27
حُجرُ بنُ عَدِيٍّ
حُجْرُ بن عديّ بن معاوية الكندي ، أبو عبد الرحمن ، وهو المعروف بحجر الخير ، وابن الأدبر ۱ كان جاهليّاً إسلاميّاً ۲ ، وفد على النّبيّ ۳ ، وله صحبة ۴ . من الوجوه المتألّقة في التاريخ الإسلامي ، ومن القمم الشاهقة الساطعة في التاريخ الشيعي . جاء إلى النّبيّ صلى الله عليه و آله وأسلم وهو لم يزل شابّاً . وكان من صفاته : تجافيه عن الدنيا ، وزهده ، وكثرة صلاته وصيامه ، واستبساله وشجاعته ، وشرفه ونُبله وكرامته ، وصلاحه وعبادته ۵ . وكان معروفاً بالزهد ۶ ، مستجاب الدعوة لِما كان يحمله من روح طاهرة ، وقلب سليم ، ونقيبة محمودة ، وسيرة حميدة ۷ .
ولم يسكت حجر قطّ أمام قتل الحقّ وإحياء الباطل والركون إليه . من هنا ثار على عثمان مع سائر المؤمنين المجاهدين ۸ . ولم يألُ جهداً في تحقيق حاكميّة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، فعُدّ من خاصّة أصحابه ۹ وشيعته ۱۰ المطيعين .
اشترك حجر في حروب الإمام عليه السلام . وكان في الجمل ۱۱ قائداً على خيّالة كِنْدة ۱۲ ، وفي صفّين ۱۳ أميراً على قبيلته ۱۴ ، وفي النّهروان قاد ميسرة ۱۵ الجيش أو ميمنته ۱۶ .
وكان فصيح اللسان ، نافذ الكلام ، يتحدّث ببلاغة ، ويكشف الحقائق بفصاحة . وآية ذلك كلامه الجميل المتبصّر في تبيان منزلة الإمام عليه السلام ۱۷ .
وكان نصير الإمام الوفيّ المخلص ، والمدافع المجدّ عنه . ولمّا أغار الضحّاك بن قيس على العراق ، أمره الإمام عليه السلام بصدّه ، فهزمه حجر ببطولته وشجاعته ، وأجبره على الفرار ۱۸ .
اطّلع حجر على مؤامرة قتل الإمام عليه السلام قبل تنفيذها بلحظات ، فحاول بكلّ جهده أن يتدارك الأمر فلم يُفلح ۱۹ . واغتمّ لمقتله كثيراً .
وكان من أصحاب الإمام الحسن عليه السلام الغيارى الثابتين ۲۰ .
وقد جاش دم غيرته في عروقه حين سمع خبر الصلح ، فاعترض ۲۱ ، فقال له الإمام الحسن عليه السلام : لو كان غيرُك مثلَك لَما أمضيتُه ۲۲ .
وكان قلبه يتفطّر ألماً من معاوية . وطالما كان يبرأ من هذا الوجه القبيح لحزب الطلقاء الَّذي تأمّر على المسلمين ، ويدعو عليه مع جمع من الشيعة ۲۳ . وهو الحزب الَّذي كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله وصفه بأنّه ملعون . وكان حجر يقف للدفاع عن العقيدة وأهل البيت عليهم السلام بلا وجلٍ ، ويُعنّف المغيرة الَّذي كان فرداً في رجسه وقبحه ورذالته ، وقد تسلّط على الكوفة في أثناء حكومة الطلقاء ، وكان يطعن في عليٍّ عليه السلام وشيعته ۲۴ . وضاق معاوية ذرعاً بحجر وبمواقفه وكشفه الحقائق ، وصلابته ، وثباته ، فأمر بقتله وتمّ تنفيذ أمره ، فاستشهد ۲۵ ذلك الرجل الصالح في «مَرْج عذراء ۲۶ » ۲۷ سنة 51 ه ، مع ثلّة من رفاقه ۲۸ .
وكان حجر وجيهاً عند النّاس ، وذا شخصيّة محبوبة نافذة ، ومنزلة حسنة ، فكَبُر عليهم استشهاده ۲۹ ، واحتجّوا على معاوية ، وقرّعوه على فعله القبيح هذا . وكان الإمام الحسين عليه السلام ۳۰ ممّن تألّم كثيراً لاستشهاده ، واعترض على معاوية في رسالة بليغة له أثنى فيها ثناءً بالغاً على حجر ، وذكر استفظاعه للظلم ، وذكّر معاوية بنكثه للعهد ، وإراقته دم حجر الطاهر ظلماً وعدواناً . واعترضت عائشة ۳۱ أيضاً على معاوية من خلال ذكرها حديثاً حول شهداء «مرج عذراء» ۳۲ .
وكان معاوية ـ على ما اتّصف به من فساد الضمير ـ يرى قتل حجر من أخطائه ، ويعبّر عن ندمه على ذلك ۳۳ ، وقال عند دنوّ أجله : لو كان ناصحٌ لَمَنعنا من قتله ۳۴ !
وقتل مصعب بن الزبير ولدَي حجر : عبيد اللّه ، وعبد الرحمن صبراً ۳۵ .
وكان الإمام أمير المؤمنين عليه السلام قد أخبر باستشهاده من قبل ، وشبّه استشهاده وصحبه باستشهاد «أصحاب الاُخدود» .
1.الطبقات الكبرى : ج ۶ ص ۲۱۷ ، سير أعلام النّبلاء : ج ۳ ص ۴۶۳ الرقم ۹۵ ، تاريخ دمشق : ج ۱۲ ص ۲۱۱ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج ۴ ص ۳۳ .
2.المستدرك على الصحيحين : ج ۳ ص ۵۳۴ ح ۵۹۸۳ ، الطبقات الكبرى : ج ۶ ص ۲۱۷ ، تاريخ دمشق : ج ۱۲ ص ۲۱۱ .
3.المستدرك على الصحيحين : ج ۳ ص ۵۳۲ ح ۵۹۷۴ ، الطبقات الكبرى : ج ۶ ص ۲۱۷ ، أنساب الأشراف : ج ۵ ص ۲۷۶ ، سير أعلام النّبلاء : ج ۳ ص ۴۶۳ الرقم ۹۵ ، تاريخ دمشق : ج ۱۲ ص ۲۰۷ ، اُسد الغابة : ج ۱ ص ۶۹۷ الرقم ۱۰۹۳ .
4.المستدرك على الصحيحين : ج ۳ ص ۵۳۴ ح ۵۹۸۳ ، سير أعلام النّبلاء : ج ۳ ص ۴۶۳ الرقم ۹۵ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج ۴ ص ۱۹۳ ، الاستيعاب : ج ۱ ص ۳۸۹ الرقم ۵۰۵ ، اُسد الغابة : ج ۱ ص ۶۹۷ الرقم ۱۰۹۳ وفيهما «كان من فضلاء الصحابة» .
5.سير أعلام النّبلاء : ج ۳ ص ۴۶۳ الرقم ۹۵ ، البداية والنهاية : ج ۸ ص ۵۰ .
6.المستدرك على الصحيحين : ج ۳ ص ۵۳۱ ، تاريخ دمشق : ج ۱۲ ص ۲۱۲ ، البداية والنهاية : ج ۸ ص ۵۰ .
7.الاستيعاب : ج ۱ ص ۳۹۱ الرقم ۵۰۵ ، اُسد الغابة : ج ۱ ص ۶۹۸ الرقم ۱۰۹۳ .
8.الجمل : ص ۱۳۷ .
9.الطبقات الكبرى : ج ۶ ص ۲۱۷ ، اُسد الغابة : ج ۱ ص ۶۹۷ الرقم ۱۰۹۳ وفيه «كان من أعيان أصحابه» ، الأخبار الطوال : ص ۲۲۴ وفيه «كان من عظماء أصحاب عليّ» .
10.سير أعلام النّبلاء : ج ۳ ص ۴۶۳ الرقم ۹۵ .
11.المستدرك على الصحيحين : ج ۳ ص ۵۳۲ ح ۵۹۷۴ ، الطبقات الكبرى : ج ۶ ص ۲۱۸ ، أنساب الأشراف : ج ۵ ص ۲۷۶ ، تاريخ دمشق : ج ۱۲ ص ۲۱۰ .
12.الجمل : ص ۳۲۰ ؛ الأخبار الطوال : ص ۱۴۶ .
13.المستدرك على الصحيحين : ج ۳ ص ۵۳۲ ح ۵۹۷۴ ، الطبقات الكبرى : ج ۶ ص ۲۱۸ ، أنساب الأشراف : ج ۵ ص ۲۷۶ ، تاريخ دمشق : ج ۱۲ ص ۲۰۷ .
14.وقعة صفّين : ص ۱۱۷ ؛ تاريخ خليفة بن خيّاط : ص ۱۴۶ ، سير أعلام النّبلاء : ج ۳ ص ۴۶۳ الرقم ۹۵ وفيه «شهد صفّين أميرا» .
15.الاستيعاب : ج ۱ ص ۳۸۹ الرقم ۵۰۵ ، اُسد الغابة : ج ۱ ص ۶۹۷ الرقم ۱۰۹۳ .
16.الأخبار الطوال : ص ۲۱۰ ، الإمامة والسياسة : ج ۱ ص ۱۶۹ .
17.الجمل : ص ۲۵۵ .
18.الغارات : ج ۲ ص ۴۲۵ ؛ تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۱۳۵ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۴۲۶ .
19.الإرشاد : ج ۱ ص ۱۹ ، المناقب لابن شهر آشوب : ج ۳ ص ۳۱۲ .
20.أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۲۸۰ ؛ رجال الطوسي : ص ۹۴ الرقم ۹۲۸ .
21.أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۳۶۵ ، الأخبار الطوال : ص ۲۲۰ ، شرح نهج البلاغة : ج ۱۶ ص ۱۵ .
22.أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۳۶۵ .
23.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۲۵۶ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۴۸۹ .
24.أنساب الأشراف : ج ۵ ص ۲۵۲ ، تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۲۵۴ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۴۸۹ .
25.تاريخ دمشق : ج ۱۲ ص ۲۱۷ ، الاستيعاب : ج ۱ ص ۳۸۹ الرقم ۵۰۵ .
26.عَذْراء : قرية بغَوطة دمشق من إقليم خولان ، معروفة ، وإليها يُنسب مَرْج . والمَرْج : الأرض الواسعة فيها نبت كثير تمرَج فيها الدوابّ ؛ أي تذهب وتجيء (معجم البلدان : ج ۴ ص ۹۱ و ج ۵ ص ۱۰۰) .
27.المستدرك على الصحيحين : ج ۳ ص ۵۳۲ ح ۵۹۷۴ ، مروج الذهب : ج ۳ ص ۱۲ ، الاستيعاب : ج ۱ ص ۳۹۰ الرقم ۵۰۵ .
28.المستدرك على الصحيحين : ج ۳ ص ۵۳۲ ح ۵۹۷۸ ، تاريخ دمشق : ج ۱۲ ص ۲۱۱ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج ۴ ص ۱۹۴ ، مروج الذهب : ج ۳ ص ۱۲ وفيه «سنة ثلاث وخمسين» .
29.الأخبار الطوال : ص ۲۲۴ .
30.أنساب الأشراف : ج ۵ ص ۱۲۹ ، الإمامة والسياسة : ج ۱ ص ۲۰۳ ؛ رجال الكشّي : ج ۱ ص ۲۵۲ الرقم ۹۹ ، الاحتجاج : ج ۲ ص ۹۰ ح ۱۶۴ .
31.المستدرك على الصحيحين : ج ۳ ص ۵۳۴ ح ۵۹۸۴ ، أنساب الأشراف : ج ۵ ص ۴۸ ، تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۲۷۹ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج ۴ ص ۱۹۴ ، الاستيعاب : ج ۱ ص ۳۹۰ الرقم ۵۰۵ .
32.أنساب الأشراف : ج ۵ ص ۲۷۴ ، تاريخ دمشق : ج ۱۲ ص ۲۲۶ ، الإصابة : ج ۲ ص ۳۳ الرقم ۱۶۳۴ ؛ تاريخ اليعقوبي : ج ۲ ص ۲۳۱ .
33.سير أعلام النّبلاء : ج ۳ ص ۴۶۵ الرقم ۹۵ ، تاريخ دمشق : ج ۱۲ ص ۲۲۶ ، تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۲۷۹ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج ۴ ص ۱۹۴ .
34.أنساب الأشراف : ج ۵ ص ۲۷۵ ، تاريخ دمشق : ج ۱۲ ص ۲۳۱ .
35.المستدرك على الصحيحين : ج ۳ ص ۵۳۲ ح ۵۹۷۴ ، تاريخ دمشق : ج ۱۲ ص ۲۱۰ .