۶۴۳۹.ميزان الاعتدال عن زرّ بن حُبيش :قَرَأتُ القُرآنَ كُلَّهُ عَلى عَلِيٍّ عليه السلام فَلَمّا بَلَغُت : «وَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَ عَمِلُواْ الصَّــلِحَـتِ فِى رَوْضَـاتِ الْجَنَّـاتِ»۱ بَكى حَتّى ارتَفَعَ نَحيبُهُ . ۲
38
زِيادُ بنُ أبيهِ
هو زياد بن سُميَّة ؛ وهي اُمّه ، وقبل استلحاقه بأبي سفيان يقال له : زياد بن عبيد الثقفي ، تحدّثنا عنه مجملاً في مدخل البحث . كان من الخطباء ۳ والساسة . اشتهر بذكائه المفرط ومكره في ميدان السياسة ۴ . ولدته سميّة ، الَّتي كانت بغيّا من أهل الطائف ۵ ـ وكانت تحت عبيد الثقفي ۶ ـ في السنة الاُولى من الهجرة ۷ .
أسلم زياد في خلافة أبي بكر ۸ . ولفت نظر عمر في عنفوان شبابه بسبب كفاءته ودهائه السياسي ۹ ، فأشخصه في أيّام خلافته إلى اليمن لتنظيم ما حدث فيها من اضطراب ۱۰ . كان عمر بن الخطّاب قد استعمله على بعض صدقات البصرة أو بعض أعمال البصرة ۱۱ .
كان زياد يعيش في البصرة ، وعمل كاتبا لولاتها : أبي موسى الأشعري ۱۲ ، والمغيرة بن شعبة ۱۳ ، وعبد اللّه بن عامر ۱۴ .
وكان كاتبا ۱۵ ومستشارا ۱۶ لابن عبّاس في البصرة أيّام خلافة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام . ولمّا توجّه ابن عبّاس إلى صفّين جعله على خراج البصرة وديوانها وبيت مالها ۱۷ .
وعندما امتنع أهل فارس وكرمان من دفع الضرائب ، وطردوا واليهم سهل بن حُنيف ، استشار الإمام عليه السلام أصحابه لإرسال رجل مدبّر وسياسي إليهم ، فاقترح ابن عبّاس زيادا ۱۸ ، وأكّد جاريةُ بن قدامة هذا الاقتراح ۱۹ .
فتوجّه زياد إلى فارس وكرمان ۲۰ . وتمكّن بدهائه السياسي من إخماد نار الفتنة . وفي تلك الفترة نفسها ارتكب أعمالاً ذميمة فاعترض عليه الإمام عليه السلام ۲۱ .
لم يشترك زياد فيحروب الإمام عليه السلام ، وكان مع الإمام وابنه الحسن المجتبى عليهماالسلامحتى استشهاد الإمام عليه السلام ، بل حتى الأيّام الاُولى من حكومة معاوية ۲۲ .
ثمّ زلّ بمكيدة معاوية ، ووقع فيما كان الإمام قد حذّره منه ۲۳ ، وأصبح أداةً طيّعة لمعاوية تماما ، من خلال مؤامرة الاستلحاق . وسمّاه معاوية أخاه ۲۴ . وشهد جماعة على أ نّه ابن زنا ۲۵ . وهكذا أصبح زياد بن أبي سفيان ! !
كانت المفاسد والقبائح متأصّلة في نفس زياد ، وقد أبرز خبث طينته واسوداد قلبه في بلاط معاوية . ولّاه البصرة في بادئ الأمر ، ثمّ صار أميرا على الكوفة أيضا ۲۶ . ولمّا أحكم قبضته عليهما لم يتورّع عن كلّ ضرب من ضروب الفساد والظلم ۲۷ . وتشدّد كثيرا على النّاس ، خاصّة شيعة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ۲۸ ، إذ سجن الكثيرين منهم في سجون مظلمة ضيّقة أو قتلهم ۲۹ . وأكره النّاس على البراءة من الإمام عليه السلام ۳۰ وسبّه ۳۱ مصرّا على ذلك .
هلك زياد بالطاعون ۳۲ سنة 53 ه ۳۳ وهو ابن 53 سنة ۳۴ ، بعد عقدٍ من الجور والعدوان والنّهب ونشر القبائح وإشاعة الرجس والفحشاء ، وخَلّفَ من هذه الشجرة الخبيثة ثمرة خبيثة تقطر قبحا ، وهو عبيد اللّه الَّذي فاق أباه في الكشف عن سوء سريرته وظلمه لآل عليّ عليه السلام وشيعته .
كان زياد نموذجا واضحا للسياسي الَّذي له دماغ مفكّر ، ولكن ليس له قلب وعاطفة قطّ ! !
كان الشرَه ، والعَبَث ، والنّفاق في معاملة النّاس من صفاته الَّتي أشار إليها الإمام عليه السلام في رسالة موقظة منبِّهة ۳۵ .
كان زياد عظيما عند طلّاب الدنيا الذين يَعظُم في عيونهم زبرجها وبهرجها ؛ ولذا مدحوه بالذكاء الحادّ والمكانة السامية ۳۶ . بَيد أنّ نظرة إلى ما وراء ذلك تدلّنا على أ نّه لم يَرْعَوِ من كلّ رجسٍ ودنسٍ وقبحٍ وخبث ، حتى من تغيير نسبه أيضا .
1.الشورى : ۲۲ .
2.ميزان الاعتدال : ج ۲ ص ۷۳ الرقم ۲۸۷۸ ، المناقب للخوارزمي : ص ۸۶ ح ۷۶ نحوه .
3.الاستيعاب : ج ۲ ص ۱۰۰ الرقم ۸۲۹ ، اُسد الغابة : ج ۲ ص ۳۳۶ الرقم ۱۸۰۰ ، سير أعلام النّبلاء : ج ۳ ص ۴۹۶ الرقم ۱۱۲ ، الإصابة : ج ۲ ص ۵۲۸ الرقم ۲۹۹۴ .
4.الاستيعاب : ج ۲ ص ۱۰۰ الرقم ۸۲۹ ، العقد الفريد : ج ۴ ص ۶ ، الإصابة : ج ۲ ص ۵۲۸ الرقم ۲۹۹۴ .
5.تاريخ اليعقوبي : ج ۲ ص ۲۱۹ ؛ مروج الذهب : ج ۳ ص ۱۵ ، سير أعلام النّبلاء : ج ۳ ص ۴۹۵ الرقم ۱۱۲ ، العقد الفريد : ج ۴ ص ۴ ، الإصابة : ج ۲ ص ۵۲۸ الرقم ۲۹۹۴ .
6.سير أعلام النّبلاء : ج ۳ ص ۴۹۵ الرقم ۱۱۲ ، الإصابة : ج ۲ ص ۵۲۷ الرقم ۲۹۹۴ ، العقد الفريد : ج ۴ ص ۴ .
7.تاريخ دمشق : ج ۱۹ ص ۱۶۳ ، الاستيعاب : ج ۲ ص ۱۰۰ الرقم ۸۲۹ ، سير أعلام النّبلاء : ج ۳ ص ۴۹۴ الرقم ۱۱۲ وفيهما «ولد عام الهجرة» ، الوافي بالوفيات : ج ۱۵ ص ۱۲ الرقم ۱۰ ، الطبقات الكبرى : ج ۷ ص ۱۰۰ ، المعارف لابن قتيبة : ص ۳۴۶ وفيهما «ولد عام الفتح بالطائف» .
8.تاريخ دمشق : ج ۱۹ ص ۱۶۲ ، سير أعلام النّبلاء : ج ۳ ص ۴۹۴ الرقم ۱۱۲ ، الوافي بالوفيات : ج ۱۵ ص ۱۲ الرقم ۱۰ ، الإصابة : ج ۲ ص ۵۲۸ الرقم ۲۹۹۴ .
9.تاريخ دمشق : ج ۱۹ ص ۱۶۶ ـ ۱۶۸ ، أنساب الأشراف : ج ۵ ص ۱۹۸ .
10.الاستيعاب : ج ۲ ص ۱۰۱ الرقم ۸۲۹ .
11.الاستيعاب : ج ۲ ص ۱۰۰ الرقم ۸۲۹ .
12.الطبقات الكبرى : ج ۷ ص ۹۹ ، المعارف لابن قتيبة : ص ۳۴۶ ، تاريخ دمشق : ج ۱۹ ص ۱۶۲ و ص ۱۶۹ ، الاستيعاب : ج ۲ ص ۱۰۰ الرقم ۸۲۹ ، سير أعلام النّبلاء : ج ۳ ص ۴۹۴ الرقم ۱۱۲ ، أنساب الأشراف : ج ۵ ص ۱۹۸ .
13.تاريخ دمشق : ج ۱۹ ص ۱۶۹ ، المعارف لابن قتيبة : ص ۳۴۶ ، سير أعلام النّبلاء : ج ۳ ص ۴۹۵ الرقم ۱۱۲ ، أنساب الأشراف : ج ۵ ص ۱۹۸ .
14.تاريخ دمشق : ج ۱۹ ص ۱۶۹ .
15.تاريخ دمشق : ج ۱۹ ص ۱۶۹ و ۱۷۰ ، المعارف لابن قتيبة : ص ۳۴۶ ، سير أعلام النّبلاء : ج ۳ ص ۴۹۵ الرقم ۱۱۲ ، أنساب الأشراف : ج ۵ ص ۱۹۹ .
16.تاريخ دمشق : ج ۱۹ ص ۱۷۱ .
17.تاريخ دمشق : ج ۱۹ ص ۱۷۰ ، سير أعلام النّبلاء : ج ۳ ص ۴۹۵ الرقم ۱۱۲ وفيه «ناب عنه ابن عبّاس بالبصرة» .
18.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۱۳۷ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۴۳۰ ، البداية والنهاية : ج ۷ ص ۳۱۸ .
19.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۱۳۷ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۴۲۹ .
20.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۱۳۷ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۴۲۹ ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ص ۱۴۴ وفيه «وجّه عليٌّ زيادا فأرضوه وصالحوه وأدَّوا الخراج» .
21.نهج البلاغة : الكتاب ۲۰ و ۲۱ .
22.العقد الفريد : ج ۴ ص ۵ .
23.نهج البلاغة : الكتاب ۴۴ ؛ الاستيعاب : ج ۲ ص ۱۰۱ الرقم ۸۲۹ ، اُسد الغابة : ج ۲ ص ۳۳۷ الرقم ۱۸۰۰ .
24.تاريخ اليعقوبي : ج ۲ ص ۲۱۸ ؛ تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۲۱۴ ، تاريخ دمشق : ج ۱۹ ص ۱۶۲ ، سير أعلام النّبلاء : ج ۳ ص ۴۹۴ الرقم ۱۱۲ ، الاستيعاب : ج ۲ ص ۱۰۱ الرقم ۸۲۹ ، اُسد الغابة : ج ۲ ص ۳۳۶ الرقم ۱۸۰۰ ، تاريخ الخلفاء : ص ۲۳۵ ، العقد الفريد : ج ۴ ص ۴ .
25.تاريخ اليعقوبي : ج ۲ ص ۲۱۹ ؛ مروج الذهب : ج ۳ ص ۱۴ و ۱۵ ، العقد الفريد : ج ۴ ص ۴ ، الإصابة : ج ۲ ص ۵۲۸ الرقم ۲۹۹۴ ، سير أعلام النّبلاء : ج ۳ ص ۹۵ الرقم ۱۱۲ .
26.الطبقات الكبرى : ج ۷ ص ۹۹ ، أنساب الأشراف : ج ۵ ص ۲۰۵ وص ۲۰۷ ، المعارف لابن قتيبة : ص ۳۴۶ ، مروج الذهب : ج ۳ ص ۳۳ و ۳۴ ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ص ۱۵۶ و ص ۱۵۸ ، تاريخ دمشق : ج ۱۹ ص ۱۶۲ ، سير أعلام النّبلاء : ج ۳ ص ۴۹۶ الرقم ۱۱۲ .
27.أنساب الأشراف : ج ۵ ص ۲۱۶ ، مروج الذهب : ج ۳ ص ۳۵ ، تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۲۲۲ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۴۷۴ ، شرح نهج البلاغة : ج ۱۶ ص ۲۰۴ . ولمزيد الاطّلاع على حياة زياد بن أبيه راجع : أنساب الأشراف : ج ۵ ص ۲۰۵ ـ ۲۵۰ .
28.المعجم الكبير : ج ۳ ص ۷۰ ح ۲۶۹۰ ، الفتوح : ج ۴ ص ۳۱۶ ، الوافي بالوفيات : ج ۵ ص ۱۲ الرقم ۱۰ .
29.تاريخ دمشق : ج ۱۹ ص ۲۰۲ ، مروج الذهب : ج ۳ ص ۳۵ ، سير أعلام النّبلاء : ج ۳ ص ۴۹۶ الرقم ۱۱۲ .
30.تاريخ دمشق : ج ۱۹ ص ۲۰۳ ، سير أعلام النّبلاء : ج ۳ ص ۴۹۶ الرقم ۱۱۲ .
31.مروج الذهب : ج ۳ ص ۳۵ .
32.أنساب الأشراف : ج ۵ ص ۲۸۸ ، تاريخ دمشق : ج ۱۹ ص ۲۰۳ ، سير أعلام النّبلاء : ج ۳ ص ۴۹۶ الرقم ۱۱۲ ، الوافي بالوفيات : ج ۱۵ ص ۱۳ الرقم ۱۰ ، وفيات الأعيان : ج ۲ ص ۴۶۲ .
33.الطبقات الكبرى : ج ۷ ص ۱۰۰ ، الطبقات لخليفة بن خيّاط : ص ۳۲۸ الرقم ۱۵۱۶ ، المعارف لابن قتيبة : ص ۳۴۶ ، تاريخ دمشق : ج ۱۹ ص ۲۰۷ ، سير أعلام النّبلاء : ج ۳ ص ۴۹۶ الرقم ۱۱۲ ، الوافي بالوفيات : ج ۱۵ ص ۱۳ الرقم ۱۰ ، اُسد الغابة : ج ۲ ص ۳۳۷ الرقم ۱۸۰۰ .
34.تاريخ خليفة بن خيّاط : ص ۱۶۶ ، الاستيعاب : ج ۲ ص ۱۰۰ الرقم ۸۲۹ .
35.تاريخ اليعقوبي : ج ۲ ص ۲۰۴ ، نثر الدرّ : ج ۱ ص ۳۲۱ .
36.الاستيعاب : ج ۲ ص ۱۰۰ الرقم ۸۲۹ ، اُسد الغابة : ج ۲ ص ۳۳۷ الرقم ۱۸۰۰ .