بِجَميعِ ما فِي الأَرضِ مِن ذَهَبِها وعِقيانِها أحَبُّ إلَيَّ أن ألقَى اللّهَ بِدَمِ رَجُلٍ مُسلِمٍ ۱ .
۶۵۸۴.الإمام عليّ عليه السلامـ مِن كِتابٍ لَهُ إلى بَعضِ عُمّالِهِ ـ: أمّا بَعدُ ، فَإِنّي كُنتُ أشرَكتُكَ في أمانَتي ، وجَعَلتُكَ شِعاري وبِطانَتي ، ولَم يَكُن رَجُلٌ مِن أهلي أوثَقَ مِنكَ في نَفسي لِمُواساتي ومُوازَرَتي ، وأداءِ الأَمانَةِ إلَيَّ ، فَلَمّا رَأَيتَ الزَّمانَ عَلَى ابنِ عَمِّكَ قَد كَلِبَ ، وَالعَدُوَّ قَد حَرِبَ ، وأمانَةَ النّاسِ قَد خَزِيَت ، وهذِهِ الاُمَّةَ قَد فَنَكَت ۲ وشَغَرَت ۳ ، قَلَبتَ لِابنِ عَمِّكَ ظَهرَ المِجَنِّ ، فَفارَقتهُ مَعَ المُفارِقينَ ، وخَذَلَتَهُ مَعَ الخاذِلينَ ، وخُنتَهُ مَعَ الخائِنينَ ، فَلاَ ابنَ عَمِّكَ آسَيتَ ، ولَا الأَمانَةَ أدَّيتَ .
وكَأَ نَّكَ لَم تَكُنِ اللّهَ تُريدُ بِجِهادِكَ ، وكَأَ نَّكَ لَم تَكُن عَلى بَيِّنَةٍ مِن رَبِّكَ ، وكَأَ نَّكَ إنَّما كُنتَ تَكيدُ هذِهِ الاُمَّةَ عَن دُنياهُم ، وتَنوي غِرَّتَهُم عَن فَيئِهِم ، فَلَمّا أمكَنَتَكَ الشِّدَّةُ في خِيانَةِ الاُمَّةِ أسرَعتَ الكَرَّةَ ، وعاجَلتَ الوَثبَةَ ، وَاختَطَفتَ ما قَدَرتَ عَلَيهِ مِن أموالِهِمُ المَصونَةِ لِأَرامِلِهِم وأيتامِهِمُ اختِطافُ الذِّئبِ الأَزَلِّ دامِيَةَ المِعزَى الكَسيرَةَ ، فَحَمَلتَهُ إلَى الحِجازِ رَحيبَ الصَّدرِ بِحَملِهِ ، غَيرَ مُتَأَثِّمٍ مِن أخذِهِ ، كَأَ نَّكَ ـ لا أبا لِغَيرِكَ ـ حَدَرتَ إلى أهلِكَ تُراثَكَ مِن أبيكَ واُمِّكَ ، فَسُبحان اللّهِ ! أ ما تُؤمِنُ بِالمَعادِ ؟ أ وَما تَخافُ نِقاشَ الحِسابِ ؟
أيُّهَا المَعدودُ ـ كانَ ـ عِندَنا مِن اُولِي الأَلبابِ ، كَيفَ تُسيغُ شَرابا وطَعاما ، وأنتَ تَعلَمُ أ نَّكَ تَأكُلُ حَراما ، وتَشرَبُ حَراما ، وتَبتاعُ الإِماءَ وَتنكِحُ النِّساءَ مِن أموالِ اليَتامى والمَساكينِ وَالمُؤمِنينَ وَالمُجاهِدينَ ، الَّذينَ أفاءَ اللّهُ عَلَيهِم هذِهِ الأَموالَ ، وأحرَزَ بِهِم هذِهِ البِلادَ ! فَاتَّقِ اللّهَ وَاردُد إلى هؤُلاءِ القَومِ أموالَهُم ، فَإِنَّكَ إن لَم تَفعَل ثُمَّ
1.رجال الكشّي : ج۱ ص۲۷۹ الرقم ۱۱۰ ؛ أنساب الأشراف : ج۲ ص۴۰۰ ، العقد الفريد : ج۳ ص۳۴۸ عن أبي الكنود ، الأوائل لأبي هلال : ص۱۹۶ كلّها نحوه .
2.الفَنْك : الكذب ، والتعدّي ، واللَّجاج (لسان العرب : ج۱ ص۴۷۹) .
3.الشغر : البُعد (النهاية : ج۲ ص۴۸۲) .