315
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6

لَو فَكَّرَ الفَرَضي ۱ فيها فِكرا طَويلاً لَاستُحسِنَ مِنهُ بَعدَ طولِ النَّظَرِ هذَا الجَوابُ ، فَما ظَنُّكَ بِمَن قالَهُ بَديهَةً ، وَاقتَضَبَهُ ارتِجالاً !
ومِنَ العُلومِ عِلمُ تَفسيرِ القُرآنِ ، وعَنهُ اُخِذَ ، ومِنهُ فُرِّعَ . وإذا رَجَعتَ إلى كُتُبِ التَّفسيرِ عَلِمتَ صِحَّةَ ذلِكَ ؛ لِأَنَّ أكثَرَهُ عَنهُ وعَن عَبدِ اللّهِ بنِ عَبّاسٍ ، وقَد عَلِمَ النّاسُ حالَ ابنِ عَبّاسٍ في مُلازَمَتِهِ لَهُ وانقِطاعِهِ إلَيهِ ، وأ نَّهُ تِلميذُهُ وخِرّيجُهُ . وقيلَ لَهُ : أينَ عِلمُكَ مِن عِلمِ ابنِ عَمِّكَ ؟ فَقالَ : كَنِسبَةِ قَطرَةٍ مِنَ المَطَرِ إلَى البَحرِ المُحيطِ .
ومِنَ العُلومِ عِلمُ الطَّريقَةِ وَالحَقيقَةِ وأحوالِ التَّصَوُّفِ ، وقَد عَرَفتَ أنَّ أربابَ هذَا الفَنِّ في جَميعِ بِلادِ الإِسلامِ إلَيهِ يَنتَهون ، وعِندَهُ يَقِفونَ . وقَد صَرَّحَ بِذلِكَ الشِّبِليُّ ، وَالجُنَيدُ ، وسَرِيّ ، وأبو يَزيدَ البِسطامِيّ ، وأبو مَحفوظٍ مَعروفٌ الكَرَخِيُّ ، وغَيرُهُم .
ويَكفيكَ دَلالَةً عَلى ذلِكَ ، الخِرقَةُ الَّتي هِيَ شِعارُهُم إلَى اليَومِ ، وكَونُهُم يُسنِدونَها بِإِسنادٍ مُتَّصِلٍ إلَيهِ عليه السلام .
ومِنَ العُلومِ عِلمُ النَّحوِ وَالعَرَبِيَّةِ ، وقَد عَلِمَ النّاسُ كافَّةً أ نَّهُ هُوَ الَّذي ابتَدَعَهُ وأنشَأَهُ ، وأملى عَلى أبِي الأَسوَدِ الدُّؤَلِيِّ جَوامِعَهُ واُصولَهُ ؛ مَن جُملَتِهَا : الكَلامُ كُلُّهُ ثَلاثَةُ أشياءَ : اِسمٌ وفِعلٌ وحَرفٌ . ومِن جُملَتِها : تَقسيمُ الكَلِمَةِ إلى مَعرِفَةٍ ونَكِرَةٍ ، وتَقسيمُ وُجوهِ الإِعرابِ إلَى الرَّفعِ وَالنَّصبِ وَالجَرِّ وَالجَزمِ ، وهذا يَكادُ يُلحَقُ بِالمُعجِزاتِ ؛ لِأَنَّ القُوَّةَ البَشَرِيَّةَ لا تَفي بِهذا الحَصرِ ، ولا تَنهَضُ بِهذَا الاِستِنباطِ ۲ .

1.هو الذي يعرف الفرائض (لسان العرب : ج۷ ص۲۰۲) .

2.شرح نهج البلاغة : ج۱ ص۱۷ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6
314

وأبو حَنيفَةَ قَرَأَ عَلى جَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ عليه السلام ، وقَرَأَ جَعفَرٌ عَلى أبيهِ عليه السلام ، ويَنتَهِي الأَمرُ إلى عَلِيٍّ عليه السلام .
وأمّا مالِكُ بنُ أنَسٍ فَقَرَأَ عَلى رَبيعَةِ الرَّأيِ ، وقَرَأَ رَبيعَةُ عَلى عِكرِمَةَ ، وقَرَأَ عِكرِمَةُ عَلى عَبدِ اللّهِ بنِ عَبّاسٍ ، وقَرَأَ عَبدُ اللّهِ بنُ عَبّاسٍ عَلى عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ . وإن شِئتَ فَرَدَدتَ إلَيهِ فِقهَ الشّافِعِيِّ بِقِراءَتِهِ عَلى مالِكٍ كانَ لَكَ ذلِكَ .
فَهؤُلاءِ الفُقَهاءُ الأَربَعَةُ .
وأمّا فِقهُ الشّيعَةِ فَرُجوعُهُ إلَيهِ ظاهِرٌ . وأيضا فَإِنَّ فُقَهاءَ الصَّحابَةِ كانوا : عُمَرَ بنَ الخَطّابِ ، وعَبدَ اللّهِ بنَ عَبّاسٍ ؛ وكِلاهُما أخذا عَن عَلِيٍّ عليه السلام .
وأمّا ابنُ عَبّاسٍ فَظاهِرٌ ، وأمّا عُمَرُ فَقَد عَرَفَ كُلُّ أحَدٍ رُجوعَهُ إلَيهِ في كَثيرٍ مِنَ المَسائِلِ الَّتي أشكَلَت عَلَيهِ وعَلى غَيرِهِ مِنَ الصَّحابَةِ ، وقَولَهُ غَيرَ مَرَّةٍ : «لَولا عَلِيٌّ لَهَلَكَ عُمَرُ !» ، وقَولَهُ : «لا بَقيتُ لِمُعضِلَةٍ لَيسَ لَها أبُو الحَسَنِ !» ، وقَولَهُ : «لا يُفتِيَنَّ أحَدٌ فِي المَسجِدِ وعَلِيٌّ حاضِرٌ» .
فَقَد عُرِفَ بِهذَا الوَجهِ أيضا اِنتِهاءُ الفِقهِ إلَيهِ .
وقَد رَوَتِ العامَّةُ وَالخاصَّةُ قَولَهُ صلى الله عليه و آله : «أقضاكُم عَلِيٌّ» . وَالقَضاءُ هُوَ الفِقهُ ، فَهُوَ إذا أفقَهُهُم .
ورَوَى الكُلُّ أيضا أ نَّهُ عليه السلام قالَ لَهُ وقَد بَعَثَهُ إلَى اليَمَنِ قاضِيا : «اللّهُمَّ اهدِ قَلبَهُ ، وثَبِّت لِسانَهُ» . قالَ : فَما شَكَكتُ بَعدَها في قَضاءٍ بَينَ اثنَينِ .
وهُوَ عليه السلام الَّذي أفتى في المَرأَةِ الَّتي وَضَعَت لِسِتَّةِ أشهُرٍ ، وهُوَ الَّذي أفتى في الحامِلِ الزّانِيَةِ ، وهُوَ الَّذي قالَ فِي المِنبَرِيَّةِ ۱ : «صارَ ثُمنُها تِسعا» . وهذِهِ المَسأَلَة

1.راجع : ص ۲۸۱ (الباب السابع : علم الحساب) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 83748
صفحه از 496
پرینت  ارسال به