4 / 4
الخُطبَةُ الغَرّاءُ
۵۵۶۷.الإمام عليّ عليه السلامـ مِن خُطبَةٍ لَهُ ، وهِيَ مِنَ الخُطَبِ العَجيبَةِ ، وتُسمَّى الغَرّاءَ ـ: الحَمدُ للّهِِ الَّذي عَلا بِحَولِهِ ، ودَنا بِطَولِهِ ۱ . مانِحِ كُلِّ غَنيمَةٍ وفَضلٍ ، . وكاشِفِ كُلِّ عَظيمَةٍ وأزلٍ .
أحمَدُهُ عَلى عَواطِفِ كَرَمِهِ ، وسَوابِغِ نِعَمِهِ . واُؤمِنَ بِهِ أوَّلاً بادِيا ، وأستَهديهِ قَريبا هادِيا ، وأستَعينُهُ قاهِرا قادِرا ، وأتَوَكَّلُ عَلَيهِ كافِيا ناصِرا . وأشهَدُ أنَّ مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله عَبدُهُ ورَسولُهُ ؛ أرسَلَهُ لِاءِنفاذِ أمرِهِ ، وإنهاءِ عُذرِهِ ، وتَقديمِ نُذُرِهِ .
اُوصيكُم عِبادَ اللّهِ بِتَقوَى اللّهِ الَّذي ضَرَبَ الأَمثالَ ، ووَقَّتَ لَكُمُ الآجالَ . وألبَسَكُمُ الرِّياشَ وأرفَغَ لَكُمُ المَعاشَ ۲ . وأحاطَ بِكُمُ الإِحصاءَ ۳ ، وأرصَدَ ۴ لَكُمُ الجَزاءَ ، وآثَرَكُم بِالنِّعَمِ السَّوابِغِ ، وَالرِّفَدِ الرَّوافِغِ ، وأنذَرَكُم بِالحُجَجِ البَوالِغِ . فَأَحصاكُم عَدَدا ، ووَظَّفَ لَكُم مُدَدا ، في قَرارِ خِبرَةٍ ، ودارِ عِبرَةٍ ، أنتُم مُختَبَرونَ فيها ، ومُحاسَبون عَلَيها .
فَإِنَّ الدُّنيا رَنِقٌ ۵ مَشرَبُها ، رَدِغٌ ۶ مَشرَعُها ، يونِقُ مَنظَرُها ، ويوبِقُ مَخبَرُها . غُرورٌ حائِلٌ ، وضَوءٌ آفِلٌ ، وظِلٌ زائِلٌ ، وسِنادٌ مائِلٌ . حَتّى إذا أنِسَ نافِرُها ، وَاطمَأَنَّ ناكِرُها ؛ قَمَصَت ۷ بِأَرجُلِها ، وقَنَصَت بِأَحبُلِها ، وأقصَدَت بِأَسهُمِها ، وأعلَقَتِ المَرءَ أوهاقَ ۸ المَنِيَّةِ قائِدَةً لَهُ إلى ضَنكِ المَضجَعِ ، ووَحشَةِ المَرجِعِ ، ومُعايَنَةِ المَحَلِّ ، وثَوابِ العَمَلِ . وكَذلِكَ الخَلَفُ بِعَقبِ السَّلَفِ . لا تُقلِعُ المَنِيَّةُ اختِراما ۹ ولا يَرعَوِي الباقونَ اجتِراما . يَحتَذونَ مِثالاً ويَمضونَ أرسالاً ۱۰ ، إلى غايَةِ الاِنتِهاءِ ، وصَيّورِ الفَناءِ .
حَتّى إذا تَصَرَّمَتِ الاُمورُ ، وتَقَضَّتِ الدُّهورُ ، وأزِفَ ۱۱ النُّشورُ ؛ أخرَجَهُم مِن ضَرائِحِ القُبورِ ، وأوكارِ الطُّيورِ ، وأوجِرَةِ ۱۲ السِّباعِ ، ومَطارِحِ المَهالِكِ ، سِراعا إلى أمرِهِ ، مُهطِعينَ ۱۳ إلى مَعادِهِ . رَعيلاً صُموتا ، قِياما صُفوفا . يَنفُذُهُمُ البَصُرُ ، ويُسمِعُهُمُ الدّاعي . عَلَيهِم لَبوسُ الِاستِكانَةِ ، وضَرَعُ الِاستِسلامِ وَالذِّلَّةِ . قَد ضَلَّتِ الحِيَلُ ، وَانقَطَعَ الأَمَلُ . وهَوَتِ الأَفئِدَةُ كاظِمَةً ، وخَشَعَتِ الأَصواتُ مُهَينِمَةً ۱۴ . وألجَمَ ۱۵ العَرَقُ ، وعَظُمَ الشَّفَقُ ، واُرعِدَتِ الأَسماعُ لِزَبرَةِ الدّاعي إلى فَصلِ الخِطابِ ، ومُقايَضَةِ الجَزاءِ ، ونَكالِ العِقابِ ، ونَوالِ الثَّوابِ .
عِبادٌ مَخلوقونَ اقتِدارا ، ومَربوبونَ اقتِسارا ، ومَقبوضونَ احتِضارا ، ومُضَمَّنونَ أجداثا ، وكائِنونَ رُفاتا ۱۶ . ومَبعوثونَ أفرادا ، ومَدينونَ جَزاءً ، ومُمَيَّزونَ حِسابا . قَد اُمهِلوا في طَلَبِ المَخرَجِ ، وهُدوا سَبيلَ المَنهَجِ ، وعُمِّروا مَهَلَ المُستَعتِبِ ، وكُشِفَت عَنهُم سُدَفُ ۱۷ الرِّيَبِ ، وخُلّوا لِمِضمارِ الجِيادِ ، ورَوِيَّةِ الاِرتِيادِ ، وأناةِ المُقتَبِسِ المُرتادِ ، في مَدَّةِ الأَجَلِ ، ومُضطَرَبِ المَهَلِ .
فَيالَها أمثالاً صائِبَةً ، ومواعِظَ شافِيَةً ، لَو صادَفَت قُلوبا زاكِيَةً ، وأسماعا واعِيَةً ، وآراءً عازِمَةً ، وألباباً حازِمَةً !
فَاتَّقُوا اللّهَ تَقِيَّةَ مَن سَمِعَ فَخَشَعَ ، وَاقتَرَفَ فَاعتَرَفَ ، ووَجِلَ فَعَمِلَ ، وحاذَرَ فَبادَرَ ، وأيقَنَ فَأَحسَنَ ، وعُبِّرَ فَاعتَبَرَ ، وحُذِّرَ فَحَذِرَ ، وزُجِرَ فَازدَجَرَ ، وأجابَ فَأَنابَ ، وراجَعَ فَتابَ ، وَاقتَدى فَاحتَذى ، واُرِيَ فَرَأى ، فَأَسرَعَ طالِبا ، ونَجا هارِبا ، فَأَفادَ ذَخيرَةً ، وأطابَ سَريرَةً . وعَمَّرَ مَعادا ، وَاستَظهَرَ زادا لِيَومِ رَحيلِهِ ، ووَجهِ سَبيلِهِ ، وحالِ حاجَتِهِ ، ومَوطِنِ فاقَتِهِ ، وقَدَّمَ أمامَهُ ، لِدارِ مُقامِهِ .
فَاتَقُّوا اللّهَ عِبادَ اللّهِ جِهَةَ ما خَلَقَكُم لَهُ ، وَاحذَروا مِنهُ كُنهَ ما حَذَّرَكُم مِن نَفسِهِ ، وَاستَحِقّوا مِنهُ ما أعَدَّ لَكُم بِالتَّنَجُّزِ ۱۸ لِصِدقِ ميعادِهِ ، وَالحَذَرِ مِن هَولِ مَعادِهِ ... .
جَعَلَ لَكُم أسماعا لِتَعِيَ ما عَناها ، وأبصارا لِتَجلُوَ عَن عَشاها ، وأشلاءً ۱۹ جامِعَةً لِأَعضائِها ، مُلائِمَةً لِأَحنائِها ۲۰ ، في تَركيبِ صُوَرِها ومُدَدِ عُمُرِها ، بِأَبدانٍ قائِمَةٍ بِأَرفاقِها ۲۱ ، وقُلوبٍ رائِدَةٍ لِأَرزاقِها ، في مُجَلِّلاتِ ۲۲ نِعَمِهِ ، وموجِباتِ مِنَنِهِ ، وحَواجِزِ عافِيَتِهِ . وقَدَّرَ لَكُم أعمارا سَتَرَها عَنكُم ، وخَلَّفَ لَكُم عِبَرا مِن آثارِ الماضينَ قَبلَكُم ؛ مِن مُستَمتَعِ خَلاقِهِم ۲۳ ، ومُستَفسَحِ خَناقِهِم ۲۴ . أرهَقَتهُمُ ۲۵ المَنايا دونَ الآمالِ ، وشَذَّبَهُم عَنها ۲۶ تَخَرُّمُ الآجالِ . لَم يَمهَدوا في سَلامَة الأَبدانِ ، ولَم يَعتَبِروا في اُنُفِ ۲۷ الأَوانِ .
فَهَل يَنتَظِرُ أهلُ بَضاضَةِ ۲۸ الشَّبابِ إلّا حَوانِيَ الهَرَمِ ؟ وأهلُ غَضارَةِ ۲۹ الصِّحَّةِ إلّا نَوازِلَ السَّقَمِ ؟ وأهلُ مُدَّةِ البَقاءِ إلّا آوِنَةَ الفَناءِ ؟ مَعَ قُربِ الزِّيالِ ، واُزوفِ الاِنتِقالِ ، وعَلَزِ ۳۰ القَلَقِ ، وألَمِ المَضَضِ وغُصَصِ الجَرَضِ ۳۱ ، وتَلَفُّتِ الاِستِغاثَةِ بِنُصرَةِ الحَفَدَةِ وَالأَقرِباءِ وَالأَعِزَّةِ وَالقُرَناءِ ! فَهَل دَفَعَتِ الأَقارِبُ أو نَفَعَتِ النَّواحِبُ ، وقَد غودِرَ في مَحَلَّةِ الأَمواتِ رَهينا ، وفي ضيقِ المَضجَعِ وَحيدا ، قَد هَتَكَتِ الهَوامُّ جِلدَتَهُ ، وأبلَتِ النَّواهِكُ جِدَّتَهُ ، وعَفَتِ ۳۲ العَواصِفُ آثارَهُ ، ومَحَا الحَدَثانِ ۳۳ مَعالِمَهُ ، وصارَتِ الأَجسادُ شَحِبَةً بَعدَ بَضَّتِها ، وَالعِظامُ نَخِرَةً بَعدَ قُوَّتِها ، وَالأَرواحُ مُرتَهَنَةً بِثِقَلِ أعبائِها ، موقِنَةً بِغَيبِ أنبائِها ، لا تُستَزادُ مِن صالِحِ عَمَلِها ، ولا تُستَعتَبُ مِن سَيِّىَ زَلَلِها !
أ وَلَستُم أبناءَ القَومِ وَالآباءَ ، وإخوانَهُم وَالأَقرِباءَ ، تَحتَذونَ أمثِلَتَهُم ، وتَركَبونَ قِدَّتَهُم ۳۴ وتَطَؤونَ جادَّتَهُم ؟ ! . فَالقُلوبُ قاسِيَةٌ عَن حَظِّها ، لاهِيَةٌ عَن رُشدِها ، سالِكَةٌ في غَيرِ مِضمارِها ، كَأنَّ المَعنِيَّ سِواها ، وكَأَنَّ الرُّشدَ في إحرازِ دُنياها !
وَاعلَموا أنَّ مَجازَكُم عَلَى الصِّراطِ ومَزالِقِ دَحضِهِ ۳۵ وأهاويلِ زَلَلِهِ ، وتاراتِ أهوالِهِ . فَاتَّقُوا اللّهَ عِبادَ اللّهِ تَقِيَّةَ ذي لُبٍّ شَغَلَ التَّفَكُّرُ قَلبَه ، وأنصَبَ الخَوفُ بَدَنَهُ ، وأسهَرَ التَّهَجُّدُ غِرارَ ۳۶ نَومِهِ ، وأظمَأَ الرَّجاءُ هَواجِرَ ۳۷ يَومِهِ ، وظَلَفَ الزُّهدُ شَهَواتِهِ ۳۸ ، وأوجَفَ الذِّكرُ بِلِسانِهِ ۳۹ ، وقَدَّمَ الخَوفَ لِأَمانِهِ ، وتَنَكَّبَ المَخالِجَ ۴۰ عَن وَضَحِ السَّبيلِ ، وسَلَكَ أقصَدَ المَسالِكِ إلَى النَّهجِ المَطلوبِ ، ولَم تَفتِلهُ فاتِلاتُ الغُرورِ ، ولَم تَعمَ عَلَيهِ مُشتَبِهاتُ الاُمورِ . ظافِرا بِفَرَحَةِ البُشرى ، وراحَةِ النُّعمى في أنعَمِ نَومِهِ وآمَنَ يَومِهِ . قَد عَبَرَ مَعبَرَ العاجِلَةِ حَميدا ، وقَدَّمَ زادَ الآجِلَةِ سَعيدا . وبادَرَ مِن وَجَلٍ ، وأكمَشَ ۴۱ في مَهَلٍ . ورَغِبَ في طَلَبٍ ، وذَهَبَ عَن هَرَبٍ ، وراقَبَ في يَومِهِ غَدَهُ ، ونَظَرَ قُدُما أمامَهُ . فَكَفى بِالجَنَّةِ ثَوابا ونَوالاً ، وكَفى بِالنّارِ عِقابا ووَبالاً ! وكَفى بِاللّهِ مُنتَقِما ونَصيرا ! وكَفى بِالكِتابِ حَجيجا وخَصيما !
اُوصيكُم بِتَقوَى اللّهِ الَّذي أعذَرَ بِما أنذَرَ ، واحتَجَّ بِما نَهَجَ ، وحَذَّرَكُم عَدُوّا نَفَذَ فِي الصُّدورِ خَفِيّا ، ونَفَثَ فِي الآذانِ نَجِيّا ۴۲ ؛ فَأَضَلَّ وأردى ، ووَعَدَ فَمَنّى ، وزَيَّنَ سَيِّئاتِ الجَرائِمِ ، وهَوَّنَ موبِقاتِ العَظائِمِ . حَتّى إذَا استَدرَجَ قَرينَتَهُ ۴۳ ، وَاستَغلَقَ رَهينَتَهُ ، أنكَرَ ما زَيَّنَ ، وَاستَعظَمَ ما هَوَّنَ ، وحَذَّرَ ما أمَّنَ .
أم هذَا الَّذي أنشَأَهُ في ظُلُماتِ الأَرحامِ ، وشُغُفِ ۴۴ الأَستارِ ، نُطفَةً دِهاقا ۴۵ ، وعَلَقَةً مِحاقا ، وجَنينا وراضِعا ، ووَليدا ويافِعا . ثُمَّ مَنَحَهُ قَلبا حافِظا ، ولِسانا لافِظا ، وبَصَرا لاحِظا ؛ لِيَفهَمَ مُعتَبِرا ، ويُقَصِّرُ مُزدَجِرا . حَتّى إذا قامَ اعتِدالُهُ ، وَاستَوى مِثالُهُ ؛ نَفَرَ مُستَكبِرا ، وخَبَطَ سادِرا ۴۶ ، ماتِحا في غَربِ ۴۷ هَواهُ ، كادِحا سَعيا لِدُنياهُ ، في لَذّاتِ طَرَبِهِ ، وبَدَواتِ ۴۸ أرَبِهِ ، ثُمَّ لا يَحتَسِبُ رَزِيَّةً ، ولا يَخشَعُ تَقِيَّةً . فَماتَ في فِتنَتِهِ غَريرا ۴۹ ، وعاشَ في هَفوَتِهِ يَسيرا . لَم يُفِد عِوَضا ، ولَم يَقضِ مُفتَرَضا . دَهِمَتهُ فَجَعاتُ المَنِيَّةِ في غُبَّرِ ۵۰ جِماحِهِ ، وسَنَن مِراحِهِ ، فَظَلَّ سادِرا ، وباتَ ساهِرا ، في غَمَراتِ الآلامِ ، وطَوارِقِ الأَوجاعِ وَالأَسقامِ ، بَينَ أخٍ شَقيقٍ ، ووالِدٍ شَفيقٍ ، وداعِيَةٍ بِالوَيلِ جَزَعا ، ولادِمَةٍ ۵۱ لِلصَّدرِ قَلَقا . وَالمَرءُ في سَكرَةٍ مُلهِثَةٍ ، وغَمرَةٍ ۵۲ كارِثَةٍ ، وأ نَّةٍ موجِعَةٍ ، وجَذبَةٍ مُكرِبَةٍ ، وسَوقَةٍ مُتعِبَةٍ . ثُمَّ اُدرِجَ في أكفانِهِ مُبلِسا ۵۳ ، وجُذِبَ مُنقادا سَلِسا . ثُمَّ اُلقِيَ عَلَى الأَعوادِ رَجيعَ وَصَبٍ ۵۴ ، ونِضوَ ۵۵ سَقَمٍ،تَحمِلُهُ حَفَدَةُ الوِلدانِ ، وحَشَدَةُ الإِخوانِ، إلى دارِ غُربَتِهِ ، ومُنقَطَعِ زَورَتِهِ ، ومُفرَدِ وَحشَتِهِ . حَتّى إذَا انصَرَفَ المُشَيِّعُ ، ورَجَعَ المُتَفَجِّعُ ؛ اُقعِدَ في حُفرَتِهِ ، نَجِيّا لِبَهتَةِ السُّؤالِ ، وعَثرَةِ الِامتِحانِ . وأعظَمُ ما هُنالِكَ بَلِيَّةُ نُزولُ الحَميمِ ، وتَصلِيَةُ الجَحيمِ ، وفَوراتُ السَّعيرِ ، وسَوراتُ ۵۶ الزَّفيرِ . لا فَترَةٌ مُريحَةٌ ، ولا دَعَةٌ مُزيحَةٌ ، ولا قُوَّةٌ حاجِزَةٌ ، ولا مَوتَةٌ ناجِزَةٌ ، ولا سِنَةٌ مُسَلِّيَةٌ بَينَ أطوارِ المَوتاتِ وعَذابِ السّاعاتِ ، إنّا بِاللّهِ عائِذونَ !
عِبادَ اللّهِ ! أينَ الَّذينَ عُمِّروا فَنَعِموا ، وعُلِّموا فَفَهِموا ، واُنظِروا فَلَهَوا وسُلِّموا فَنَسوا ! . اُمهِلوا طَويلاً ، ومُنِحوا جَميلاً ، وحُذِّروا أليما ، ووُعِدوا جَسيما . اِحذَرُوا الذُّنوبَ المُوَرِّطَةَ ، وَالعُيوبَ المُسخِطَةَ .
اُولِي الأَبصارِ وَالأَسماعِ ، وَالعافِيَةِ وَالمَتاعِ ! هَل مِن مَناصٍ أو خَلاصٍ، أو مَعاذٍ أو مَلاذٍ ، أو فِرارٍ أو مَحارٍ ۵۷ أم لا ؟ «فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ»۵۸ ! أم أينَ تُصرَفونَ ! أم بِماذا تَغتَرّونَ ! وإنّما حَظُّ أحَدِكُم مِنَ الأَرضِ ذاتِ الطّولِ وَالعَرضِ قيدُ ۵۹ قَدِّهِ ، مُتَعَفِّرا عَلى خَدِّهِ !
الآنَ عِبادَ اللّهِ وَالخِناقُ مُهمَلٌ ، وَالرّوحُ مُرسَلٌ ، في فَينَةِ ۶۰ الإِرشادِ ، وراحَةِ الأَجسادِ ، وباحَةِ الِاحتِشادِ ، ومَهَلِ البَقِيَّةِ ، واُنُفِ المَشِيَّةِ ، وإنظارِ التَّوبَةِ ، وَانفِساحِ الحَوبَةِ ۶۱ قَبلَ الضَّنكِ وَالمَضيقِ ، وَالرَّوعِ وَالزُّهوقِ ، وقَبلَ قُدومِ الغائِبِ المُنتَظَرِ ، وإخذَةِ العَزيزِ المُقتَدِرِ . ۶۲
1.الطَّوْل : الفَضل (النهاية : ج ۳ ص ۱۴۵ «طول») .
2.أي أوسَع عليكم . وعَيشٌ رافغٌ : أي واسع (النهاية : ج ۲ ص ۲۴۴ «رفغ») .
3.قال ابن أبي الحديد : تقول : حاط فلان كرْمَه : أي جعل عليه حائطاً ، فكأ نّه جعل الإحصاء والعدّ كالحائط المدار عليهم ؛ لأنّهم لا يبعدون منه ولا يخرجون عنه (شرح نهج البلاغة : ج ۶ ص ۲۴۵) .
4.أرصد : أعدّ (النهاية : ج ۲ ص ۲۲۶ «رصد») .
5.رَنِق : كَدِر (تاج العروس : ج ۱۳ ص ۱۷۷ «رنق») .
6.مكانٌ رَدِغٌ : أي وَحِلٌ . والردَغَة : السماء والطين والوَحَل الكَثِير الشديد (تاج العروس : ج ۱۲ ص ۲۰ «ردغ») .
7.قَمَص : أي نَفَر وأعرَض . يقال : قَمص الفَرس ؛ وهو أن يَنفر ويَرفع يديه ويَطرحهما معاً (النهاية : ج ۴ ص ۱۰۸ «قمص») .
8.الأوهاق : جمع وَهَق ؛ وهو حَبل كالطِّوَل تُشدّ به الإبل والخَيل ، لئلّا تَندَّ (النهاية : ج ۵ ص ۲۳۳ «وهق») .
9.يقال : اخترمهم وتَخرَّمَهم : أي اقتَطعهم واستأصلهم (النهاية : ج ۲ ص ۲۷ «خرم») .
10.أرسالاً : أي أفواجاً وفِرَقاً متقطّعة ، يتبع بعضهم بعضاً (النهاية : ج ۲ ص ۲۲۲ «رسل») .
11.أزِفَ : أي دنا وقَرُبَ (النهاية : ج ۱ ص ۴۵ «أزف») .
12.أوجرة السباع : جمع وِجار ؛ وهو جُحْرها الذي تأوي إليه (النهاية : ج ۵ ص ۱۵۶ «وجر») .
13.الإهطاع : الإسراع في العَدْو . وأهطَع : إذا مَدّ عنقَه ، وصَوّبَ رأسَه (النهاية : ج ۵ ص ۲۶۶ «هطل») .
14.الهَيْنَمة : الكلام الخَفيّ لا يُفهَم (النهاية : ج ۵ ص ۲۹۰ «هينم») .
15.ألجَمَ العَرَقُ: أي وصل إلى أفواههم، فيصير لهم بمنزلة اللِّجام يَمنَعهم عن الكلام (النهاية : ج ۴ ص ۲۳۴ «لجم»).
16.الرُّفات : الحُطام من كلّ شيء تكسّر (لسان العرب : ج ۲ ص ۳۴ «رفت») .
17.سُدَفُ الرِّيَب : ظُلَمها (النهاية : ج ۲ ص ۳۵۵ «سدف») .
18.التنجّز : طلب شيء قد وُعِدتَه (لسان العرب : ج ۵ ص ۴۱۴ «نجز») .
19.الأشلاء : جمع شلو ؛ وهو العضو ، وأراد عليه السلام بالأشلاء هاهنا الأعضاء الظاهرة ، و بالأعضاء : الجوارح الباطنة (شرح نهج البلاغة : ج ۶ ص ۲۵۸) .
20.أحناؤها : أي معاطفها (النهاية : ج ۱ ص ۴۵۵ «حنا») .
21.أرفاقها : منافعها ، يقال : هذا الأمر رَفيق بك أي نافِع (تاج العروس : ج ۱۳ ص ۱۶۹ «رفق») .
22.جلّل الشيء : عَمَّ (تاج العروس : ج ۱۴ ص ۱۱۸ «جلل») .
23.الخَلاق : الحظّ والنصِيب (النهاية : ج ۲ ص ۷۰ «خلق») .
24.الخِناق : الحَبل الذي يُخنَق به (لسان العرب : ج ۱۰ ص ۹۳ «خنق») .
25.أرهقه : أغشاه و أعجله (النهاية : ج ۲ ص ۲۸۳ «رهق») .
26.شذّبهم عنها : قطعهم وفرّقهم ، من تشذيب الشجرة ؛ وهو تقشيرها . وتخرّمت زيداً المنيّة استأصلته واقتطعته (شرح نهج البلاغة : ج ۶ ص ۲۶۰) .
27.اُ نُف : أي مستأنف استئنافاً ، واُنْفة الشيء : ابتداؤه (النهاية : ج ۱ ص ۷۵ «أنف») .
28.البَضاضة : رقّة اللون وصفاؤه الذي يؤثّر فيه أدنى شيء (النهاية : ج ۱ ص ۱۳۲ «بضض») .
29.الغَضارة : النِّعمة والخَير والسَّعة في العَيش والخِصب والبَهجة (تاج العروس : ج ۷ ص ۳۱۱ «غضر») .
30.العَلَز : خِفّة وهَلَع يُصيب الإنسان (النهاية : ج ۳ ص ۲۸۷ «علز») .
31.الجَرَض : أن تَبلغ الروحُ الحلقَ (النهاية : ج ۱ ص ۲۶۱ «جرض») .
32.عفا الأثر : بمعنى دَرَسَ وامَّحى (النهاية : ج ۳ ص ۲۶۶ «عفا») .
33.حَدَثان الدهر : نُوَبه وما يَحدث منه (لسان العرب : ج ۲ ص ۱۳۲ «حدث») .
34.القِدّة : الطريقة (لسان العرب : ج ۳ ص ۳۴۴ «قدد») .
35.دحض : زلق (النهاية : ج ۲ ص ۱۰۴ «دحض») .
36.الغرار : النوم القليل ، وقيل : هو القليل من النوم وغيره (لسان العرب : ج ۵ ص ۱۷ «غرر») .
37.الهواجر : جمع هاجِرة ؛ وهي نصف النهار عند اشتداد الحرّ (الصحاح : ج ۲ ص ۸۵۱ «هجر») .
38.أي : كَفّها ومَنَعها (النهاية : ج ۳ ص ۱۵۹ «ظلف») .
39.أي : حَرّكه مسرِعاً (النهاية : ج ۵ ص ۱۵۷ «وجف») .
40.تنكَّب عن الطريق : إذا عدل عنه . والمخالج : أي الطرق المتشعّبة عن الطريق الأعظم الواضح (النهاية : ج ۵ ص ۱۱۲ و ج ۲ ص ۵۹ «نكب») .
41.أي : تَشَمّر وجَدَّ (النهاية : ج ۴ ص ۲۰۰ «كمش») .
42.من النجوى ؛ وهو السِرّ ما بين الاثنين والجماعة (مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۷۵۶ «نجا») .
43.القرينة ـ هاهنا ـ : الإنسان الذي قارنه الشيطان ، ولفظه لفظ التأنيث ، وهو مذكّر . ويجوز أن يكون أراد بالقرينة النفس (شرح نهج البلاغة : ج ۶ ص ۲۶۸) .
44.الشُّغُف : جمع شَغافِ القلب ، وهو حجابُه ، فاستعارَه لموضِع الوَلد (النهاية : ج ۲ ص ۴۸۳ «شغف») .
45.نطفة دِهاقاً : أي نطفة قد اُفرغَت إفراغاً شديداً (النهاية : ج ۲ ص ۱۴۵ «دهق») .
46.سادراً : أي لاهِياً (النهاية : ج ۲ ص ۳۵۴ «سدر») .
47.الماتِح : المستقي من البئر بالدلوِ من أعلى البئر . والغَرْب : الدلو العظيمة التي تتّخذ من جلد ثور (النهاية : ج ۴ ص ۲۹۱ «متح» و ج ۳ ص ۳۴۹ «غرب») .
48.بَدوات : آراء تظهر للرجل فيختار بعضاً ويسقط بعض (تاج العروس : ج ۱۹ ص ۱۹۰ «بدو») .
49.الغَرير : المغرور (لسان العرب : ج ۵ ص ۱۳ «غرر») .
50.الغُبّر : جمع الغابِر ؛ أي الباقي (النهاية : ج ۳ ص ۳۳۸ «غبر») .
51.أي ضاربات . والالتدام : ضرب النساء وجوهَهنّ في النياحة (النهاية : ج ۴ ص ۲۴۵ «لدم») .
52.غَمرة كلّ شيء : منهَمَكهُ وشدَّته ، كغَمرةِ الهمّ والموت ونحوهما (لسان العرب : ج ۵ ص ۲۹ «غمر») .
53.المُبلِس : الساكت من الحزن أو الخوف . والإبلاس : الحيرة (النهاية : ج ۱ ص ۱۵۲ «بلس») .
54.الرجيع من الدوابّ : ما رَجَعْته من سفر إلى سفر ؛ وهَو الكالّ . والوَصَب : دوام الوَجَع ولزومه ، وقد يطلق على التعب والفتور في البَدن (لسان العرب : ج ۸ ص ۱۱۶ «رجع» و ج ۱ ص ۷۹۷ «وصب») .
55.النِّضْو : الدابّة التي أهزَلتها الأسفار ، وأذهبت لَحمها (النهاية : ج ۵ ص ۷۲ «نضو») .
56.سَوْرات : جمع سَوْرة ؛ أي شِدّة . وزَفرَت النار : سُمِع لتوقّدها صوت (تاج العروس : ج ۶ ص ۵۵۲ «سور» و ص ۴۶۵ «زفر») .
57.من حارَ يحور : إذا رجع (النهاية : ج ۱ ص ۴۵۹ «حور») .
58.الأنعام : ۹۵ وغيرها . وأفِكَهُ : أي صَرفَه عن الشيء وقَلَبَه (النهاية : ج ۱ ص ۵۶ «أفك») .
59.قِيد : أي قَدْر (النهاية : ج ۴ ص ۱۳۱ «قيد») .
60.الفَينَة : الحين والساعة (النهاية : ج ۳ ص ۴۸۶ «فين») .
61.الحَوْبة : الحاجَة (النهاية : ج ۱ ص ۴۵۵ «حوب») .
62.نهج البلاغة : الخطبة ۸۳ . وقال الشريف الرضي رحمه الله في ذيل الخطبة : وفي الخبر : أ نّه عليه السلام لمّا خطب بهذه الخطبة اقشعرّت لها الجلود ، وبكت العيون ، ورجفت القلوب . ومن الناس من يُسمّي هذه الخطبة : «الغَرّاء» .