فَنَزَلَ المُغيرَةُ ودَخَلَ القَصرَ ، فَاستَأذَنَ عَلَيهِ قَومُهُ ، ودَخَلوا ولاموهُ فِي احتِمالِهِ حُجرا ، فَقالَ لَهُم : إنّي قَد قَتَلتُهُ . قالَ : وكَيفَ ذلِكَ ؟ ! قالَ : إنَّهُ سَيَأتي أميرٌ بَعدي فَيَحسَبُهُ مِثلي فَيصَنَعُ بِهِ شَبيها بِما تَرَونَهُ ، فَيَأخُذُهُ عِندَ أوَّلِ وَهلَةٍ ، فَيَقتُلُهُ شَرَّ قَتلَةٍ .
إنَّهُ قَدِ اقتَرَبَ أجَلي ، وضَعُفَ عَمَلي ، وما اُحِبُّ أن أبتَدِئَ أهلَ هذَا المِصرِ بِقَتلِ خِيارِهِم ، وسَفكِ دِمائِهِم ، فَيَسعَدوا بِذلِكَ وأشقى ، ويَعِزُّ مُعاوِيَةُ فِي الدُّنيا ، ويَذِلُّ المُغيرَةُ فِي الآخِرَةِ ، سَيَذكُرونَني لَو قَد جَرَّبُوا العُمّالَ ۱ .
۶۴۶۳.الطبقات الكبرىـ في ذِكرِ أحوالِ حُجرِ بنِ عَدِيٍّ ـ: ذَكَرَ بَعضُ رُواةِ العِلمِ أنَّهُ وَفَدَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله مَعَ أخيهِ هانِئِ بنِ عَدِيٍّ ، وشَهِدَ حُجرٌ القادِسِيَّةَ وَهُوَ الَّذِي افتَتَحَ مَرجَ عَذرا ، وكانَ في ألفَينِ وخَمسِمِئَةٍ مِنَ العَطاءِ . وكانَ مِن أصحابِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ وشَهِدَ مَعَهُ الجَمَلَ وصِفّينَ .
فَلَمّا قَدِمَ زِيادُ بنُ أبي سُفيانَ والِيا عَلَى الكوفَةِ دَعا بِحُجرِ بنِ عَدِيٍّ فَقالَ : تَعلَمُ أنّي أعرِفُكَ ، وقَد كُنتُ أنا وإيّاكَ عَلى ما قَد عَلِمتَ ـ يَعني مِن حُبِّ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ ـ وإنَّهُ قَد جاءَ غَيرُ ذلِكَ ، وإنّي أنشُدُكَ اللّهَ أن تُقطِرَ لي مِن دَمِكَ قَطرَةً فَأَستَفرغَهُ كُلَّهُ ، أملِك عَلَيكَ لِسانَكَ ، وليَسَعكَ مَنزِلُكَ . . .
وكانَتِ الشّيعة يَختَلِفونَ إلَيهِ ويَقولونَ : إنَّكَ شَيخُنا وأحَقُّ النّاسِ بِإِنكارِ هذَا الأَمرِ .
وكانَ إذا جاءَ إلَى المَسجِدِ مَشَوا مَعَهُ ، فَأَرسَلَ إلَيهِ عَمرُو بنُ حُرَيثٍ ـ وهُوَ يَومَئِذٍ خَليفَةُ زِيادٍ عَلَى الكوفَةِ وزِيادٌ بِالبَصرَةِ ـ أبا عَبدِ الرَّحمنِ : ما هذِهِ الجَماعَةُ وقَد أعطَيتَ الأَميرَ مِن نَفسِكَ ما قَد عَلِمتَ ؟ فَقالَ لِلرَّسولِ : تُنكِرونَ ما أنتُم فيهِ ؟ إلَيكَ