391
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 7

بِجَميعِ ما فِي الأَرضِ مِن ذَهَبِها وعِقيانِها أحَبُّ إلَيَّ أن ألقَى اللّهَ بِدَمِ رَجُلٍ مُسلِمٍ ۱ .

۶۵۸۴.الإمام عليّ عليه السلامـ مِن كِتابٍ لَهُ إلى بَعضِ عُمّالِهِ ـ: أمّا بَعدُ ، فَإِنّي كُنتُ أشرَكتُكَ في أمانَتي ، وجَعَلتُكَ شِعاري وبِطانَتي ، ولَم يَكُن رَجُلٌ مِن أهلي أوثَقَ مِنكَ في نَفسي لِمُواساتي ومُوازَرَتي ، وأداءِ الأَمانَةِ إلَيَّ ، فَلَمّا رَأَيتَ الزَّمانَ عَلَى ابنِ عَمِّكَ قَد كَلِبَ ، وَالعَدُوَّ قَد حَرِبَ ، وأمانَةَ النّاسِ قَد خَزِيَت ، وهذِهِ الاُمَّةَ قَد فَنَكَت ۲ وشَغَرَت ۳ ، قَلَبتَ لِابنِ عَمِّكَ ظَهرَ المِجَنِّ ، فَفارَقتهُ مَعَ المُفارِقينَ ، وخَذَلَتَهُ مَعَ الخاذِلينَ ، وخُنتَهُ مَعَ الخائِنينَ ، فَلاَ ابنَ عَمِّكَ آسَيتَ ، ولَا الأَمانَةَ أدَّيتَ .
وكَأَ نَّكَ لَم تَكُنِ اللّهَ تُريدُ بِجِهادِكَ ، وكَأَ نَّكَ لَم تَكُن عَلى بَيِّنَةٍ مِن رَبِّكَ ، وكَأَ نَّكَ إنَّما كُنتَ تَكيدُ هذِهِ الاُمَّةَ عَن دُنياهُم ، وتَنوي غِرَّتَهُم عَن فَيئِهِم ، فَلَمّا أمكَنَتَكَ الشِّدَّةُ في خِيانَةِ الاُمَّةِ أسرَعتَ الكَرَّةَ ، وعاجَلتَ الوَثبَةَ ، وَاختَطَفتَ ما قَدَرتَ عَلَيهِ مِن أموالِهِمُ المَصونَةِ لِأَرامِلِهِم وأيتامِهِمُ اختِطافُ الذِّئبِ الأَزَلِّ دامِيَةَ المِعزَى الكَسيرَةَ ، فَحَمَلتَهُ إلَى الحِجازِ رَحيبَ الصَّدرِ بِحَملِهِ ، غَيرَ مُتَأَثِّمٍ مِن أخذِهِ ، كَأَ نَّكَ ـ لا أبا لِغَيرِكَ ـ حَدَرتَ إلى أهلِكَ تُراثَكَ مِن أبيكَ واُمِّكَ ، فَسُبحان اللّهِ ! أ ما تُؤمِنُ بِالمَعادِ ؟ أ وَما تَخافُ نِقاشَ الحِسابِ ؟
أيُّهَا المَعدودُ ـ كانَ ـ عِندَنا مِن اُولِي الأَلبابِ ، كَيفَ تُسيغُ شَرابا وطَعاما ، وأنتَ تَعلَمُ أ نَّكَ تَأكُلُ حَراما ، وتَشرَبُ حَراما ، وتَبتاعُ الإِماءَ وَتنكِحُ النِّساءَ مِن أموالِ اليَتامى والمَساكينِ وَالمُؤمِنينَ وَالمُجاهِدينَ ، الَّذينَ أفاءَ اللّهُ عَلَيهِم هذِهِ الأَموالَ ، وأحرَزَ بِهِم هذِهِ البِلادَ ! فَاتَّقِ اللّهَ وَاردُد إلى هؤُلاءِ القَومِ أموالَهُم ، فَإِنَّكَ إن لَم تَفعَل ثُمَّ

1.رجال الكشّي : ج۱ ص۲۷۹ الرقم ۱۱۰ ؛ أنساب الأشراف : ج۲ ص۴۰۰ ، العقد الفريد : ج۳ ص۳۴۸ عن أبي الكنود ، الأوائل لأبي هلال : ص۱۹۶ كلّها نحوه .

2.الفَنْك : الكذب ، والتعدّي ، واللَّجاج (لسان العرب : ج۱ ص۴۷۹) .

3.الشغر : البُعد (النهاية : ج۲ ص۴۸۲) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 7
390

الإِماءَ ، وتَنكِحَ النِّساءَ بِأَموالِ الأَرامِلِ وَالمُهاجِرينَ الَّذينَ أفاءَ اللّهُ عَلَيهِم هذِهِ البِلادَ ؟ !
اُردُد إلَى القَومِ أموالَهُم ، فَوَاللّهِ لَئِن لَم تَفعَل ثُمَّ أمكَنَنِي اللّهُ مِنكَ لاُعذِرَنَّ اللّهَ فَيكَ ، فَوَاللّهِ لَو أنَّ حَسَنا وحُسَينا فَعَلا مِثلَ ما فَعَلتَ ، لَما كانَ لَهُما عِندي في ذلِكَ هَوادَةٌ ، ولا لِواحِدٍ مِنهُما عِندي فيهِ رُخصَةٌ ، حَتّى آخُذَ الحَقَّ ، واُزيحَ الجَورَ عَن مَظلومِها ، وَالسَّلامُ .
قالَ : فَكَتَبَ إلَيهِ عَبدُ اللّهِ بنُ عَبّاسٍ : أمّا بَعدُ ، فَقَد أتاني كِتابُكَ ، تُعَظِّمُ عَلَيَّ إصابَةَ المالِ الَّذي أخَذتُهُ مِن بَيتِ مالِ البَصرَةِ ، ولَعَمري إنَّ لي في بَيتِ مالِ اللّهِ أكثَرَ ممِّا أخَذتُ ، وَالسَّلامُ .
قالَ : فَكَتَبَ إلَيهِ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلام : أمّا بَعدُ ، فَالعَجَبِ كُلُّ العَجَبِ مِن تَزيينِ نَفسِكَ أنَّ لَكَ في بَيتِ مالِ اللّهِ أكَثَرَ مِمّا أخَذتَ ، وأكثَرَ مِمّا لِرَجُلٍ مِنَ المُسلِمينَ ، فَقَد أفلَحتَ إن كانَ تَمَنّيكَ الباطِلَ وادِّعاؤُكَ ما لا يَكونُ يُنجيكَ مِنَ الإِثمِ ، ويُحِلُّ لَكَ ما حَرَّمَ اللّهُ عَلَيكَ ، عَمركَ اللّهُ إِ نَّكَ لَأَنتَ العَبدُ المُهتدي إذا !
فَقَدَ بَلَغَني أ نَّكَ اتَّخَذتَ مَكَّةَ وَطَنا ، وضَرَبتَ بِها عَطَنا ۱ ، تَشتَري مُوَلَّداتِ مَكَّةَ وَالطّائِفِ ، تَختارُهُنَّ عَلى عَينِكَ ، وتُعطي فيهِنَّ مالَ غَيرِكَ ، وإنّي لَاُقسِمُ بِاللّهِ رَبّي ورَبِّك رَبِّ العِزَّةِ ، ما يَسُرُّني أنَّ ما أخَذتَ مِن أموالِهِم لي حَلالٌ أدَعُهُ لِعَقِبي ميراثا ، فَلا غَروَ ، وأشَدّ بِاغتِباطِكَ تَأكُلُه رُوَيدا رُوَيدا ، فَكَأَن قَد بَلَغتَ المَدى ، وعُرِضتَ عَلى رَبِّكَ ، وَالمَحَلّ الَّذي يَتَمَنَّى الرَّجعَةَ ، والمُضَيِّع لِلتَّوبَةِ كَذلِكَ ، وما ذلِكَ ، ولاتَ حينَ مَناصٍ ! وَالسَّلامُ .
قالَ : فَكَتَبَ إلَيهِ عَبدُ اللّهِ بنُ عَبّاسٍ : أمّا بَعدُ ، فَقَد أكثَرتَ عَلَيَّ ، فَوَاللّهِ لَأَن ألقَى اللّهَ

1.العطن : المراح والمأوى (النهاية : ج۳ ص۲۵۸) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج 7
    سایر پدیدآورندگان :
    طباطبایی، محمد کاظم؛ طباطبایی نژاد، محمود
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    دوم
تعداد بازدید : 81950
صفحه از 532
پرینت  ارسال به