377
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6

فَقالَ : حالُ مَن أُوخِذَ بِالعُقوقِ فَهُو في ضيقٍ ، ارتَهَنَهُ المُصابُ ، وغَمَرَهُ الاِكتِئابُ فَارتابَ ۱ ، فَدُعاؤُهُ لا يُستَجابُ .
فَقالَ لَهُ عَلِيٌّ عليه السلام : ولِمَ ذلِكَ ؟ !
فَقالَ : لاِ نّي كُنتُ مُلتَهِيا في العَرَبِ بِاللَّعِبِ وَالطَّرَبِ ، اُديمُ العِصيانَ في رَجَبٍ وشَعبانَ ، وما اُراقِبُ الرَّحمنَ ، وكانَ لي والِدٌ شَفيقٌ يُحَذِّرُني مَصارِعَ الحَدَثانِ ، ويُخَوِّفُنِي العِقابَ بِالنّيرانِ ، ويَقولُ : كَم ضَجَّ مِنكَ النَّهارُ وَالظَّلامُ ، وَاللَّيالي وَالأَيّامُ ، وَالشُّهورُ وَالأَعوامُ ، وَالمَلائِكَةُ الكِرامُ ؟ ! وكانَ إذا ألَحَّ عَلَيَّ بِالوَعظِ زَجرَتُهُ وَانتَهَرتُهُ ، ووَثَبتُ عَلَيهِ وضَرَبتُهُ ، فَعَمَدتُ يَوما إلى شَيءٍ مِنَ الوَرِقِ ۲ وكانَت فِي الخِباءِ ، فَذَهَبتُ لِاخُذَها وأصرِفَها فيما كُنتُ عَلَيهِ ، فَمانَعَني عَن أخذِها ، فَأَوجَعتُهُ ضَربا ولَوَيتُ يَدَهُ ، وأخَذتُها ومَضَيتُ .
فَأَومَأَ بِيَدِهِ إلى رُكبَتَيهِ يَرومُ النُّهوضَ مِن مَكانِهِ ذلِكَ ، فَلَم يُطِق يُحَرِّكُها مِن شِدَّةِ الوَجَعِ وَالأَلَم ، فَأَنشَأَ يَقولُ :

جَرَت رَحِمٌ بَيني وبَينَ مُنازِلٍ
سَواءً كَما يَستَنزِلُ القَطرَ طالِبُه

ورَبَّيتُ حَتّى صار جَلدا شَمَردَلاً
إذا قامَ ساوى غارِبَ الفَحلِ غارِبُه

وقَد كُنتُ اُوتيهِ مِنَ الزّادِ فِي الصِّبا
إذا جاعَ مِنهُ صَفوَهُ وأطايِبَه

فَلَمَّا استَوى في عُنفُوانِ شَبابِهِ
وأصبَحَ كَالرُّمحِ الرُّدَينيِّ خاطِبُه

تَهَضَّمَني مالي كَذا ولَوى يَدي
لَوى يَدَهُ اللّهُ الَّذي هُوَ غالِبُه

ثُمَّ حَلَفَ بِاللّهِ لَيَقدَمَنَّ إلى بَيتِ اللّهِ الحَرامِ فَيَستَعدِي اللّهَ عَلَيَّ .

1.في بحار الأنوار : ج۴۱ ص۲۲۵ «فإن تابَ» بدل «فَارتابَ».

2.الورق : الدراهم (لسان العرب : ج۱۰ ص۳۷۵) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6
376

صَدَقَ زاذانُ ، إنَّ أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام دَعا لِزاذانَ بِالاِسمِ الأَعظَمِ الَّذي لا يُرَدُّ ۱ .

1 / 2

اِستِجابَةُ دُعائِهِ لِشابٍّ يَبِسَ نِصفُ بَدَنِهِ

۵۷۸۶.المناقب لابن شهر آشوب :إنَّ أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام سَمِعَ في لَيلَةِ الإِحرامِ مُنادِيا باكِيا ، فَأَمَرَ الحُسَينَ عليه السلام بِطَلَبِهِ ۲ ، فَلَمّا أتاهُ وَجَدَ شابّا يَبِسَ نِصفُ بَدَنِهِ ، فَأَحضَرَهُ فَسَأَلَهُ عَلِيٌّ عليه السلام عَن حالِهِ ، فَقالَ :
كُنتُ رَجُلاً ذا بَطَرٍ ، وكانَ أبي يَنصَحُني ، فَكانَ يَوما في نُصحِهِ إذ ضَرَبتُهُ ، فَدَعا عَلَيَّ بِهذَا المَوضِعِ وأنشَأَ شِعرا ، فَلَمّا تَمَّ كَلامُهُ يَبِسَ نِصفي ، فَنَدِمتُ وتُبتُ وطَيَّبتُ قَلبَهُ ، فَرَكِبَ عَلى بَعيرٍ لِيَأتِيَ بي إلى هاهُنا ويَدعوَ لي ، فَلَمَّا انتَصَفَ البادِيَةَ نَفَرَ البَعيرُ مِن طَيَرانِ طائِرٍ وماتَ والِدي .
فَصَلّى عَلِيٌّ عليه السلام أربَعا ثُمَّ قالَ : قُم سَليما ؛ فَقامَ صَحيحا ، فَقالَ : صَدَقتَ ، لَو لَم يَرضَ عَنَكَ لَما سُمِعَت ۳ .

۵۷۸۷.الإمام الحسين عليه السلام :كُنتُ مَعَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام في الطَّوافِ في لَيلَةٍ دَيجوجِيَّةٍ ۴ قَليلَةِ النّورِ ، وقَد خَلَا الطَّوافُ ، ونامَ الزُّوّارُ ، وهَدَأَتِ العُيونُ ، إذ سَمِعَ مستَغيثا مُستَجيرا مُتَرَحِّما ۵ بِصَوتٍ حَزينٍ مَحزونٍ مِن قَلبٍ موجَعٍ وهُوَ يَقولُ :

يا مَن يُجيبُ دُعَا المُضطَرِّ فِي الظُّلَمِ
يا كاشِفَ الضُّرِّ وَالبَلوى مَعَ السَّقَمِ

قَد نامَ وَفدُكَ حَولَ البَيتِ وَانتَبَهوا
يَدعو وعينُكَ يا قَيّومُ لَم تَنَمِ

هَب لي بِجودِكَ فَضلَ العَفوِ عَن جُرُمي
يا مَن أشارَ إلَيهِ الخَلقُ فِي الحَرَمِ

إن كانَ عَفوُكَ لا يَلقاهُ ذو سَرَفٍ
فَمَن يَجودُ عَلَى العاصينَ بِالنِّعَمِ

قالَ الحُسينُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام : فَقالَ لي : يا أبا عَبدِ اللّهِ ، أ سَمِعتَ المُنادِيَ ذَنبَهُ ، المُستَغيثَ رَبَّهُ ؟
فَقُلتُ : نَعَم قَد سَمِعتُهُ . فَقالَ : اِعتَبِرهُ ۶ ، عَسى [ أن ] ۷ تَراهُ .
فَما زِلتُ أخبِطُ في طَخياءِ الظَّلامِ ، وأتَخَلَّلُ بَينَ النِّيامِ ، فَلَمّا صِرتُ بَينَ الرُّكنِ وَالمَقامِ ، بَدا لي شَخصٌ مُنتَصِبٌ ، فَتَأَمَّلتُهُ فإِذا هُوَ قائِمٌ ، فَقُلتُ :
السَّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا العَبدُ المُقِرُّ المُستَقيلُ ، المُستَغفِرُ المُستَجيرُ ، أجِب بِاللّهِ ابنَ عَمِّ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله !
فَأَسرَعَ في سُجودِهِ وقُعودِهِ وسَلَّمَ ، فَلَم يَتَكَلَّم حَتّى أشارَ بِيَدِهِ بِأَن تَقَدَّمني ، فَتَقَدَّمتُهُ ، فَأَتَيتُ بِهِ أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام فَقُلتُ : دونَكَ ها هُوَ .
فَنَظَرَ إلَيهِ ، فَإِذا هُوَ شابٌّ حَسَنُ الوَجهِ نَقِيُّ الثِّيابِ ، فَقالَ لَهُ : مِمَّنِ الرَّجُلُ ؟
فَقالَ لَهُ : مِن بَعضِ العَرَبِ .
فَقالَ لَهُ : ما حالُكَ ، ومِمَّ بُكاؤُكَ وَاستِغاثَتُكَ ؟ !

1.الخرائج والجرائح : ج۱ ص۱۹۵ ح۳۰ ، بحار الأنوار : ج۴۱ ص۱۹۵ ح۶ .

2.في المصدر: «يطلبه»، والتصويب من بحار الأنوار .

3.المناقب لابن شهر آشوب : ج۲ ص۲۸۶ ، بحار الأنوار : ج۴۱ ص۲۰۹ ح۲۳ .

4.دَجا الليلُ : إذا تَمّت ظُلمتُه وألبس كُلَّ شيء (النهاية : ج۲ ص ۱۰۲) .

5.في أحد موضعي بحار الأنوار : «مُستَرحِما» بدل «مُترَحِّما» ، وهو الأصحّ .

6.اِعتَبِر : اُنظر وتَدَبَّر (اُنظر لسان العرب : ج۴ ص۵۳۱).

7.ما بين المعقوفين أثبتناه من بحار الأنوار .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 82451
صفحه از 496
پرینت  ارسال به