13
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 7

يعكسه من أعلى درجات الإيمان ؟ وهذَا ما يحيط اللثام عن سرّ قوله عليه السلام :
«لَو ضَرَبتُ خَيشومَ المُؤمِنِ بِسَيفي هذَا عَلى أن يُبغِضَني ما أبغَضَني ، ولَو صَبَبتُ الدُّنيا بِجَمّاتِها عَلَى المُنافِقِ عَلى أن يُحِبَّني ما أحَبَّني ، وذلِكَ أنَّهُ قُضِيَ فَانقَضى عَلى لِسانِ النَّبِيِّ الاُمِّيِّ صلى الله عليه و آله أنَّهُ قالَ : يا عَلِيُّ ، لا يُبِغضُكَ مُؤمِنٌ ولا يُحِبُّكَ مُنافِقٌ» ۱ .
وهنا مكمن السرّ الَّذي غرس حبَّ عليّ عليه السلام في قلوب مؤمنين صالحين طاهرين راسخ إيمانهم ، ونقيّة قلوبهم ، وجعل حبّه ثابتاً بين ثنايا أرواحهم ولايزول حَتّى في أقسى وأمرّ ظروف الحياة . فسطّروا بأقدام ثابتة أروع الملاحم ، وخلّدوا بدافق دمائهم معاني العزّة والمقاومة والإيمان بالحقّ وحبّ الحقّ على ناصية التاريخ ، من أمثال حُجر ، ورشيد ، وميثم ، وعمرو بن الحمق وغيرهم .

1.راجع : ص۴۴ (الإيمان) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 7
12

لقد بيّن رسول اللّه صلى الله عليه و آله هذَا المعنى ، وكشف عن مصداقه على طريق إبلاغ الأهداف العامّة للدين . وعلى هذَا المنوال فقد حدّد فى ضوئه مستقبل زعامة الاُمّة الإسلاميّة ، وصرّح لمن سأله عمّن يكون اُولئك القربى ، قائلاً : «عليّ وفاطمة وابناهما» .
ويتجلّى لنا من ذلِكَ بأنّ تفسير الرسول صلى الله عليه و آله لهذه الآية يأتي في السياق العامّ لإبلاغ الرسالة ، والتأكيد على امتداد طريق الرسالة ، مع الحرص على إنارة طريق الغد أمام الاُمّة الإسلاميّة .
إنّ الروايات الكثيرة الَّتي تحدّثت عن مودّة آل محمد صلى الله عليه و آله ، وأوجبت محبّتهم واعتبرت الموت على محبّتهم شهادة في سبيل اللّه ، وعداوتهم نفاقاً ، وبغض عليّ عليه السلام نفاقاً ، إنّما جاءت لإيجاد تيّار يسير في خطّهم ، والوقاية من ظهور مناهض لهم ، ومُعادٍ ـ مآلاً ـ لتعاليم الدين ومعارف القرآن . ومع أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله كان يرى امتداد نهجه متجسّداً في «آل اللّه » ، فقد ألقى عب ء حمل رسالته على كاهل أبرز مصداق لـ «آل اللّه » وهو عليّ عليه السلام ، معتبراً أيّة مواجهة له مواجهة للرسول ؛ أي لايسوغ لمن كانت لديه فطرة سليمة وإيمان راسخ ، ويعرف الحقّ ويسير عليه ، أن يبغض عليّاً عليه السلام . أليس هو الرجل المعروف بكلّ معاني الجمال وحميد الخصال ومكارم الأخلاق والصفات ؟وهل توجد فطرة سليمة لا تحبّ الجمال وتأبى التغنّي بالملاحم في سبيل معاني الجمال ؟ ! وهل يمكن أن يكون الإنسان على الحقّ ولا يحبّ المثال الَّذي يتجسّد فيه الحقّ بعينه ؟ ! . . . «فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَا الضَّلَـلُ»۱ .
كيف يتواءم ارتداء ثياب الإيمان الجميلة ، وإيكال القلب إلى اللّه ، مع عدم حبّ علي عليه السلام بما يمثّله من ذوبان في اللّه ، وتجسيد لأسمى معاني حبّ اللّه وعبادته ، وما

1.يونس : ۳۲ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 7
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 81734
صفحه از 532
پرینت  ارسال به