۹۴۳.شرح نهج البلاغةـ في ذِكرِ قِصَّةِ السَّقيفَةِ ـ: لَمّا رَأَتِ الأَوسُ أنَّ رَئيسا مِن رُؤسَاءِ الخَزرَجِ قَد بايَعَ ، قامَ اُسَيدُ بنُ حُضَيرٍ ـ وهُوَ رَئيسُ الأَوسِ ـ فَبايَعَ حَسَدا لِسَعدٍ أيضا ، ومُنافَسَةً لَهُ أن يَلِيَ الأَمرَ ، فَبايَعَتِ الأَوسُ كُلُّها لَمّا بايَعَ اُسَيدٌ ، وحُمِلَ سَعدُ بنُ عُبادَة وهُوَ مَريضٌ ، فَاُدخِلَ إلى مَنزِلِهِ ، فَامتَنَعَ مِنَ البَيعَةِ في ذلِكَ اليَومِ وفيما بَعدَهُ ، وأرادَ عُمَرُ أن يُكرِهَهُ عَلَيها ، فَاُشيرَ عَلَيهِ ألّا يَفعَلَ ، وأنَّهُ لا يُبايِعَ حَتّى يُقتَلَ ، وأنَّهُ لا يُقتَلُ حَتّى يُقتَلَ أهلُهُ ، ولا يُقتَلُ أهلُهُ حَتّى يُقتَلَ الخَزرَجُ ، وإن حورِبَتِ الخَزرَجُ كانَتِ الأَوسُ مَعَها ، وفَسَدَ الأَمرُ . فَتَرَكوهُ ، فَكانَ لا يُصَلّي بِصَلاتِهِم ولا يُجَمِّعُ بِجَماعَتِهِم ولا يَقضي بِقَضائِهِم ، ولَو وَجَدَ أعوانا لَضارَبَهُم .
فَلَم يَزَل كَذلِكَ حَتّى ماتَ أبو بَكرٍ ، ثُمَّ لَقِيَ عُمَرَ في خِلافَتِهِ وهُوَ عَلى فَرَسٍ وعُمَرُ عَلى بَعيرٍ ، فَقالَ لَهُ عُمَرُ : هَيهاتَ يا سَعدُ ! فَقالَ سَعدٌ : هَيهاتَ يا عُمَرُ ! فَقالَ : أنتَ صاحِبُ مَن أنتَ صاحِبُهُ ؟ قالَ : نَعَم ، أنَا ذاكَ . ثُمَّ قالَ لِعُمَرَ : وَاللّهِ ما جاوَرَني أحَدٌ هُوَ أبغَضُ إلَيَّ جِوارا مِنكَ ! قالَ عُمَرُ : فَإِنَّهُ مَن كَرِهَ جِوارَ رَجُلٍ اِنتَقَلَ عَنهُ ، فَقالَ سَعدٌ : إنّي لَأَرجو أن اُخَلِّيَها لَكَ عاجِلاً إلى جِوارِ مَن هُوَ أحَبُّ إلَيَّ جِوارا مِنكَ ومِن أصحابِكَ .
فَلَم يَلبَث سَعدٌ بَعدَ ذلِكَ إلّا قَليلاً حَتّى خَرَجَ إلَى الشّامِ ، فَماتَ بِحَورانَ ۱ ولَم يُبايِع لِأَحَدٍ ؛ لا لِأَبي بَكرٍ ، ولا لِعُمَرَ ، ولا لِغَيرِهِما . ۲
۹۴۴.شرح نهج البلاغةـ في ذِكرِ قِصَّةِ السَّقيفَةِ ـ: ووَطِئَ النّاسُ فِراشَ سَعدٍ ، فَقيلَ : قَتَلتُم سَعدا ، فَقالَ عُمَرُ : قَتَلَ اللّهُ سَعدا ! فَوثَبَ رَجُلٌ مِنَ الأَنصارِ فَقالَ : أنَا جُذَيلُهَا المُحَكَّكُ وعُذَيقُهَا المُرَجَّبُ . فَاُخِذَ ووُطِئَ في بَطنِهِ ودَسّوا في فيهِ التُّرابَ . ۳