181
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 7

مَوتِ الحَسَنِ عليه السلام ؛ فَقُتِلَت شيعَتُنا بِكُلِّ بَلدَةٍ ، وقُطِعَتِ الأَيدي وَالأَرجُلِ عَلَى الظِّنَّةِ ، وكانَ مَن يُذكَرُ بِحُبِّنا وَالاِنقِطاعِ إلَينا سُجِنَ ، أو نُهِبَ مالُهُ ، أو هُدِمَت دارُهُ ، ثُمَّ لَم يَزَل البَلاءُ يَشتَدُّ ويَزدادُ إلى زَمانِ عُبَيدِ اللّهِ بن زِيادٍ قَاتِلِ الحُسَينِ عليه السلام .
ثُمَّ جَاءَ الحَجّاجُ فَقَتَلَهُم كُلَّ قِتلَةٍ ، وأخَذَهُم بِكُلِّ ظِنّةٍ وتُهمَةٍ ، حَتّى إنَّ الرَّجُلَ لَيُقالُ لَهُ : «زِنديقٌ» أو «كافِرٌ» أحَبُّ إلَيهِ مِن أن يُقالَ : «شيعَةُ عَلِيٍّ» ، وحَتّى صارَ الرَّجُلُ الَّذي يُذكَرُ بِالخَيرِ ـ ولَعَلَّهُ يَكونُ وَرِعاً صَدوقاً ـ يُحَدِّثُ بِأَحاديثَ عَظيمَةٍ عَجيبَةٍ مِن تَفضيلِ بَعضِ مَن قَد سَلَفَ مِنَ الوُلاةِ ولَم يَخلُقِ اللّهُ تَعالى شَيئا مِنها ، ولا كانَت ، ولا وقَعَت ، وهُوَ يَحسَبُ أنَّها حَقٌّ ؛ لِكَثرَةِ مَن قَد رَواها مِمَّن لَم يُعرَف بِكَذِبٍ ولا بِقِلَّةٍ وَرَعٍ .
ورَوى أبُو الحَسَنٍ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أبي سَيفٍ المَدائِنِيُّ في كِتابِ الأَحداثِ قالَ : كَتَبَ مُعاوِيَةُ نُسخَةً واحِدَةً إلى عُمّالِهِ بَعدَ عامِ الجَماعَةِ : أن بَرِئَتِ الذِّمّةُ مِمَّن رَوى شَيئا مِن فَضلِ أبي تُرابٍ وأهلِ بَيتِهِ . فَقامَتِ الخُطَباءُ في كُلِّ كورَةٍ وعَلى كُلِّ مِنبَرٍ يَلعَنونَ عَلِيّا ، ويَبرَؤونَ مِنهُ ، ويَقَعونَ فيهِ وفي أهلِ بَيتِهِ . وكانَ أشَدَّ النّاسِ بَلاءً حينَئِذٍ أهلُ الكوفَةِ ؛ لِكَثرَةِ مِن بِها مِن شيعَةِ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَاستَعمَلَ عَلَيهِم زِيادَ بنَ سُمَيَّةَ ، وضَمَّ إلَيهِ البَصرَةَ ، فَكانَ يَتَتَبَّعُ الشّيعَةَ ـ وهُوَ بِهِم عارِفٌ ؛ لِأَ نَّهُ كانَ مِنهُم أيّامَ عَلِيٍّ عليه السلام ـ فَقَتَلَهُم تَحتَ كُلِّ حَجَرٍ ومَدَرٍ ، وأخافَهُم ، وقَطَعَ الأَيدِيَ وَالأَرجُلَ ، وسَمَلَ ۱ العُيونَ ، وصَلَبَهُم عَلى جذوع النّخلِ ، وطَرَدَهُم ، وَشَرَّدَهُم عَنِ العِراقِ ، فَلَم يِبَقَ بِها مَعروفٌ مِنهُم .
وكَتَبَ مُعاوِيَةُ إلى عُمّالِهِ في جَميعِ الآفاقِ ألّا يُجيزوا لأَِحَدٍ مِن شيعَةِ عَلِيٍّ وأهلِ بَيتِهِ شَهادَةً ، وكتب إلَيهِم : أنِ انظُروا مَن قِبَلَكُم مِن شيعَةِ عُثمانَ ومُحِبّيهِ وأهلِ وَلايَتِهِ

1.سملُ العين : فقؤها ؛ يقال : سُملت عينُه ؛ إذا فُقئت بحديدة محماة (لسان العرب : ج۱۱ ص۳۴۷) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 7
180

7 / 4

تَعذيبُ مُحِبّيهِ وتَشريدُهُم وقَتلُهُم

۶۳۳۳.شرح نهج البلاغة :رُوِيَ أنَّ أبا جَعفَرٍ مَحمَّدَ بنَ عَلِيٍّ الباقِرَ عليه السلام قالَ لِبَعضِ أصحابِهِ : يا فُلانُ ، ما لَقينا مِن ظُلمِ قُرَيشٍ إيّانا وتَظاهُرِهِم عَلَينا ، وما لَقِيَ شيعَتُنا ومُحِبّونا مِنَ النّاسِ ! إنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله قُبِضَ وَقد أخبَرَ أنّا أولَى النّاسِ بِالنّاسِ ، فَتَمالَأَت عَلَينا قُرَيشٌ حَتّى أخرَجَتِ الأَمرَ عَن مَعدِنِهِ ، واحتَجَّت عَلَى الأَنصارِ بِحَقِّنا وحُجَّتِنا ، ثُمَّ تَداوَلَتها قُرَيشٌ واحِدٍ بَعدَ واحِدٍ ، حَتّى رَجَعَت إلَينا ، فَنَكَثَت بَيعَتَنا ونَصَبَتِ الحَربَ لَنا ، ولَم يَزَل صاحِبُ الأَمرِ في صَعودٍ كَؤودٍ ۱ حَتّى قُتِلَ .
فبويِعَ الحَسَنُ ابنُهُ ، وعوهِدَ ، ثُمَّ غُدِرَ بِهِ ، واُسلِمَ ، ووَثَبَ عَلَيهِ أهلُ العِراقِ حَتّى طُعِنَ بِخَنجَرٍ في جَنبِهِ ، ونُهِبَت عَسكَرُهُ ، وعولِجَت ۲ خَلاليلُ اُمَّهاتِ أولادِهِ ، فَوادَعَ مُعاوِيَةَ ، وحَقَنَ دَمَهُ ودِماءَ أهلِ بَيتِهِ وهُم قَليلٌ حَقَّ قَليلٍ .
ثُمَّ بايَعَ الحُسَينَ عليه السلام مِن أهلِ العِراقِ عِشرونَ ألفاً ، ثُمَّ غَدَروا بِهِ ، وخَرَجوا عَلَيهِ وبَيعَتُهُ في أعناقِهِم ، وقَتَلوهُ ، ثُمَّ لَم نَزَل ـ أهلَ البَيتِ ـ نُستَذَلُّ ونُستَضامُ ونُقصى ونُمتَهَنُ ونُحرَمُ ونُقتَلُ ونُخافُ ولا نَأمَنُ عَلى دِمائِنا ودِماءِ أولِيائِنا . ووَجَدَ الكاذِبونَ الجاحِدونَ ؛ ـ لِكذِبِهِم وجُحودِهِم ـ مَوضِعاً يَتَقَرَّبونَ بِهِ إلى أولِيائِهِم وقُضاةِ السَّوءِ وعُمّالِ السَّوءِ في كُلِّ بَلدَةٍ ، فَحَدَّثوهُمِ بِالأَحاديثِ المَوضوعَةِ المَكذوبَةِ ، ورَوَوا عَنّا ما لَم نَقُلهُ وما لَم نَفعَلهُ ؛ لِيُبَغِّضونا إلَى النّاسِ . وكانَ عِظَمُ ذلِكَ وكِبَرُهُ زَمَنَ مُعاوِيَةَ بَعدَ

1.الصَّعُودُ : العَقَبَةُ الكَؤود ، والمشَقَّةُ من الأمر ( المصباح المنير : ص۳۴۰ ) . عَقَبة كَؤود : شاقّة المصعد ، صعبة المرتقى (لسان العرب : ج۳ ص۳۷۴) .

2.المعالَجة : المزاولة والممارسة ، وعالجتُ بني إسرائيل : أي مارستُهم فلقيتُ منهم شدّة (مجمع البحرين : ج۲ ص۱۲۵۴) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 7
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 68643
صفحه از 532
پرینت  ارسال به