ فِي الأَشياءِ عَلى غَيرِ مُمازَجَةٍ ، خارِجٌ مِنها عَلى غَيرِ مُبايَنَةٍ ، فَوقَ كُلِّ شَيءٍ فَلا يُقالُ : شَيءٌ فَوقَهُ ، أمامَ كُلِّ شَيءٍ فَلا يُقالُ : لَهُ أمامٌ ، داخِلٌ فِي الأَشياءِ لا كَشَيءٍ في شَيءٍ داخِلٍ ، وخارِجٌ مِنها لا كَشَيءٍ مِن شَيءٍ خارِجٍ .
فَخَرَّ ذِعلِبُ مَغشِيّاً عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ : تَاللّهِ ما سَمِعتُ بِمِثلِ هذَا الجَوابِ ، وَاللّهِ لا عُدتُ إلى مِثلِها .

1.الرعد : ۳۹ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6
296

قالَ : إنَّه لَيسَ أحَدٌ عَندَهُ عِلمُ شَيءٍ إلّا خَرَجَ مِن عِندَ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام ، فَليَذهَبِ النّاسُ حيثُ شاؤوا ، فَوَاللّهِ لَيسَ الأَمرُ إلّا مِن هاهُنا . وأشارَ بِيَدِهِ إلى بَيتِهِ ۱ .

۵۶۹۱.الاستيعاب عن سعيد بن المُسَيِّب :ما كانَ أحَدٌ مِنَ النّاسِ يَقولُ : «سَلوني» ، غَيرُ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ رضى الله عنه ۲
.

5692.التوحيد عن الأَصبَغ بن نُباتَة :لَمّا جَلَسَ عَلِيٌّ عليه السلام فِي الخِلافَةِ وبايَعَهُ النّاسُ ، خَرَجَ إلَى المَسجِدِ مَتَعَمِّماً بِعِمامَةِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله لابِساً بُردَةَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله مُتَنَعِّلاً نَعلَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله مُتَقَلِّداً سَيفَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله فَصَعِدَ المِنبَرَ فَجَلَسَ عليه السلام عَلَيهِ مُتَمَكِّناً ، ثُمَّ شَبَّكَ بَينَ أصابِعِهِ فَوَضَعَها أسفَلَ بَطنِهِ ثُمَّ قالَ :
يا مَعشَرَ النّاسِ سَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني ، هذا سَفَطُ 3 العِلمِ ، هذا لُعابُ رسَولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله هذا ما زَقَّني رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله زَقّاً زَقّاً . سَلوني فَإِنّ عِندي عِلمَ الأَوَّلينَ وَالآخِرينَ ، أما وَاللّهِ لَو ثُنِيَت لِيَ الوِسادَةُ فَجَلَستُ عَلَيها ؛ لَأَفتَيتُ أهلَ التَّوراةِ بِتَوراتِهِم حَتّى تَنطِقَ التَّوراةُ فَتَقولَ : صَدَقَ عَلِيٌّ ، ما كَذَبَ لَقَد أفتاكُم بِما أنزَلَ اللّهُ فِيَّ ، وأفتَيتُ أهلَ الإِنجيلِ بِإِنجيلِهِم حَتّى يَنطِقُ الإِنجيلُ فَيَقولَ : صَدَقَ عَلِيٌّ ، ما كَذَبَ لَقَد أفتاكُم بِما أنزَلَ اللّهُ فِيَّ ، وأفتَيتُ أهلَ القُرآنِ بِقُرآنِهِم حَتّى يَنطِقَ القُرآنُ فَيَقولَ : صَدَقَ عَلِيٌّ ، ما كَذَبَ لَقَد أفتاكُم بِما أنزَلَ اللّهُ فِيَّ . وأنتُم تَتلونَ القُرآنَ لَيلاً ونَهاراً فَهَل فيكُم أحَدٌ يَعلَمُ ما نَزَلَ فيهِ ؟ ولَولا آيَةٌ في كِتابِ اللّهِ لَأَخبَرتُكُم بِما كانَ وبِما يَكونُ وبِما هُوَ كائِنٌ إلى يَومِ القِيامَةِ ، وهِيَ هذِهِ الآيَةُ «يَمْحُواْ اللَّهُ مَا يَشَآء

1.الكافي : ج۱ ص۳۹۹ ح۲ ، بصائر الدرجات : ص۱۲ ح۱ وفيه «المدينة» بدل «بيته» .

2.الاستيعاب : ج۳ ص۲۰۶ الرقم ۱۸۷۵ ، اُسد الغابة : ج۴ ص۹۵ الرقم ۳۷۸۹ ، جامع بيان العلم : ج۱ ص۱۱۴ ؛ المناقب لابن شهر آشوب : ج۲ ص۳۹ .

3.السَّفَط : الذي يُعَبَّى فيه الطِّيب وما أشبهه من أدوات النساء (لسان العرب : ج۷ ص۳۱۵) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 82702
صفحه از 496
پرینت  ارسال به