۷۶۶.الإمام الباقر عليه السلامـ في قَولِهِ تَعالى :«يَـأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ»ـ: هِيَ الوِلايَةُ . ۱
۷۶۷.عنه عليه السلام :حَجَّ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله مِنَ المَدينَةِ ـ وقَد بَلَّغَ جمَيعَ الشَّرائِعِ قَومَهُ ، غَيرَ الحَجِّ وَالوِلايَةِ ـ فَأَتاهُ جَبرَئيلُ عليه السلام ، فَقالَ لَهُ : يا مُحَمَّدُ ، إنَّ اللّهَ جَلَّ اسمُهُ يُقرِئُكَ السَّلامَ ، ويَقولُ لَكَ : إنّي لَم أقبِض نَبِيّا مِن أنبِيائي ولا رَسولاً مِن رُسُلي إلّا بَعدَ إكمالِ ديني ، وتَأكيدِ حُجَّتي ، وقَد بَقِيَ عَلَيكَ مِن ذاكَ فرَيضَتانِ مِمّا تَحتاجُ أن تُبَلِّغَهُما قَومَكَ : فَريضَةُ الحَجِّ ، وفَريضَةُ الوِلايَةِ وَالخِلافَةِ مِن بَعدِكَ ؛ فَإِنّي لَم اُخلِ أرضي مِن حُجَّةٍ ، ولَن اُخلِيَها أبَدا . فَإِنَّ اللّهَ ـ جَلَّ ثَناؤُهُ ـ يَأمُرُكَ أن تُبَلِّغَ قَومَكَ الحَجَّ ، وتَحُجَّ ، ويَحُجَّ مَعَكَ مَنِ استَطاعَ إلَيهِ سَبيلاً مِن أهلِ الحَضَرِ وَالأَطرافِ وَالأَعرابِ ، وتُعَلِّمَهُم مِن مَعالِمِ حَجِّهِم مِثلَ ما عَلَّمتَهُم مِن صَلاتِهِم وزَكاتِهِم وصِيامِهِم ، وتوقِفَهُم مِن ذلِكَ عَلى مِثالِ الَّذي أوقَفتَهُم عَلَيهِ مِن جَميعِ ما بَلَّغتَهُم مِنَ الشَّرائِعِ .
فَنادى مُنادي رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله فِي النّاسِ : ألا إنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله يُريدُ الحَجَّ ، وأن يُعَلِّمَكُم مِن ذلِكَ مِثلَ الَّذي عَلَّمَكُم مِن شَرائِعِ دينِكُم ، ويوقِفَكُم مِن ذلِكَ عَلى ما أوقَفَكُم عَلَيهِ مِن غَيرِهِ .
فَخَرَجَ صلى الله عليه و آله ، وخَرَجَ مَعَهُ النّاسُ ، وأصغَوا إلَيهِ ؛ لِيَنظُروا ما يَصنَعُ فَيَصنَعوا مِثلَهُ . فَحَجَّ بِهِم ، وبَلَغَ مَن حَجَّ مَعَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ـ مِن أهلِ المَدينَةِ وأهلِ الأَطرافِ وَالأَعرابِ ـ سَبعينَ ألفَ إنسانٍ ، أو يَزيدونَ ، عَلى نَحوِ عَدَدِ أصحابِ موسَى السَّبعينَ ألفا ...
فَلَمّا وَقَفَ بِالمَوقِفِ أتاهُ جَبرَئيلُ عليه السلام عَنِ اللّهِ عزّوجلّ ، فَقالَ : يا مُحَمَّدُ ، إنَّ اللّهَ عزّوجلّ يُقرِئُكَ السَّلامَ ويَقولُ لَكَ : إنَّهُ قَد دَنا أجَلُكَ ومُدَّتُكَ ، وأنَا مُستَقدِمُكَ عَلى ما لابُدَّ مِنهُ ولا عَنهُ مَحيصٌ ، فَاعهَد عَهدَكَ ، وقَدِّمُ وَصِيَّتَكَ ، وَاعمِد إلى ما عِندَكَ ؛ مِنَ العِلمِ ، وميراثِ عُلومِ الأَنبِياءِ مِن قَبلِكَ ، وَالسِّلاحِ ، وَالتّابوتِ ، وجَميعِ ما عِندَكَ مِن آياتِ الأَنبِياءِ ، فَسَلِّمهُ إلى وَصِيِّكَ وخَليفَتِكَ مِن بَعدِكَ ؛ حُجَّتِي البالِغةِ عَلى خَلقي ؛ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ ، فَأَقِمهُ لَلنّاسِ عَلَما ، وجَدِّد عَهدَهُ وميثاقَهُ وبَيعَتَهُ ، وذَكِّرهُم ما أخَذتَ عَلَيهِم مِن بَيعَتي وميثاقِي الَّذي واثَقتَهُم بِهِ ، وعَهدِي الَّذي عَهِدتَ إلَيهِم ؛ مِن وِلايَةِ وَلِيّي ومَولاهُم ومَولى كُلِّ مَؤمِنٍ ومَؤمِنَةٍ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ ؛ فَإِنّي لَم أقبِض نَبِيّا مِنَ الأَنبِياءِ إلّا مِن بَعدِ إكمالِ ديني وحُجَّتي ، وإتمامِ نِعمَتي ؛ بِوِلايَةِ أولِيائي ، ومُعاداةِ أعدائي ، وذلِكَ كَمالُ تَوحيدي وديني .
وإتمامُ نِعمَتي عَلى خَلقي بِاتِّباعِ وَلِيّي وطاعَتِهِ ؛ وذلِكَ أنّي لا أترُكُ أرضي بِغَيرِ وَلِيٍّ ولا قَيِّمٍ ؛ لِيَكونَ حُجَّةً لي عَلى خَلقي فَ «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الْاءِسْلَـمَ دِينًا» بِوِلايَةِ وَلِيّي ومَولى كُلِّ مُؤمِنٍ ومُؤمِنَةٍ ؛ عَلِيٍّ عَبدي ، ووَصِيِّ نَبِيّي ، وَالخَليفَةِ مِن بَعدِهِ ، وحُجَّتِي البالِغَةِ عَلى خَلقي ، مَقرونَةٌ طاعَتُهُ بِطاعَةِ مُحَمَّدٍ نَبِيّي ، ومَقرونَةٌ طاعَتُهُ مَعَ طاعَةِ مُحَمَّدٍ بِطاعَتي ، مَن أطاعَهُ فَقَد أطاعَني ، ومَن عَصاهُ فَقَد عَصاني ، جَعَلتُهُ عَلَما بَيني وبَينَ خَلقي ... .
فَلَمّا بَلَغَ غَديرَ خُمِّ ـ قَبلَ الجُحفَةٍ بِثَلاثَةِ أميالٍ ـ أتاهُ جَبرَئيلُ عليه السلام ـ عَلى خَمسِ ساعاتٍ مَضَت مِنَ النَّهارِ ـ بِالزَّجرِ وَالاِنتِهارِ ، وَالعِصمَةِ مِنَ النّاسِ ! فَقالَ : يا مُحَمَّدُ ، إنَّ اللّهَ عزّوجلّ يُقرِئُكَ السَّلامَ ، ويَقولُ لَكَ : «يَـأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ» في عَلِيٍّ ، «وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ» . وكانَ أوائِلُهُم قَريبا مِنَ الجُحفَةِ ، فَأَمَرَهُ بِأَن يَرُدَّ مَن تَقَدَّمَ مِنهُم ، ويَحبِسَ منَ تَأَخَّرَ عَنهُم ، في ذلِكَ المَكانِ ؛ لِيُقيمَ عَلِيّا لِلنّاسِ عَلَما ، ويُبَلِّغَهُم ما أنزَلَ اللّهُ تَعالى في عَلِيٍّ عليه السلام ، وأخبَرَهُ بِأَنَّ اللّهَ عزّوجلّ قَد عَصَمَهُ مِن النّاسِ . ۲