حَتّى تمرَّن عليه الصغير ، وهرم الشيخ الكبير ، ولعلّ في أوليات الأمر كان يوجد هناك من يمتنع عن القيام بتلك السبّة المخزية ، وكان يسَع لبعض النفوس الشريفة أن يتخلّف عنها ، غير أنّ شدّة معاوية ـ الحليم في إجراء اُحدوثته ـ وسطوة عمّاله ـ الخصماء الألدّاء على أهل بيت الوحي ، وتهالكهم دون تدعيم تلك الإمرة الغاشمة ، وتنفيذ تلك البدعة الملعونة ـ حكمت في البلاء ، حَتّى عمّت البلوى ، وخضعت إليها الرقاب ، وغلّلتها أيدي الجور تحت نِير ۱ الذلّ والهوان .
فكانت العادة مستمرّة منذ شهادة أمير المؤمنين عليه السلام إلى نهي عمر بن عبد العزيز ، طيلة أربعين سنة ۲ ، على صهوات المنابر ، وفي الحواضر الإسلاميّة كلّها ؛ من الشام إلَى الري إلَى الكوفة إلَى البصرة إلى عاصمة الإسلام المدينة المشرّفة إلى حرم أمن اللّه مكّة المعظّمة إلى شرق العالم الإسلامي وغربه ، وعند مجتمعات المسلمين جمعاء . . . .
واتّخذوا ذلِكَ كعقيدة راسخة ، أو فريضة ثابتة ، أو سنّة متّبعة ، يرغب فيها بكلّ شوق وتوق ۳ حَتّى أنّ عمر بن عبد العزيز لمّا منع عنها ـ لحكمة عمليّة ـ أو لسياسة وقتيّة ـ حسبوه كأنّه جاء بطامّةٍ كبرى ، أو اقترف إثما عظيما ۴ .
راجع : كتاب «الغدير» : ج 10 ص 257 ـ 271 .
1.النِّير : الخشبة الَّتي تكون على عنق الثور بأداتها (لسان العرب : ج۵ ص۲۴۷) .
2.كذا في المصدر ، والصحيح : «ستّين سنة» ؛ لأنّ خلافة عمر بن عبد العزيز كانت سنة ۹۹ ه .
3.التوق : هو الشوق إلى الشيء والنزوع إليه (لسان العرب : ج۱۰ ص۳۳) .
4.الغدير : ج۱۰ ص۲۶۵ .