233
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 7

أبكِيَ ! فَذَهَبَ عَلِيٌّ يُكَلِّمُهُ ، فَقالَ لَهُ مَروانُ : إنَّ أميرَ المُؤمِنينَ قَد نَهى أن يُكَلِّمَهُ أحَدٌ ، فَرَفَعَ عَلِيٌّ السَّوطَ فَضَرَبَ وَجَهَ ناقَةِ مَروانَ ، وقالَ : تَنَحَّ ، نحّاكَ اللّهُ إلَى النّارِ !
ثُمَّ شَيَّعَهُ ، فَكَلَّمَهُ بِكَلامٍ يَطولُ شَرحُهُ ، وَتَكَلَّمَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَ القَومِ وَانصَرَفوا ، وَانصَرَفَ مَروانُ إلى عُثمانَ ، فَجَرى بَينَهُ وبَينَ عَلِيٍّ في هذا بَعضُ الوَحشَةِ ، وتَلاحَيا كَلاما ، فَلَم يَزَل أبو ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ حَتّى تُوُفِّيَ ۱ .

۶۳۹۱.أنساب الأشراف :كانَ أبو ذرٍّ يُنكِرُ عَلى مُعاوِيَةَ أشياءَ يَفعَلُها ، وبَعَثَ إلَيهِ مُعاوِيَةُ بِثَلاثِمِئَةِ دينارٍ ، فَقالَ : إن كانَت مِن عَطائِيَ الَّذي حَرَمتُمونيهِ عامي هذا قَبِلتُها ، وإن كانَت صِلَةً فَلا حاجَةَ لي فيها .
وبَعَثَ إلَيهِ حَبيبُ بنُ مَسلمَةَ الفِهرِي بِمِئَتَي دينارٍ ، فَقالَ : أ ما وَجَدَتَ أهونَ عَلَيكَ مِنّي حينَ تَبعَثُ إلَيَّ بِمالٍ ؟ورَدَّها .
وبَنى مُعاوِيَةَ الخَضراءَ بِدِمَشقَ ، فَقالَ : يا مُعاوِيَةُ ، إن كانَت هذِهِ الدّارُ مِن مالِ اللّهِ فَهِيَ الخِيانَةُ ، وإن كانَت مِن مالِكَ فَهذا الإِسرافُ . فَسَكَتَ مُعاوِيَةُ ۲ .

۶۳۹۲.أنساب الأشراف :كانَ أبو ذرٍّ يَقولُ : وَاللّهِ لَقَد حَدَثَت أعمالٌ ما أعرِفُها ، وَاللّهِ ما هِيَ في كِتابِ اللّهِ ولا سُنَّةِ نَبِيِّهِ ، وَاللّهِ إنّي لَأَرى حَقّا يُطفَأُ ، وباطِلاً يُحيا ، وصادِقا يُكَذَّبُ ، وأثَرَةً بِغَيرِ تُقى ، وصالِحا مُستَأثَرا عَلَيهِ .
فَقالَ حَبيبُ بنُ مَسلمَةَ لِمُعاوِيَةَ : إنَّ أبا ذَرٍّ مُفسِدٌ عَلَيكَ الشّامَ ، فَتَدارَك أهلَهُ إن كانَت لَكُم بِهِ حاجَةٌ ، فَكَتَبَ مُعاوِيَةُ إلى عُثمانَ فيهِ ، فَكَتَبَ عُثمانُ إلى مُعاوِيَةَ : أمّا بَعدُ ؛ فَاحمِل جُندَبا إليَّ عَلى أغلَظِ مَركَبٍ وأوعَرِهِ ، فَوَجَّهَ مُعاوِيَةُ مَن سارَ

1.تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۱۷۱ ؛ الفتوح : ج۲ ص۳۷۳ نحوه وراجع مروج الذهب : ج۲ ص۳۵۰ .

2.أنساب الأشراف : ج۶ ص۱۶۷ ، شرح نهج البلاغة : ج۸ ص۲۵۶ ؛ الشافي : ج۴ ص۲۹۴ وليس فيهما من «وبعث إليه» إلى «وردّها» .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 7
232

وكَتَبَ مُعاوِيَةُ إلى عُثمانَ : إنَّكَ قَد أفسَدتَ الشّامَ عَلى نَفسِكَ بِأَبي ذَرٍّ ، فَكَتَبَ إلَيهِ أنِ احمِلهُ عَلى قَتَبٍ ۱ بِغَيرِ وِطاءٍ ، فَقَدِمَ بِهِ إلَى المَدينَةِ ، وقَد ذَهَبَ لَحمُ فَخِذَيهِ ، فَلَمّا دَخَلَ إلَيهِ وعِندَهُ جَماعَةٌ قالَ : بَلَغَني أنَّكَ تَقولُ : سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ يَقولُ : « إذا كَمُلَت بَنو اُمَيَّةَ ثَلاثينَ رَجُلاً اتَّخَذوا بِلادَ اللّهِ دُوَلاً ۲ ، وعِبادَ اللّهِ خَوَلاً ۳ ، ودينَ اللّهِ دَغَلاً ۴ » فَقالَ : نَعَم ، سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ يَقولُ ذلِكَ .
فَقالَ لَهُم : أ سَمِعتُم رَسولَ اللّهِ يَقولُ ذلِكَ ؟
فَبَعَثَ إلى عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ ، فَأَتاهُ ، فَقالَ : يا أَبا الحَسَنِ ! أ سَمِعتَ رَسَولَ اللّهِ يَقولُ ما حَكاهُ أبو ذَرٍّ ؟ وقَصَّ عَلَيهِ الخَبَرَ . فَقالَ عَلِيٌّ : نَعَم ! قالَ : وكَيفَ تَشهَدُ ؟ قالَ : لِقَولِ رَسولِ اللّهِ : « ما أظَلَّتِ الخَضراءُ ، ولا أقَلَّتِ الغَبراءُ ذا لَهجَةٍ أصدَقَ مِن أبي ذَرٍّ» .
فَلَم يُقِم بِالمَدينَةِ إلّا أيّاما حَتّى أرسَلَ إلَيهِ عُثمانُ : وَاللّهِ لَتَخرُجَنَّ عَنها ! قالَ : أ تُخرِجُني مِن حَرَمِ رَسولِ اللّهِ ؟قالَ : نَعَم ، وأنفُكَ راغِمٌ . قالَ : فَإِلى مَكَّةَ ؟ قالَ : لا ، قالَ : فَإِلَى البَصرَةِ ؟ قالَ : لا ، قالَ : فَإِلَى الكوفَةِ ؟قالَ : لا ، ولكِن إلى الرَّبَذَةِ الَّتي خَرَجتَ مِنها حَتّى تَموتَ بِها ! يا مَروانُ ، أخرِجهُ ، ولا تَدَع أحَدا يُكَلِّمهُ ، حَتّى يَخرُجَ .
فَأَخرَجَهُ عَلى جَمَلٍ ومَعَهُ امرَأَتُهُ وَابَنَتُهُ ، فَخَرَجَ وَعِليٌّ وَالحَسَنُ وَالحُسَينُ وعَبدُ اللّهِ بنُ جَعفَرٍ وعَمّارُ بنُ ياسِرٍ يَنظُرونَ ، فَلَمّا رَأى أبو ذَرٍّ عَلِيّا قامَ إلَيهِ فَقَبَّلَ يَدَهُ ثُمَّ بَكَى ، وقالَ : إنّي إذا رَأَيتُكَ ورَأَيتُ وُلدَكَ ذَكَرتُ قَولَ رَسولِ اللّهِ ، فَلَم أصبِر حَتّى

1.القَتَب : رَحلٌ صغير على قدر السنام (الصحاح : ج۱ ص۱۹۸) .

2.الدُّوَل : جمع دُولة ؛ وهو ما يُتداوَل من المال ، فيكون لقوم دون قوم (النهاية : ج۲ ص۱۴۰) .

3.خَوَلاً : أي خَدما وعَبيدا ، يعني أنّهم يستخدمونهم ويَستعبِدونهم (النهاية : ج۲ ص۸۸) .

4.دَغَلاً : أي يَخدعون به النّاسَ ، وأصل الدَّغَل : الشَّجَر الملتَفّ الَّذي يكمُن أهل الفَساد فيه (النهاية : ج۲ ص۱۲۳) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 7
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 68706
صفحه از 532
پرینت  ارسال به