417
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6

جاءت تؤكّدها الآيات الاُولى من سورة «القمر» وتوثّقها في قوله سبحانه ۱
: «اقْتَرَبَتِ السَّـاعَةُ وَ انشَقَّ الْقَمَرُ * وَ إِن يَرَوْاْ ءَايَةً يُعْرِضُواْ وَ يَقُولُواْ سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ»۲ ، ومن ثمّ لم تتوفّر الدواعي لإخفائها ، لكن مع ذلك كلّه لم يزِد رواتها على رواة «ردّ الشمس» ؛ كما لم تطبق شهرتها الآفاق أيضاً بحيث يعرف خبرها جميع الأقوام والملل .
أكثر من ذلك ، لو لم تُوثّق الآيات الكريمة للواقعة وتؤبّدها على مدار الزمان من خلال الوحي الإلهي ، فلربّما لم تبلغ نصوصها حتى هذا القدر الموجود الآن ، ولاختفت النصوص ، وصارت واقعة «شقّ القمر» في مطاوي النسيان .
أمّا الجواب حلّاً : فما يبعث على الأسف أنّ ثقافة ضبط الحديث وتدوينه وكتابته كانت ضعيفة بين عامّة المسلمين خلال القرن الهجري الأوّل ؛ لأسباب ليس هذا محلّ تفصيلها . وبذلك اندثرت آثار ومآثر كثيرة ، وضاع مثلها من الأحاديث والروايات ، ومن ثَمّ لم تحظَ معاجز رسول اللّه صلى الله عليه و آله بنقولٍ مكثّفة تغطّيها باستفاضة من كلّ جانب .
من زاوية اُخرى يُلحظ أنّ الفضاء الذي كان يُهيمن على أجواء الحياة الإسلاميّة كان يميل إلى مواجهة الفضائل العلويّة ، ويسعى إلى طمس مناقب آل اللّه عليهم السلام ، ليس خلال القرن الأوّل وحده وإنّما على مدار قرون . وبذلك كان ضبط هذه الأخبار وإذاعتها يستتبع تبعات مكلّفة ، ويترتّب عليه ثمن باهض .
إنّ هذا الجوّ الذي يعرفه الباحثون في تاريخ الإسلام ، يمكن أن يفسِّر لنا قلّة النصوص بإزاء هذه الوقائع ، وأكثر من ذلك أنّه يكشف أنّ هذا القدر الذي بلغنا كان

1.راجع : كتب التفسير في ظلال سورة القمر .

2.القمر : ۱ و ۲ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6
416

وأمّا الخصوصيّات في الوجه الثاني ، فلا تنافي بينها أيضاً ؛ لصحّة حمل نوم النبيّ صلى الله عليه و آله على غشية الوحي ، والاستيقاظ على تسرّيه ، ولذا عبّر بعض الأخبار بالاستيقاظ بعد ذكر نزول جبرئيل وتغشّي الوحي للنبيّ صلى الله عليه و آله .
وأمّا الخصوصيّات في الوجه الثالث فهي أظهر بعدم التنافي بينها ؛ إذ لا يبعد أنّ قسم الغنائم هو الحاجة الَّتي وقعت قبل شغل عليّ عليه السلام بالنبيّ صلى الله عليه و آله لا في عرضه . وعلى هذا القياس في سائر الخصوصيّات الَّتي يتوهّم تنافيها» ۱ .

7 ـ طبيعة النقل وقلّته

ممّا ذكروه في عداد الإشكالات أنّه لو كان لواقعة «ردّ الشمس» أصلٌ ؛ لكان من الطبيعي أن يراها عدد كبير من النّاس ، كما كان حريّاً أن تُسجَّل بوصفها واقعة تاريخيّة من أعظم عجائب العالم الَّتي تتوفّر الدواعي إلى نقلها ، ومن ثَمّ لَتناقلها مختلف الأقوام والملل ، ولم يُقصر نقلها على عدّة قليلة .
ربما ظنّ بعضهم أنّ هذا الإشكال هو أهمّ ما يواجه الواقعة من إشكالات . بيدَ أنّه بدوره يحظى بجوابين : نقضيّ وحلّيّ معاً :
أمّا نقضاً : فقد شهد التاريخ الإسلامي على عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله حدوث واقعة عظيمة حقّاً هي «شقّ القمر» الَّتي تُعدّ أدعى للعجب وإثارة الدهشة من مسألة «ردّ الشمس» ؛ فقد انشقّ القمر وصار شطرين بإشارة إعجازيّة من النبيّ صلى الله عليه و آله ، بعد أن طلب المشركون ذلك ، بحيث صار كلّ شقّ على جانب .
وقد رأى المسافرون الذين كانوا يتّجهون تلقاء مكّة هذه الظاهرة الإعجازيّة ، وأخبروا قريشاً برؤيتهم . ثمّ إنّ جميع المفسِّرين بلا استثناء أذعنوا للواقعة ، وقد

1.دلائل الصدق : ج۲ ص۲۹۸ ـ ۲۹۹ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 6
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 83596
صفحه از 496
پرینت  ارسال به