وقَتَلَهُ عَضدُ الدَّولَةِ فَناخُسرو ابنُ عَمِّهِ بِقَصرِ الجُصِّ عَلى دِجلَةَ فِي الحَربِ ، وسَلَبَهُ مُلكَهُ .
فَأَمّا خَلعُهُم لِلخُلفَاءِ ، فَإنَّ مُعِزَّ الدَّولَةِ خَلَعَ المُستَكفِيَ ورَتَّبَ عِوَضَهُ المُطيعَ ، وبَهاءَ الدَّولَةِ أبا نَصرِ بنَ عَضدِ الدَّولَةِ خَلَعَ الطّائِعَ ورَتَّبَ عِوَضَهُ القادِرَ ، وكانَت مُدَّةُ مُلكِهمِ كَما أخبَرَ بِهِ عليه السلام .
وكَإِخبارِهِ عليه السلام لِعَبدِ اللّهِ بنِ العَبّاسِ رحمه الله عَنِ انتِقالِ الأَمرِ إلى أولادِهِ ، فَإِنَّ عَلِيَّ بنَ عَبدِ اللّهِ لَمّا وُلِدَ ، أخرَجَهُ أبوهُ عَبدُ اللّهِ إلى عَلِيٍّ عليه السلام ، فَأَخَذَهُ وتَفَلَ في فيهِ وحَنَّكَهُ بِتَمرَةٍ قَد لاكَها ، ودَفَعَهُ إلَيهِ ، وقالَ : «خُذ إلَيكَ أبَا الأَملاكِ» . هكَذَا الرِّوايَةُ الصَّحيحَةُ ، وهِيَ الَّتي ذَكَرها أبُو العَبّاسِ المُبَرَّدُ في كِتابِ «الكامِلِ» ، ولَيسَتِ الرِّوايَةُ الَّتي يُذكَرُ فيهَا العَدَدُ بِصَحيحَةٍ ولا مَنقولَةٍ مِن كِتابٍ مُعتَمَدٍ عَلَيهِ .
وكَم لَهُ مِنَ الإِخبارِ عَن الغُيوبِ الجارِيَةِ هذَا المَجرى ، مَمّا لَو أرَدنَا استِقصاءَهُ لَكَرَّسنا لَهُ كَراريسَ كَثيرَةً ، وكُتُبُ السِّيَرِ تَشتَمِلُ عَلَيها مَشروحَةً ۱ .
وقالَ ابنُ أبِي الحَديدِ أيضا في شَرحِ الخُطبَةِ 37 تَحتَ عُنوانِ «الأَخبارُ الوارِدَةُ عَن مَعرِفَةِ الإِمامِ عَلِيٍّ عليه السلام بِالاُمورِ الغَيبِيَّةِ» :
رَوَى ابنُ هِلالٍ الثَّقَفِيُّ في كِتابِ «الغاراتِ» عَن زَكَرِيَّا بنِ يَحيَى العَطّارِ عَن فُضَيلٍ عَن مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ ، قالَ :
لَمّا قالَ عَلِيٌ عليه السلام : «سَلوني قَبلَ أن تَفقِدوني ، فَوَاللّهِ لا تَسأَلونَني عَن فِئَةٍ تُضِلُّ مِئَةً وتَهدي مِئَةً إلّا أنبُأتُكُم بِناعِقَتِها وسائِقَتِها» قامَ إلَيهِ رَجُلُ فَقالَ : أخبِرني بِما في رَأسي ولِحيَتي مِن طاقَةِ شَعرٍ !